المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (97)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (97)]
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا عَبْد الْعَزِيز ) هُوَ أَبُو الْقَاسِم الْأُوَيْسِيّ , وَسُلَيْمَان هُوَ اِبْن بِلَال , وَعَمْرو بْن أَبِي عَمْرو هُوَ مَوْلَى الْمُطَّلِب بْن عَبْد اللَّه بْن حَنْطَب , وَاسْم أَبِي عَمْرو مَيْسَرَة. وَالْإِسْنَاد كُلّه مَدَنِيُّونَ. قَوْله : ( أَنَّهُ قَالَ : قِيلَ يَا رَسُول اللَّه ) كَذَا لِأَبِي ذَرّ وَكَرِيمَة. وَسَقَطَتْ "" قِيلَ "" لِلْبَاقِينَ وَهُوَ الصَّوَاب , وَلَعَلَّهَا كَانَتْ قُلْت فَتَصَحَّفَتْ , فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف فِي الرِّقَاق كَذَلِكَ , وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ , وَلِأَبِي نُعَيْمٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة قَالَ يَا رَسُول اللَّه. قَوْله : ( أَوَّل مِنْك ) وَقَعَ فِي رِوَايَتنَا بِرَفْعِ اللَّام وَنَصْبهَا , فَالرَّفْع عَلَى الصِّفَة لِأَحَدٍ أَوْ الْبَدَل مِنْهُ وَالنَّصْب عَلَى أَنَّهُ مَفْعُول ثَانٍ لِظَنَنْت قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاض , وَقَالَ أَبُو الْبَقَاء : عَلَى الْحَال , وَلَا يَضُرّ كَوْنه نَكِرَة لِأَنَّهَا فِي سِيَاق النَّفْي كَقَوْلِهِمْ مَا كَانَ أَحَد مِثْلك. و "" مَا "" فِي قَوْله "" لِمَا "" مَوْصُولَة و "" مِنْ "" بَيَانِيَّة أَوْ تَبْعِيضِيَّة , وَفِيهِ فَضْل أَبِي هُرَيْرَة وَفَضْل الْحِرْص عَلَى تَحْصِيل الْعِلْم. قَوْله : ( مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ) اِحْتِرَاز مِنْ الْمُشْرِك , وَالْمُرَاد مَعَ قَوْله مُحَمَّد رَسُول اللَّه , لَكِنْ قَدْ يُكْتَفَى بِالْجُزْءِ الْأَوَّل مِنْ كَلِمَتَيْ الشَّهَادَة لِأَنَّهُ صَارَ شِعَارًا لِمَجْمُوعِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِيمَان. قَوْله : ( خَالِصًا ) اِحْتِرَاز مِنْ الْمُنَافِق , وَمَعْنَى أَفْعَل فِي قَوْله "" أَسْعَد "" الْفِعْل لَا أَنَّهَا أَفْعَل التَّفْضِيل أَيْ : سَعِيد النَّاس , كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَأَحْسَنَ مَقِيلًا ) وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَفْعَل التَّفْضِيل عَلَى بَابهَا , وَأَنَّ كُلّ أَحَد يَحْصُل لَهُ سَعْد بِشَفَاعَتِهِ ; لَكِنَّ الْمُؤْمِن الْمُخْلِص أَكْثَر سَعَادَة بِهَا , فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْفَع فِي الْخَلْق لِإِرَاحَتِهِمْ مِنْ هَوْل الْمَوْقِف , وَيَشْفَع فِي بَعْض الْكُفَّار , بِتَخْفِيفِ الْعَذَاب كَمَا صَحَّ فِي حَقّ أَبِي طَالِب , وَيَشْفَع فِي بَعْض الْمُؤْمِنِينَ بِالْخُرُوجِ مِنْ النَّار بَعْد أَنْ دَخَلُوهَا , وَفِي بَعْضهمْ بِعَدَمِ دُخُولهَا بَعْد أَنْ اِسْتَوْجَبُوا دُخُولهَا , وَفِي بَعْضهمْ بِدُخُولِ الْجَنَّة بِغَيْرِ حِسَاب , وَفِي بَعْضهمْ بِرَفْعِ الدَّرَجَات فِيهَا. فَظَهَرَ الِاشْتِرَاك فِي السَّعَادَة بِالشَّفَاعَةِ وَأَنَّ أَسْعَدهمْ بِهَا الْمُؤْمِن الْمُخْلِص. وَاَللَّه أَعْلَم. قَوْله : ( مِنْ قَلْبه , أَوْ نَفْسه ) شَكّ مِنْ الرَّاوِي , وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الرِّقَاق "" خَالِصًا مِنْ قِبَل نَفْسه "" وَذَكَرَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيل التَّأْكِيد كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى : ( فَإِنَّهُ آثِم قَلْبه ) وَفِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى اِشْتِرَاط النُّطْق بِكَلِمَتَيْ الشَّهَادَة لِتَعْبِيرِهِ بِالْقَوْلِ فِي قَوْله : "" مَنْ قَالَ "".