المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (6956)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (6956)]
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلَالٍ الْعَنَزِيُّ قَالَ اجْتَمَعْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَإِذَا هُوَ فِي قَصْرِهِ فَوَافَقْنَاهُ يُصَلِّي الضُّحَى فَاسْتَأْذَنَّا فَأَذِنَ لَنَا وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَقُلْنَا لِثَابِتٍ لَا تَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَقَالَ يَا أَبَا حَمْزَةَ هَؤُلَاءِ إِخْوَانُكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَاءُوكَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْتُونِي فَأَقُولُ أَنَا لَهَا فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي وَيُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لَا تَحْضُرُنِي الْآنَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ وَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ أَوْ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْ النَّارِ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَوْ مَرَرْنَا بِالْحَسَنِ وَهُوَ مُتَوَارٍ فِي مَنْزِلِ أَبِي خَلِيفَةَ فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَنَا فَقُلْنَا لَهُ يَا أَبَا سَعِيدٍ جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَلَمْ نَرَ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا فِي الشَّفَاعَةِ فَقَالَ هِيهْ فَحَدَّثْنَاهُ بِالْحَدِيثِ فَانْتَهَى إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ هِيهْ فَقُلْنَا لَمْ يَزِدْ لَنَا عَلَى هَذَا فَقَالَ لَقَدْ حَدَّثَنِي وَهُوَ جَمِيعٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَمْ كَرِهَ أَنْ تَتَّكِلُوا قُلْنَا يَا أَبَا سَعِيدٍ فَحَدِّثْنَا فَضَحِكَ وَقَالَ خُلِقَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا مَا ذَكَرْتُهُ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدَّثَنِي كَمَا حَدَّثَكُمْ بِهِ قَالَ ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَيَقُولُ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
قَوْله ( وَهُوَ مُتَوَارٍ فِي مَنْزِل أَبِي خَلِيفَة ) هُوَ حَجَّاج بْن عَتَّاب الْعَبْدِيّ الْبَصْرِيّ وَالِد عُمَر بْن أَبِي خَلِيفَة , سَمَّاهُ الْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَتَبِعَهُ الْحَاكِم أَبُو أَحْمَد فِي الْكُنَى. قَوْله ( وَهُوَ جَمِيع ) أَيْ مُجْتَمِع الْعَقْل وَهُوَ إِشَارَة إِلَى أَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ لَمْ يَدْخُل فِي الْكِبْر الَّذِي هُوَ مَظِنَّة تَفَرُّق الذِّهْن وَحُدُوث اِخْتِلَاط الْحِفْظ , وَقَوْله "" فَحَدَّثْنَاهُ "" بِسُكُونِ الْمُثَلَّثَة وَحَذْف الضَّمِير , وَقَوْله "" قُلْنَا يَا أَبَا سَعِيد "" فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ "" فَقُلْنَا "" قَالَ اِبْن التِّين قَالَ هُنَا "" لَسْت لَهَا "" وَفِي غَيْره "" لَسْت هُنَاكُمْ "" قَالَ : وَأَسْقُط هُنَا ذِكْر نُوح وَزَادَ "" فَأَقُول أَنَا لَهَا "" وَزَادَ "" فَأَقُول أُمَّتِي أُمَّتِي "" قَالَ الدَّاوُدِيّ لَا أَرَاهُ مَحْفُوظًا ; لِأَنَّ الْخَلَائِق اِجْتَمَعُوا وَاسْتَشْفَعُوا وَلَوْ كَانَ الْمُرَاد هَذِهِ الْأُمَّة خَاصَّة لَمْ تَذْهَب إِلَى غَيْر نَبِيّهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد الْجَمِيع وَإِذَا كَانَتْ الشَّفَاعَة لَهُمْ فِي فَصْل الْقَضَاء فَكَيْف يَخُصّهَا بِقَوْلِهِ أُمَّتِي أُمَّتِي , ثُمَّ قَالَ : وَأَوَّل هَذَا الْحَدِيث لَيْسَ مُتَّصِلًا بِآخِرِهِ بَلْ بَقِيَ بَيْن طَلَبهمْ الشَّفَاعَة وَبَيْن قَوْله فَاشْفَعْ أُمُور كَثِيرَة مِنْ أُمُور الْقِيَامَة. قُلْت : وَقَدْ بَيَّنْت الْجَوَاب عَنْ هَذَا الْإِشْكَال عِنْد شَرْح الْحَدِيث بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَته هُنَا وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ الْقَاضِي عِيَاض بِأَنَّ مَعْنِي الْكَلَام فَيُؤْذَن لَهُ فِي الشَّفَاعَة الْمَوْعُود بِهَا فِي فَصْل الْقَضَاء , وَقَوْله "" وَيُلْهِمنِي "" اِبْتِدَاء كَلَام آخَر وَبَيَان لِلشَّفَاعَةِ الْأُخْرَى الْخَاصَّة بِأُمَّتِهِ , وَفِي السِّيَاق اِخْتِصَار وَادَّعَى الْمُهَلَّب أَنَّ قَوْله "" فَأَقُول يَا رَبّ أُمَّتِي "" مِمَّا زَادَ سُلَيْمَان بْن حَرْب عَلَى سَائِر الرُّوَاة كَذَا قَالَ , وَهُوَ اِجْتِرَاء عَلَى الْقَوْل بِالظَّنِّ الَّذِي لَا يَسْتَنِد إِلَى دَلِيل فَإِنَّ سُلَيْمَان بْن حَرْب لَمْ يَنْفَرِد بِهَذِهِ الزِّيَادَة بَلْ رَوَاهَا مَعَهُ سَعِيد بْن مَنْصُور عِنْد مُسْلِم وَكَذَا أَبُو الرَّبِيع الزُّهْرَانِيّ عِنْد مُسْلِم وَالْإِسْمَاعِيلِيّ , وَلَمْ يَسُقْ مُسْلِم لَفْظه وَيَحْيَى بْن حَبِيب بْن عَرَبِيّ عِنْد النَّسَائِيِّ فِي التَّفْسِير وَمُحَمَّد بْن عُبَيْد بْن حَسَّاب وَمُحَمَّد بْن سُلَيْمَان لُوَيْن كِلَاهُمَا عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ كُلّهمْ عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد شَيْخ سُلَيْمَان بْن حَرْب فِيهِ بِهَذِهِ الزِّيَادَة , وَكَذَا وَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَة فِي هَذَا الْمَوْضِع مِنْ حَدِيث الشَّفَاعَة فِي رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة الْمَاضِيَة فِي "" كِتَاب الرِّقَاق "" وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.


