المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (7007)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (7007)]
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يُحَدِّثُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إِلَى فُوقِهِ قِيلَ مَا سِيمَاهُمْ قَالَ سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ أَوْ قَالَ التَّسْبِيدُ
قَوْله ( عَنْ مَعْبَد بْن سِيرِينَ ) هُوَ أَخُو مُحَمَّد وَهُوَ أَكْبَر مِنْهُ وَالسَّنَد كُلّه بَصْرِيُّونَ إِلَّا الصَّحَابِيّ وَقَدْ دَخَلَ الْبَصْرَة. قَوْله ( يَخْرُج نَاس مِنْ قِبَل الْمَشْرِق ) تَقَدَّمَ فِي "" كِتَاب الْفِتَن "" أَنَّهُمْ الْخَوَارِج وَبَيَان مَبْدَأ أَمْرهمْ وَمَا وَرَدَ فِيهِمْ , وَكَانَ اِبْتِدَاء خُرُوجهمْ فِي الْعِرَاق وَهِيَ مِنْ جِهَة الْمَشْرِق بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَكَّة الْمُشَرَّفَة. قَوْله ( لَا يُجَاوِز تَرَاقِيهمْ ) جَمْع تَرْقُوَة بِفَتْحِ أَوَّله وَسُكُون الرَّاء وَضَمّ الْقَاف وَفَتْح الْوَاو وَهِيَ الْعَظْم الَّذِي بَيْن نَقْرَة النَّحْر وَالْعَاتِق , وَذَكَرَهُ فِي التَّرْجَمَة بِلَفْظِ "" حَنَاجِرهمْ "" جَمْع حَنْجَرَة وَهِيَ الْحُلْقُوم , وَتَقَدَّمَ بَيَان الْحُلْقُوم فِي أَوَاخِر "" كِتَاب الْعِلْم "" وَقَدْ رَوَاهُ عَبْد الرَّحْمَن اِبْن أَبِي نُعْم عَنْ أَبِي سَعِيد بِلَفْظِ حَنَاجِرهمْ , وَتَقَدَّمَ فِي بَاب قَوْله تَعَالَى ( تَعْرُج الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ) مِنْ "" كِتَاب التَّوْحِيد "". قَوْله ( قِيلَ مَا سِيمَاهُمْ ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة أَيْ عَلَامَتهمْ وَالسَّائِل عَنْ ذَلِكَ لَمْأَقِفْ عَلَى تَعْيِينِهِ. قَوْله ( التَّحْلِيق أَوْ قَالَ التَّسْبِيد ) شَكّ مِنْ الرَّاوِي وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَة بِمَعْنَى التَّحْلِيق , وَقِيلَ أَبْلَغ مِنْهُوَهُوَ بِمَعْنَى الِاسْتِئْصَال وَقِيلَ إِنْ نَبَتَ بَعْد أَيَّام وَقِيلَ هُوَ تَرْك دَهْن الشَّعْر وَغَسْله , قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فِيهِ إِشْكَال وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَم مِنْ وُجُود الْعَلَامَة وُجُود ذِي الْعَلَامَة فَيَسْتَلْزِم أَنَّ كُلّ مَنْ كَانَ مَحْلُوق الرَّأْس فَهُوَ مِنْ الْخَوَارِج وَالْأَمْر بِخِلَافِ ذَلِكَ اِتِّفَاقًاثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ السَّلَف كَانُوا لَا يَحْلِقُونَ رُءُوسهمْ إِلَّا لِلنُّسُكِ أَوْ فِي الْحَاجَة , وَالْخَوَارِج اِتَّخَذُوهُ دَيْدَنًا فَصَارَ شِعَارًا لَهُمْ وَعُرِفُوا بِهِ قَالَ وَيَحْتَمِل أَنْيُرَاد بِهِ حَلْق الرَّأْس وَاللِّحْيَة وَجَمِيع شُعُورهمْ وَأَنْ يُرَاد بِهِ الْإِفْرَاط فِي الْقَتْل وَالْمُبَالَغَة فِي الْمُخَالَفَة فِي أَمْر الدِّيَانَة. قُلْت : الْأَوَّل بَاطِل ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقَع مِنْ الْخَوَارِج وَالثَّانِي مُحْتَمَل لَكِنَّ طُرُق الْحَدِيث الْمُتَكَاثِرَة كَالصَّرِيحَةِ فِي إِرَادَة حَلْق الرَّأْس , وَالثَّالِث كَالثَّانِي وَاللَّهُ أَعْلَم. ( تَنْبِيهٌ ) : وَقَعَ لِابْنِ بَطَّال فِي وَصْف الْخَوَارِج خَبْط أَرَدْت التَّنْبِيه عَلَيْهِ لِئَلَّا يَغْتَرّ بِهِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ : يُمْكِن أَنْ يَكُون هَذَا الْحَدِيث فِي قَوْم عَرَفَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَحْيِ أَنَّهُمْ خَرَجُوا بِبِدْعَتِهِمْ عَنْ الْإِسْلَام إِلَى الْكُفْر وَهُمْ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيّ بِالنَّهْرَوَانِ حِين قَالُوا إِنَّك رَبّنَا فَاغْتَاظَ عَلَيْهِمْ وَأَمَرَ بِهِمْ فَحُرِّقُوا بِالنَّارِ فَزَادَهُمْ ذَلِكَ فِتْنَة وَقَالُوا الْآن تَيَقَّنَّا أَنَّكرَبّنَا إِذْ لَا يُعَذِّب بِالنَّارِ إِلَّا اللَّه اِنْتَهَى , وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْقِصَّة لِعَلِيٍّ فِي الْفِتَن وَلَيْسَتْ لِلْخَوَارِجِ وَإِنَّمَا هِيَ لِلزَّنَادِقَةِ كَمَا وَقَعَمُصَرَّحًا بِهِ فِي بَعْض طُرُقه , وَوَقَعَ فِي شَرْح الْوَجِيز لِلرَّافِعِيِّ عِنْد ذِكْر الْخَوَارِج قَالَ هُمْ فِرْقَة مِنْ الْمُبْتَدِعَة خَرَجُوا عَلَى عَلِيّ حَيْثُ اِعْتَقَدُوا أَنَّهُ يَعْرِف قَتَلَة عُثْمَان وَيَقْدِر عَلَيْهِمْ وَلَا يَقْتَصّ مِنْهُمْ لِرِضَاهُ بِقَتْلِهِ وَمُوَاطَأَته إِيَّاهُمْ , وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ مَنْ أَتَى كَبِيرَة فَقَدْ كَفَرَ وَاسْتَحَقَّ الْخُلُود فِي النَّار وَيَطْعَنُونَ لِذَلِكَ فِي الْأَئِمَّة اِنْتَهَى , وَلَيْسَ الْوَصْف الْأَوَّل فِي كَلَامه وَصْف الْخَوَارِج الْمُبْتَدِعَة وَإِنَّمَا هُوَ وَصْف النَّوَاصِب أَتْبَاع مُعَاوِيَة بِصِفِّين , وَأَمَّا الْخَوَارِج فَمِنْ مُعْتَقَدِهِمْ تَكْفِيرُ عُثْمَان وَأَنَّهُقُتِلَ بِحَقٍّ , وَلَمْ يَزَالُوا مَعَ عَلِيّ حَتَّى وَقَعَ التَّحْكِيم بِصِفِّين فَأَنْكَرُوا التَّحْكِيم وَخَرَجُوا عَلَى عَلِيّ وَكَفَّرُوهُ , وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْل فِيهِمْ مَبْسُوطًا فِي "" كِتَاب الْفِتَن "".