المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (93)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (93)]
حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَارُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ وَإِذَا أَتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلَاثًا
قَوْله : ( إِذَا تَكَلَّمَ ) قَالَ الْكَرْمَانِيّ : مِثْل هَذَا التَّرْكِيب يُشْعِر بِالِاسْتِمْرَارِ عِنْد الْأُصُولِيِّينَ. قَوْله : ( بِكَلِمَةٍ ) أَيْ : بِجُمْلَةٍ مُفِيدَة. قَوْله : ( أَعَادَهَا ثَلَاثًا ) قَدْ بَيَّنَ الْمُرَاد بِذَلِكَ فِي نَفْس الْحَدِيث بِقَوْلِهِ : "" حَتَّى تُفْهَم عَنْهُ "" وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك "" حَتَّى تُعْقَل عَنْهُ "". وَوَهَمَ الْحَاكِم فِي اِسْتِدْرَاكه وَفِي دَعْوَاهُ أَنَّ الْبُخَارِيّ لَمْ يُخَرِّجهُ , وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : حَسَن صَحِيح غَرِيب , إِنَّمَا نَعْرِفهُ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن الْمُثَنَّى. اِنْتَهَى. وَعَبْد اللَّه بْن الْمُثَنَّى مِمَّنْ تَفَرَّدَ الْبُخَارِيّ بِإِخْرَاجِ حَدِيثه دُون مُسْلِم وَقَدْ وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ وَالتِّرْمِذِيّ , وَقَالَ أَبُو زُرْعَة وَأَبُو حَاتِم : صَالِح , وَقَالَ اِبْن أَبِي خَيْثَمَة عَنْ اِبْن مَعِين : لَيْسَ بِشَيْءٍ , وَقَالَ النَّسَائِيُّ : لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قُلْت : لَعَلَّهُ أَرَادَ فِي بَعْض حَدِيثه , وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْبُخَارِيّ حَيْثُ يُخَرِّج لِبَعْضِ مَنْ فِيهِ مَقَال لَا يُخَرِّج شَيْئًا مِمَّا أُنْكِرَ عَلَيْهِ. وَقَوْل اِبْن مَعِين لَيْسَ بِشَيْءٍ أَرَادَ بِهِ فِي حَدِيث بِعَيْنِهِ سُئِلَ عَنْهُ , وَقَدْ قَوَّاهُ فِي رِوَايَة إِسْحَاق بْن مَنْصُور عَنْهُ. وَفِي الْجُمْلَة فَالرَّجُل إِذَا ثَبَتَتْ عَدَالَته لَمْ يُقْبَل فِيهِ الْجَرْح إِلَّا إِذَا كَانَ مُفَسَّرًا بِأَمْرٍ قَادِح , وَذَلِكَ غَيْر مَوْجُود فِي عَبْد اللَّه بْن الْمُثَنَّى هَذَا. وَقَدْ قَالَ اِبْن حِبَّان لَمَّا ذَكَرَهُ فِي الثِّقَات : رُبَّمَا أَخْطَأَ. وَاَلَّذِي أُنْكِرَ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ رِوَايَته عَنْ غَيْر عَمّه ثُمَامَة , وَالْبُخَارِيّ إِنَّمَا أَخْرَجَ لَهُ عَنْ عَمّه هَذَا الْحَدِيث وَغَيْره , وَلَا شَكَّ أَنَّ الرَّجُل أَضْبَط لِحَدِيثِ آل بَيْته مِنْ غَيْره , وَقَالَ اِبْن الْمُنِير : نَبَّهَ الْبُخَارِيّ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة عَلَى الرَّدّ عَلَى مَنْ كَرِهَ إِعَادَة الْحَدِيث , وَأَنْكَرَ عَلَى الطَّالِب الِاسْتِعَادَة وَعَدَّهُ مِنْ الْبَلَادَة , قَالَ : وَالْحَقّ أَنَّ هَذَا يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الْقَرَائِح , فَلَا عَيْب عَلَى الْمُسْتَفِيد الَّذِي لَا يَحْفَظ مِنْ مَرَّة إِذَا اِسْتَعَادَ , وَلَا عُذْر لِلْمُفِيدِ إِذَا لَمْ يُعِدْ بَلْ الْإِعَادَة عَلَيْهِ آكَد مِنْ الِابْتِدَاء ; لِأَنَّ الشُّرُوع مُلْزِم. وَقَالَ اِبْن التِّين : فِيهِ أَنَّ الثَّلَاث غَايَة مَا يَقَع بِهِ الِاعْتِذَار وَالْبَيَان قَوْله : ( وَإِذَا أَتَى عَلَى قَوْم ) أَيْ : وَكَانَ إِذَا أَتَى. قَوْله : ( فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ) هُوَ مِنْ تَتِمَّة الشَّرْط , وَقَوْله سَلَّمَ عَلَيْهِمْ هُوَ الْجَوَاب , قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ : يُشْبِه أَنْ يَكُون ذَلِكَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ سَلَام الِاسْتِئْذَان عَلَى مَا رَوَاهُ أَبُو مُوسَى وَغَيْره , وَأَمَّا أَنْ يَمُرّ الْمَارّ مُسَلِّمًا فَالْمَعْرُوف عَدَم التَّكْرَار. قُلْت : وَقَدْ فَهِمَ الْمُصَنِّف هَذَا بِعَيْنِهِ فَأَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيث مَقْرُونًا بِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى فِي قِصَّته مَعَ عُمَر كَمَا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِئْذَان , لَكِنْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ كَانَ يَقَع أَيْضًا مِنْهُ إِذَا خَشِيَ أَنَّهُ لَا يُسْمَع سَلَامه. وَمَا اِدَّعَاهُ الْكَرْمَانِيُّ مِنْ أَنَّ الصِّيغَة الْمَذْكُورَة تُفِيد الِاسْتِمْرَار مِمَّا يُنَازَع فِيهِ. وَاَللَّه أَعْلَم.