المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (90)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (90)]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا فَلَمَّا أُكْثِرَ عَلَيْهِ غَضِبَ ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ قَالَ رَجُلٌ مَنْ أَبِي قَالَ أَبُوكَ حُذَافَةُ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَلَاء ) تَقَدَّمَ هَذَا الْإِسْنَاد فِي : "" بَاب فَضْل مَنْ عَلِمَ وَعَلَّمَ "". قَوْله : ( سُئِلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاء ) كَانَ مِنْهَا السُّؤَال عَنْ السَّاعَة وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِل كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس فِي تَفْسِير الْمَائِدَة. قَوْله : ( قَالَ رَجُل ) هُوَ عَبْد اللَّه بْن حُذَافَة بِضَمِّ أَوَّله وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَالْفَاء الْقُرَشِيّ السَّهْمِيّ كَمَا سَمَّاهُ فِي حَدِيث أَنَس الْآتِي. قَوْله : ( فَقَامَ آخَر ) هُوَ سَعْد بْن سَالِم مَوْلَى شَيْبَة بْن رَبِيعَة , سَمَّاهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ فِي التَّمْهِيد فِي تَرْجَمَة سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح مِنْهُ , وَأَغْفَلَهُ فِي الِاسْتِيعَاب , وَلَمْ يَظْفَر بِهِ أَحَد مِنْ الشَّارِحِينَ وَلَا مَنْ صَنَّفَ فِي الْمُبْهَمَات وَلَا فِي أَسْمَاء الصَّحَابَة , وَهُوَ صَحَابِيّ بِلَا مِرْيَة لِقَوْلِهِ : "" فَقَالَ مَنْ أَبِي يَا رَسُول اللَّه "" وَوَقَعَ فِي تَفْسِير مُقَاتِل فِي نَحْو هَذِهِ الْقِصَّة أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْد الدَّار قَالَ : مَنْ أَبِي ؟ قَالَ : سَعْد , نَسَبَهُ إِلَى غَيْر أَبِيهِ بِخِلَافِ اِبْن حُذَافَة , وَسَيَأْتِي مَزِيد لِهَذَا فِي تَفْسِير سُورَة الْمَائِدَة. قَوْله : ( فَلَمَّا رَأَى عُمَر ) هُوَ اِبْن الْخَطَّاب ( مَا فِي وَجْهه ) أَيْ : مِنْ الْغَضَب ( قَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنَّا نَتُوب إِلَى اللَّه ) أَيْ : مِمَّا يُوجِب غَضَبك. وَفِي حَدِيث أَنَس الْآتِي بَعْد أَنَّ عُمَر بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ : رَضِينَا بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا. وَالْجَمْع بَيْنهمَا ظَاهِر بِأَنَّهُ قَالَ جَمِيع ذَلِكَ , فَنَقَلَ كُلّ مِنْ الصَّحَابِيَّيْنِ مَا حَفِظَ , وَدَلَّ عَلَى اِتِّحَاد الْمَجْلِس اِشْتِرَاكهمَا فِي نَقْل قِصَّة عَبْد اللَّه بْن حُذَافَة. ( تَنْبِيه ) : قَصَرَ الْمُصَنِّف الْغَضَب عَلَى الْمَوْعِظَة وَالتَّعْلِيم دُون الْحُكْم لِأَنَّ الْحَاكِم مَأْمُور أَنْ لَا يَقْضِي وَهُوَ غَضْبَان , وَالْفَرْق أَنَّ الْوَاعِظ مِنْ شَأْنه أَنْ يَكُون فِي صُورَة الْغَضْبَان لِأَنَّ مَقَامه يَقْتَضِي تَكَلُّف الِانْزِعَاج لِأَنَّهُ فِي صُورَة الْمُنْذِر , وَكَذَا الْمُعَلِّم إِذَا أَنْكَرَ عَلَى مَنْ يَتَعَلَّم مِنْهُ سُوء فَهْم وَنَحْوه لِأَنَّهُ قَدْ يَكُون أَدْعَى لِلْقَبُولِ مِنْهُ , وَلَيْسَ ذَلِكَ لَازِمًا فِي حَقّ كُلّ أَحَد بَلْ يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ أَحْوَال الْمُتَعَلِّمِينَ , وَأَمَّا الْحَاكِم فَهُوَ بِخِلَافِ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي بَابه. فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ قَضَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي حَال غَضَبه حَيْثُ قَالَ : أَبُوك فُلَان. فَالْجَوَاب أَنْ يُقَال : أَوَّلًا لَيْسَ هَذَا مِنْ بَاب الْحُكْم , وَعَلَى تَقْدِيره فَيُقَال : هَذَا مِنْ خُصُوصِيَّاته لِمَحَلِّ الْعِصْمَة , فَاسْتَوَى غَضَبه وَرِضَاهُ. وَمُجَرَّد غَضَبه مِنْ الشَّيْء دَالّ عَلَى تَحْرِيمه أَوْ كَرَاهَته , بِخِلَافِ غَيْره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.