موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (75)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (75)]

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو مُسْهِرٍ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ ‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏الزُّبَيْدِيُّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الزُّهْرِيِّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏عَقَلْتُ مِنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مَجَّةً ‏ ‏مَجَّهَا ‏ ‏فِي وَجْهِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ ‏


‏ ‏قَوْله : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يُوسُف ) ‏ ‏هُوَ الْبِيكَنْدِيّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْره , وَأَمَّا الْفِرْيَابِيّ فَلَيْسَتْ لَهُ رِوَايَة عَنْ أَبِي مُسْهِر , وَكَانَ أَبُو مُسْهِر شَيْخ الشَّامِيِّينَ فِي زَمَانه وَقَدْ لَقِيَهُ الْبُخَارِيّ وَسَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا يَسِيرًا , وَحَدَّثَ عَنْهُ هُنَا بِوَاسِطَةٍ , وَذَكَرَ اِبْن الْمُرَابِط فِيمَا نَقَلَهُ اِبْن رَشِيد عَنْهُ أَنَّ أَبَا مُسْهِر تَفَرَّدَ بِرِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيث عَنْ مُحَمَّد بْن حَرْب. وَلَيْسَ كَمَا قَالَ اِبْن الْمُرَابِط فَإِنَّ النَّسَائِيَّ رَوَاهُ فِي السُّنَن الْكُبْرَى عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُصَفَّى عَنْ مُحَمَّد بْن حَرْب. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَل مِنْ رِوَايَة مُحَمَّد بْن جَوْصَاء - وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيم وَالصَّاد الْمُهْمَلَة - عَنْ سَلَمَة بْن الْخَلِيل وَأَبِي التَّقِيّ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة وَكَسْر الْقَاف كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّد بْن حَرْب. فَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَة غَيْر أَبِي مُسْهِر رَوَوْهُ عَنْ مُحَمَّد بْن حَرْب فَكَأَنَّهُ الْمُتَفَرِّد بِهِ عَنْ الزُّبَيْدِيّ , وَهَذَا الْإِسْنَاد إِلَى الزُّهْرِيّ شَامِيُّونَ. وَقَدْ دَخَلَهَا هُوَ وَشَيْخه مَحْمُود بْن الرَّبِيع بْن سُرَاقَة بْن عَمْرو الْأَنْصَارِيّ الْخَزْرَجِيّ وَحَدِيثه هَذَا طَرَف مِنْ حَدِيثه عَنْ عِتْبَانِ بْن مَالِك الْآتِي فِي الصَّلَاة مِنْ رِوَايَة صَالِح بْن كَيْسَانَ وَغَيْره عَنْ الزُّهْرِيّ. وَفِي الرِّقَاق مِنْ طَرِيق مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ أَخْبَرَنِي مَحْمُود. ‏ ‏قَوْله : ( عَقَلْت ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْقَاف أَيْ : حَفِظْت. ‏ ‏قَوْله : ( مَجَّة ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْمِيم وَتَشْدِيد الْجِيم , وَالْمَجّ هُوَ إِرْسَال الْمَاء مِنْ الْفَم , وَقِيلَ لَا يُسَمَّى مَجًّا إِلَّا إِنْ كَانَ عَلَى بُعْد. وَفَعَلَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ مَحْمُود إِمَّا مُدَاعَبَة مِنْهُ , أَوْ لِيُبَارَك عَلَيْهِ بِهَا كَمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنه مَعَ أَوْلَاد الصَّحَابَة. ‏ ‏قَوْله : ( وَأَنَا اِبْن خَمْس سِنِينَ ) ‏ ‏لَمْ أَرَ التَّقْيِيد بِالسِّنِّ عِنْد تَحَمُّله فِي شَيْء مِنْ طُرُقه لَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَا فِي غَيْرهمَا مِنْ الْجَوَامِع وَالْمَسَانِيد إِلَّا فِي طَرِيق الزُّبَيْدِيّ هَذِهِ , وَالزُّبَيْدِيّ مِنْ كِبَار الْحُفَّاظ الْمُتْقِنِينَ عَنْ الزُّهْرِيّ حَتَّى قَالَ الْوَلِيد بْن مُسْلِم : كَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يُفَضِّلهُ عَلَى جَمِيع مَنْ سَمِعَ مِنْ الزُّهْرِيّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ : لَيْسَ فِي حَدِيثه خَطَأ. وَقَدْ تَابَعَهُ عَبْد الرَّحْمَن بْن نَمِر عَنْ الزُّهْرِيّ لَكِنَّ لَفْظه عِنْد الطَّبَرَانِيّ وَالْخَطِيب فِي الْكِفَايَة مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّحْمَن بْن نَمِر - وَهُوَ بِفَتْحِ النُّون وَكَسْر الْمِيم - عَنْ الزُّهْرِيّ وَغَيْره قَالَ : حَدَّثَنِي مَحْمُود بْن الرَّبِيع , وَتُوُفِّيَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ اِبْن خَمْس سِنِينَ , فَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَة أَنَّ الْوَاقِعَة الَّتِي ضَبَطَهَا كَانَتْ فِي آخِر سَنَة مِنْ حَيَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ ذَكَرَ اِبْن حِبَّان وَغَيْره أَنَّهُ مَاتَ سَنَة تِسْع وَتِسْعِينَ وَهُوَ اِبْن أَرْبَع وَتِسْعِينَ سَنَة وَهُوَ مُطَابِق لِهَذِهِ الرِّوَايَة. وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاض فِي الْإِلْمَاع وَغَيْره أَنَّ فِي بَعْض الرِّوَايَات أَنَّهُ كَانَ اِبْن أَرْبَع , وَلَمْ أَقِف عَلَى هَذَا صَرِيحًا فِي شَيْء مِنْ الرِّوَايَات بَعْد التَّتَبُّع التَّامّ , إِلَّا إِنْ كَانَ ذَلِكَ مَأْخُوذًا مِنْ قَوْل صَاحِب الِاسْتِيعَاب إِنَّهُ عَقَلَ الْمَجَّة وَهُوَ اِبْن أَرْبَع سِنِينَ أَوْ خَمْس , وَكَانَ الْحَامِل لَهُ عَلَى هَذَا التَّرَدُّد قَوْل الْوَاقِدِيّ إِنَّهُ كَانَ اِبْن ثَلَاث وَتِسْعِينَ لَمَّا مَاتَ , وَالْأَوَّل أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ لِصِحَّةِ إِسْنَاده , عَلَى أَنَّ قَوْل الْوَاقِدِيّ يُمْكِن حَمْله إِنْ صَحَّ عَلَى أَنَّهُ أَلْغَى الْكَسْر وَجَبَرَهُ غَيْره. وَاَللَّه أَعْلَم. وَإِذَا تَحَرَّرَ هَذَا فَقَدْ اِعْتَرَضَ الْمُهَلَّب عَلَى الْبُخَارِيّ لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْكُر هُنَا حَدِيث اِبْن الزُّبَيْر فِي رُؤْيَته وَالِده يَوْم بَنِي قُرَيْظَة وَمُرَاجَعَته لَهُ فِي ذَلِكَ , فَفِيهِ السَّمَاع مِنْهُ وَكَانَ سِنّه إِذْ ذَاكَ ثَلَاث سِنِينَ أَوْ أَرْبَعًا , فَهُوَ أَصْغَر مِنْ مَحْمُود. وَلَيْسَ فِي قِصَّة مَحْمُود ضَبْطه لِسَمَاعِ شَيْء فَكَانَ ذِكْر حَدِيث اِبْن الزُّبَيْر أَوْلَى لِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ. وَأَجَابَ اِبْن الْمُنِير بِأَنَّ الْبُخَارِيّ إِنَّمَا أَرَادَ نَقْل السُّنَن النَّبَوِيَّة لَا الْأَحْوَال الْوُجُودِيَّة , وَمَحْمُود نَقَلَ سُنَّة مَقْصُودَة فِي كَوْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجَّ مَجَّة فِي وَجْهه , بَلْ فِي مُجَرَّد رُؤْيَته إِيَّاهُ فَائِدَة شَرْعِيَّة تُثْبِت كَوْنه صَحَابِيًّا. وَأَمَّا قِصَّة اِبْن الزُّبَيْر فَلَيْسَ فِيهَا نَقْل سُنَّة مِنْ السُّنَن النَّبَوِيَّة حَتَّى تَدْخُل فِي هَذَا الْبَاب. ثُمَّ أَنْشَدَ ‏ ‏وَصَاحِب الْبَيْت أَدْرَى بِاَلَّذِي فِيهِ ‏ ‏اِنْتَهَى. وَهُوَ جَوَاب مُسَدَّد. وَتَكْمِلَته مَا قَدَّمْنَاهُ قَبْل أَنَّ الْمَقْصُود بِلَفْظِ السَّمَاع فِي التَّرْجَمَة هُوَ أَوْ مَا يُنَزَّل مَنْزِلَته مِنْ نَقْل الْفِعْل أَوْ التَّقْرِير , وَغَفَلَ الْبَدْر الزَّرْكَشِيّ فَقَالَ : يَحْتَاج الْمُهَلَّب إِلَى ثُبُوت أَنَّ قِصَّة اِبْن الزُّبَيْر صَحِيحَة عَلَى شَرْط الْبُخَارِيّ. اِنْتَهَى. وَالْبُخَارِيّ قَدْ أَخْرَجَ قِصَّة اِبْن الزُّبَيْر الْمَذْكُورَة فِي مَنَاقِب الزُّبَيْر فِي الصَّحِيح , فَالْإِيرَاد مُوَجَّه وَقَدْ حَصَلَ جَوَابه. وَالْعَجَب مِنْ مُتَكَلِّم عَلَى كِتَاب يَغْفُل عَمَّا وَقَعَ فِيهِ فِي الْمَوَاضِع الْوَاضِحَة وَيَعْتَرِضهَا بِمَا يُؤَدِّي إِلَى نَفْي وُرُودهَا فِيهِ. ‏ ‏قَوْله : ( مِنْ دَلْو ) ‏ ‏زَادَ النَّسَائِيُّ : "" مُعَلَّق "" وَلِابْنِ حِبَّان "" مُعَلَّقَة "" وَالدَّلْو يُذَكَّر وَيُؤَنَّث. وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الرِّقَاق مِنْ رِوَايَة مَعْمَر "" مِنْ دَلْو كَانَتْ فِي دَارِهِمْ "" وَلَهُ فِي الطَّهَارَة وَالصَّلَاة وَغَيْرهمَا : "" مِنْ بِئْر "" بَدَل دَلْو , وَيُجْمَع بَيْنهمَا بِأَنَّ الْمَاء أُخِذَ بِالدَّلْوِ مِنْ الْبِئْر وَتَنَاوَلَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الدَّلْو. وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد غَيْر مَا تَقَدَّمَ جَوَاز إِحْضَار الصِّبْيَان مَجَالِس الْحَدِيث وَزِيَارَة الْإِمَام أَصْحَابه فِي دُورهمْ وَمُدَاعَبَته صِبْيَانهمْ , وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضهمْ عَلَى تَسْمِيع مَنْ يَكُون اِبْن خَمْس , وَمَنْ كَانَ دُونهَا يُكْتَب لَهُ حُضُور. وَلَيْسَ فِي الْحَدِيث وَلَا فِي تَبْوِيب الْبُخَارِيّ مَا يَدُلّ عَلَيْهِ بَلْ الَّذِي يَنْبَغِي فِي ذَلِكَ اِعْتِبَار الْفَهْم , فَمَنْ فَهِمَ الْخِطَاب سَمِعَ وَإِنْ كَانَ دُون اِبْن خَمْس وَإِلَّا فَلَا , وَقَالَ اِبْن رَشِيد : الظَّاهِر أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِتَحْدِيدِ الْخَمْس أَنَّهَا مَظِنَّة لِذَلِكَ , لَا أَنَّ بُلُوغهَا شَرْط لَا بُدّ مِنْ تَحَقُّقه , وَاَللَّه أَعْلَم. وَقَرِيب مِنْهُ ضَبْط الْفُقَهَاء سِنّ التَّمْيِيز بِسِتٍّ أَوْ سَبْع , وَالْمُرَجَّح أَنَّهَا مَظِنَّة لَا تَحْدِيد. وَمِنْ أَقْوَى مَا يُتَمَسَّك بِهِ فِي أَنَّ الْمَرَدّ فِي ذَلِكَ إِلَى الْفَهْم فَيَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاص مَا أَوْرَدَهُ الْخَطِيب مِنْ طَرِيق أَبِي عَاصِم قَالَ : ذَهَبْت بِابْنِي - وَهُوَ اِبْن ثَلَاث سِنِينَ - إِلَى اِبْن جُرَيْجٍ فَحَدَّثَهُ , قَالَ أَبُو عَاصِم : وَلَا بَأْس بِتَعْلِيمِ الصَّبِيّ الْحَدِيث وَالْقُرْآن وَهُوَ فِي هَذَا السِّنّ , يَعْنِي إِذَا كَانَ فَهِمًا. وَقِصَّة أَبِي بَكْر بْن الْمُقْرِي الْحَافِظ فِي تَسْمِيعه لِابْنِ أَرْبَع بَعْد أَنْ اِمْتَحَنَهُ بِحِفْظِ سُوَر مِنْ الْقُرْآن مَشْهُورَة. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!