موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (6978)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (6978)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏جَرِيرٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْأَعْمَشِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي وَائِلٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ ‏ ‏قَالَ قَالَ ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ ‏ ‏قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ ‏ ‏أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ قَالَ ثُمَّ أَيْ قَالَ ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ قَالَ ثُمَّ أَيْ قَالَ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهَا ‏ { ‏وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ ‏} ‏الْآيَةَ ‏


حَدِيث ‏ ‏"" عَبْد اللَّه "" ‏ ‏هُوَ اِبْن مَسْعُود ‏ ‏"" أَيّ الذَّنْب أَكْبَر "" ‏ ‏تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي بَاب قَوْله تَعَالَى ( فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا ) وَزَادَ فِي آخِره هُنَا فَأَنْزَلَ اللَّه تَصْدِيقهَا ( وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر ) إِلَى آخِر الْآيَة وَمُنَاسَبَته لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ التَّبْلِيغ عَلَى نَوْعَيْنِ : ‏ ‏أَحَدهمَا : وَهُوَ الْأَصْل أَنْ يُبَلِّغهُ بِعَيْنِهِ وَهُوَ خَاصّ بِمَا يُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ وَهُوَ الْقُرْآن , ‏ ‏وَثَانِيهمَا : أَنْ يُبَلِّغ مَا يُسْتَنْبَط مِنْ أُصُول مَا تَقَدَّمَ إِنْزَاله فَيَنْزِل عَلَيْهِ مُوَافَقَته فِيمَا اِسْتَنْبَطَهُ إِمَّا بِنَصِّهِ وَإِمَّا بِمَا يَدُلّ عَلَى مُوَافَقَته بِطَرِيقِ الْأَوْلَى كَهَذِهِ الْآيَة فَإِنَّهَا اِشْتَمَلَتْ عَلَى الْوَعِيد الشَّدِيد فِي حَقّ مَنْ أَشْرَكَ وَهِيَ مُطَابِقَة لِلنَّصِّ , وَفِي حَقّ مَنْ قَتَلَ النَّفْس بِغَيْرِ حَقّ وَهِيَ مُطَابِقَة لِلْحَدِيثِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ; لِأَنَّ الْقَتْل بِغَيْرِ حَقّ وَإِنْ كَانَ عَظِيمًا لَكِنَّ قَتَلَ الْوَلَد أَشَدّ قُبْحًا فِي قَتْل مَنْ لَيْسَ بِوَلَدٍ , وَكَذَا الْقَوْل فِي الزُّنَاة فَإِنَّ الزِّنَا بِحَلِيلَةِ الْجَار أَعْظَم قُبْحًا مِنْ مُطْلَق الزِّنَا , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون إِنْزَال هَذِهِ الْآيَة سَابِقًا عَلَى إِخْبَاره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ لَكِنْ لَمْ يَسْمَعهَا الصَّحَابِيّ إِلَّا بَعْد ذَلِكَ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون كُلّ مِنْ الْأُمُور الثَّلَاثَة نَزَلَ تَعْظِيم الْإِثْم فِيهِ سَابِقًا وَلَكِنْ اِخْتَصَّتْ هَذِهِ الْآيَة بِمَجْمُوعِ الثَّلَاثَة فِي سِيَاق وَاحِد مَعَ الِاقْتِصَار عَلَيْهَا فَيَكُون الْمُرَاد بِالتَّصْدِيقِ الْمُوَافَقَة فِي الِاقْتِصَار عَلَيْهَا , فَعَلَى هَذَا فَمُطَابَقَة الْحَدِيث لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَة جِدًّا وَاَللَّه أَعْلَم , وَاسْتَدَلَّ أَبُو الْمُظَفَّر بْن السَّمْعَانِيّ بِآيَاتِ الْبَاب وَأَحَادِيثه عَلَى فَسَاد طَرِيقَة الْمُتَكَلِّمِينَ فِي تَقْسِيم الْأَشْيَاء إِلَى جِسْم وَجَوْهَر وَعَرَض , قَالُوا : فَالْجِسْم مَا اِجْتَمَعَ مِنْ الِافْتِرَاق , وَالْجَوْهَر : مَا حَمَلَ الْعَرَض , وَالْعَرَض : مَا لَا يَقُوم بِنَفْسِهِ , وَجَعَلُوا الرُّوح مِنْ الْأَعْرَاض , وَرَدُّوا الْأَخْبَار فِي خَلْق الرُّوح قَبْل الْجَسَد وَالْعَقْل قَبْل الْخَلْق , وَاعْتَمَدُوا عَلَى حَدْسهمْ وَمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ نَظَرهمْ ثُمَّ يَعْرِضُونَ عَلَيْهِ النُّصُوص فَمَا وَافَقَهُ قَبِلُوهُ وَمَا خَالَفَهُ رَدُّوهُ , ثُمَّ سَاقَ هَذِهِ الْآيَات وَنَظَائِرهَا مِنْ الْأَمْر بِالتَّبْلِيغِ , قَالَ : وَكَانَ مِمَّا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ التَّوْحِيد بَلْ هُوَ أَصْل مَا أُمِرَ بِهِ فَلَمْ يَتْرُك شَيْئًا مِنْ أُمُور الدِّين أُصُوله وَقَوَاعِده وَشَرَائِعه إِلَّا بَلَّغَهُ ثُمَّ لَمْ يَدَعْ إِلَّا الِاسْتِدْلَال بِمَا تَمَسَّكُوا بِهِ مِنْ الْجَوْهَر وَالْعَرَض , وَلَا يُوجَد عَنْهُ وَلَا عَنْ أَحَد مِنْ أَصْحَابه مِنْ ذَلِكَ حَرْف وَاحِد فَمَا فَوْقه , فَعُرِفَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ ذَهَبُوا خِلَاف مَذْهَبهمْ وَسَلَكُوا غَيْر سَبِيلهمْ بِطَرِيقٍ مُحْدَث مُخْتَرَع لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابه رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ , وَيَلْزَم مِنْ سُلُوكه الْعَوْد عَلَى السَّلَف بِالطَّعْنِ وَالْقَدْح وَنِسْبَتهمْ إِلَى قِلَّة الْمَعْرِفَة وَاشْتِبَاه الطُّرُق فَالْحَذَر مِنْ الِاشْتِغَال بِكَلَامِهِمْ وَالِاكْتِرَاث بِمَقَالَاتِهِمْ فَإِنَّهَا سَرِيعَة التَّهَافُت كَثِيرَة التَّنَاقُض , وَمَا مِنْ كَلَام تَسْمَعهُ لِفِرْقَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا وَتَجِد لِخُصُومِهِمْ عَلَيْهِ كَلَامًا يُوَازِنهُ أَوْ يُقَارِبهُ , فَكُلٌّ بِكُلٍّ مُقَابَلٌ وَبَعْضٌ بِبَعْضٍ مُعَارَضٌ وَحَسْبك مِنْ قَبِيح مَا يَلْزَم مِنْ طَرِيقَتهمْ أَنَّا إِذَا جَرَيْنَا عَلَى مَا قَالُوهُ وَأَلْزَمْنَا النَّاس بِمَا ذَكَرُوهُ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ تَكْفِير الْعَوَامّ جَمِيعًا ; لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ إِلَّا الِاتِّبَاع الْمُجَرَّد وَلَوْ عُرِضَ عَلَيْهِمْ هَذَا الطَّرِيق مَا فَهِمَهُ أَكْثَرهمْ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَصِير مِنْهُمْ صَاحِب نَظَر , وَإِنَّمَا غَايَة تَوْحِيدهمْ اِلْتِزَام مَا وَجَدُوا عَلَيْهِ أَئِمَّتهمْ فِي عَقَائِد الدِّين وَالْعَضّ عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَالْمُوَاظَبَة عَلَى وَظَائِف الْعِبَادَات وَمُلَازَمَة الْأَذْكَار بِقُلُوبٍ سَلِيمَة طَاهِرَة عَنْ الشُّبَه وَالشُّكُوك فَتَرَاهُمْ لَا يَحِيدُونَ عَمَّا اِعْتَقَدُوهُ وَلَوْ قُطِّعُوا إِرْبًا إِرْبًا , فَهَنِيئًا لَهُمْ هَذَا الْيَقِين وَطُوبَى لَهُمْ هَذِهِ السَّلَامَة فَإِذَا كَفَرَ هَؤُلَاءِ وَهُمْ السَّوَاد الْأَعْظَم وَجُمْهُور الْأُمَّة فَمَا هَذَا إِلَّا طَيّ بِسَاط الْإِسْلَام وَهَدْم مَنَار الدِّين وَاللَّهُ الْمُسْتَعَان. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!