المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (6970)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (6970)]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى { لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ } قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنْ التَّنْزِيلِ شِدَّةً وَكَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ فَقَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكَ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا فَقَالَ سَعِيدٌ أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } قَالَ جَمْعُهُ فِي صَدْرِكَ ثُمَّ تَقْرَؤُهُ { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } قَالَ فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام اسْتَمَعَ فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَقْرَأَهُ
ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيث اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ( لَا تُحَرِّك بِهِ لِسَانك ) قَالَ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِج مِنْ التَّنْزِيل شِدَّة , الْحَدِيث وَهُوَ مِنْ أَوْضَح الْأَدِلَّة عَلَى أَنَّ الْقُرْآن يُطْلَق وَيُرَاد بِهِ الْقِرَاءَة , فَإِنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ قُرْآنًا فِي الْآيَتَيْنِ الْقِرَاءَة لَا نَفْس الْقُرْآن , وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحه فِي بَدْء الْوَحْي , قَالَ اِبْن بَطَّال : غَرَضه فِي هَذَا الْبَاب أَنَّ تَحْرِيك اللِّسَان وَالشَّفَتَيْنِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآن عَمَل لَهُ يُؤْجَر عَلَيْهِ , وَقَوْله ( فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنه ) فِيهِ إِضَافَة الْفِعْل إِلَى اللَّه تَعَالَى وَالْفَاعِل لَهُ مَنْ يَأْمُرهُ بِفِعْلِهِ , فَإِنَّ الْقَارِئ لِكَلَامِهِ تَعَالَى عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ جِبْرِيل , فَفِيهِ بَيَان لِكُلِّ مَا أَشْكَلَ مِنْ كُلّ فِعْل يُنْسَب إِلَى اللَّه تَعَالَى مِمَّا لَا يَلِيق بِهِ فِعْله مِنْ الْمَجِيء وَالنُّزُول وَنَحْو ذَلِكَ اِنْتَهَى , وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ مُرَاد الْبُخَارِيّ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الْمَوْصُول وَالْمُعَلَّق الرَّدّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ قِرَاءَة الْقَارِئ قَدِيمَة فَأَبَانَ أَنَّ حَرَكَة لِسَان الْقَارِئ بِالْقُرْآنِ مِنْ فِعْل الْقَارِئ بِخِلَافِ الْمَقْرُوء فَإِنَّهُ كَلَام اللَّه الْقَدِيم كَمَا أَنَّ حَرَكَة لِسَان ذَاكِر اللَّه حَادِثَة مِنْ فِعْله , وَالْمَذْكُور وَهُوَ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى قَدِيم وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِالتَّرَاجِمِ الَّتِي تَأْتِي بَعْد هَذَا.



