المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (6927)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (6927)]
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ قَالَ عَلِيٌّ وَقَالَ غَيْرُهُ صَفْوَانٍ يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ فَإِذَا { فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } قَالَ عَلِيٌّ وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا قَالَ سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ عَلِيٌّ قُلْتُ لِسُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ لِسُفْيَانَ إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ أَنَّهُ قَرَأَ فُرِّغَ قَالَ سُفْيَانُ هَكَذَا قَرَأَ عَمْرٌو فَلَا أَدْرِي سَمِعَهُ هَكَذَا أَمْ لَا قَالَ سُفْيَانُ وَهِيَ قِرَاءَتُنَا
( حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه ) هُوَ الْمَدِينِيّ "" وَسُفْيَان "" هُوَ اِبْن عُيَيْنَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِهَذَا السَّنَد وَالْمَتْن فِي تَفْسِير سُورَة الْحِجْر وَسِيَاقه هُنَاكَ أَتَمّ , وَتَقَدَّمَ مُعْظَم شَرْحه هُنَاكَ. قَوْله ( يَبْلُغ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِي رِوَايَة الْحُمَيْدِيّ عَنْ سُفْيَان كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِير سُورَة سَبَأ "" أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ. قَوْله ( إِذَا قَضَى اللَّه الْأَمْر فِي السَّمَاء ) وَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود الْمَذْكُور أَوَّلًا "" إِذَا تَكَلَّمَ اللَّه بِالْوَحْيِ "" وَكَذَا فِي حَدِيث النَّوَّاس بْن سَمْعَان عِنْد الطَّبَرَانِيّ. قَوْله ( ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَة بِأَجْنِحَتِهَا ) فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود "" سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاء الصَّلْصَلَة "". قَوْله ( خُضْعَانًا ) مَصْدَر كَقَوْلِهِ غُفْرَانًا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ , وَقَالَ غَيْره هُوَ جَمْع خَاضِع. قَوْله ( قَالَ عَلِيّ ) هُوَ اِبْن الْمَدِينِيّ ( وَقَالَ غَيْره صَفْوَان يَنْفُذهُمْ ) قَالَ عِيَاض ضَبَطُوهُ بِفَتْحِ الْفَاء مِنْ صَفْوَان , وَلَيْسَ لَهُ مَعْنًى وَإِنَّمَا أَرَادَ لِغَيْرِ الْمُبْهَم , قَوْله يَنْفُذهُمْ وَهُوَ بِفَتْحِ أَوَّله وَضَمّ الْفَاء أَيْ يَعُمّهُمْ. قُلْت : وَكَذَا أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن زَيْد عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ بِهَذِهِ الزِّيَادَة وَلَكِنْ لَا يُفَسَّر بِهِ الْغَيْر الْمَذْكُور ; لِأَنَّ الْمُرَاد بِهِ غَيْر سُفْيَان , وَذَكَرَهُ الْكَرْمَانِيُّ بِلَفْظِ صَفْوَان يَنْفُذ فِيهِمْ ذَلِكَ بِزِيَادَةِ لَفْظ الْإِنْفَاذ أَيْ يَنْفُذ اللَّه ذَلِكَ الْقَوْل إِلَى الْمَلَائِكَة , أَوْ مِنْ النُّفُوذ أَيْ يَنْفُذ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ أَوْ عَلَيْهِمْ , ثُمَّ قَالَ وَيَحْتَمِل أَنْ يُرَاد غَيْر سُفْيَان , قَالَ : إِنَّ صَفْوَان بِفَتْحِ الْفَاء فَالِاخْتِلَاف فِي الْفَتْح وَالسُّكُون , وَيَنْفُذهُمْ غَيْر مُخْتَصّ بِالْغَيْرِ بَلْ مُشْتَرِك بَيْن سُفْيَان وَغَيْره اِنْتَهَى. وَسِيَاق عَلِيّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة يُخَالِف هَذَا الِاحْتِمَال لَكِنْ قَدْ وَقَعَتْ زِيَادَة "" يَنْفُذهُمْ "" فِي الرِّوَايَة الَّتِي ذَكَرْتهَا وَهِيَ عَنْ سُفْيَان فَيَقْوَى مَا قَالَ. قَوْله ( قَالَ عَلِيّ وَحَدَّثَنَا سُفْيَان - إِلَى قَوْله - قَالَ نَعَمْ ) "" عَلِيّ "" هُوَ اِبْن الْمَدِينِيّ الْمَذْكُور , وَمُرَاده أَنَّ اِبْن عُيَيْنَةَ كَانَ يَسُوق السَّنَد مَرَّة بِالْعَنْعَنَةِ وَمَرَّة بِالتَّحْدِيثِ وَالسَّمَاع فَاسْتَثْبَتَهُ عَلِيٌّ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ , وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه الْمَذْكُور فِي تَفْسِير سُورَة الْحِجْر بِصِيغَةِ التَّصْرِيح فِي جَمِيع السَّنَد , وَكَذَا عَنْ الْحُمَيْدِيّ عَنْ سُفْيَان فِي تَفْسِير سَبَأ. قَوْله ( قَالَ عَلِيّ ) هُوَ اِبْنُ الْمَدِينِيّ أَيْضًا. قَوْله ( إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْ عَمْرو بْن دِينَار - إِلَى أَنْ قَالَ - أَنَّهُ فَرَغَ ) هُوَ بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَة وَالْغَيْن الْمُعْجَمَة وَزْن الْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة , وَقَدْ ذَكَرْت فِي تَفْسِير سُورَة سَبَأ مَنْ قَرَأَهَا كَذَلِكَ وَوَقَعَ لِلْأَكْثَرِ هُنَا كَالْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَة وَالسِّيَاق يُؤَيِّد الْأَوَّل , وَقَوْله قَالَ سُفْيَان هَكَذَا قَرَأَ "" عَمْرو "" يَعْنِي اِبْن دِينَار. قَوْله ( فَلَا أَدْرِي سَمِعَهُ هَكَذَا أَمْ لَا ) أَيْ سَمِعَهُ مِنْ عِكْرِمَة أَوْ قَرَأَهَا كَذَلِكَ مِنْ قِبَل نَفْسه بِنَاء عَلَى أَنَّهَا قِرَاءَته وَقَوْل سُفْيَان وَهِيَ قِرَاءَتنَا يُرِيد نَفْسه وَمَنْ تَابَعَهُ. ( تَنْبِيهٌ ) : وَقَعَ فِي تَفْسِير سُورَة الْحِجْر بِالسَّنَدِ الْمَذْكُور هُنَا بَعْد قَوْله "" وَهُوَ الْعَلِيّ الْكَبِير "" فَسَمِعَهَا مُسْتَرِقُو السَّمْع هَكَذَا إِلَى آخِر مَا ذُكِرَ مِنْ ذَلِكَ , وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّن أَنَّ التَّفْزِيع الْمَذْكُور يَقَع لِلْمَلَائِكَةِ وَأَنَّ الضَّمِير فِي قُلُوبهمْ لِلْمَلَائِكَةِ لَا لِلْكُفَّارِ بِخِلَافِ مَا جَزَمَ بِهِ مَنْ قَدَّمْت ذِكْره مِنْ الْمُفَسِّرِينَ , وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث النَّوَّاس بْن سَمْعَان الَّذِي أَشَرْت إِلَيْهِ مَا نَصّه "" أَخَذَتْ أَهْل السَّمَاوَات مِنْهُ رِعْدَة خَوْفًا مِنْ اللَّه وَخَرُّوا سُجَّدًا , فَيَكُون أَوَّل مَنْ يَرْفَع رَأْسه جِبْرِيل فَيُكَلِّمهُ اللَّه بِمَا أَرَادَ فَيَمْضِي بِهِ عَلَى الْمَلَائِكَة مِنْ سَمَاء إِلَى سَمَاء "" وَفِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْد اِبْن خُزَيْمَةَ وَابْن مَرْدَوَيْهِ "" كَمَرِّ السِّلْسِلَة عَلَى الصَّفْوَان فَلَا يَنْزِل عَلَى أَهْل السَّمَاء إِلَّا صُعِقُوا فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ "" إِلَى آخِر الْآيَة ثُمَّ يَقُول : يَكُون الْعَام كَذَا فَيَسْمَعهُ الْجِنّ , وَعِنْد اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيق بَهْز بْن حَكِيم عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه "" لَمَّا نَزَلَ جِبْرِيل بِالْوَحْيِ فَزِعَ أَهْل السَّمَاء لِانْحِطَاطِهِ , وَسَمِعُوا صَوْت الْوَحْي كَأَشَدّ مَا يَكُون مِنْ صَوْت الْحَدِيد عَلَى الصَّفَا فَيَقُولُونَ : يَا جِبْرِيل بِمَ أُمِرْت "" الْحَدِيث وَعِنْده وَعِنْد اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق عَطَاء بْن السَّائِب عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس "" لَمْ تَكُنْ قَبِيلَة مِنْ الْجِنّ إِلَّا وَلَهُمْ مَقَاعِد لِلسَّمْعِ , فَكَانَ إِذَا نَزَلَ الْوَحْي سَمِعَ الْمَلَائِكَة صَوْتًا كَصَوْتِ الْحَدِيدَة أَلْقَيْتهَا عَلَى الصَّفَا فَإِذَا سَمِعَتْ الْمَلَائِكَة ذَلِكَ خَرُّوا سُجَّدًا , فَلَمْ يَرْفَعُوا حَتَّى يَنْزِل فَإِذَا نَزَلَ قَالُوا : مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ ؟ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَكُون فِي السَّمَاء قَالُوا الْحَقّ , وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَكُون فِي الْأَرْض مِنْ غَيْث أَوْ مَوْت تَكَلَّمُوا فِيهِ فَسَمِعَتْ الشَّيَاطِين فَيَنْزِلُونَ عَلَى أَوْلِيَائِهِمْ مِنْ الْإِنْس "" وَفِي لَفْظ فَيَقُولُونَ يَكُون الْعَام كَذَا فَيَسْمَعهُ الْجِنّ فَتُحَدِّثهُ الْكَهَنَة , وَفِي لَفْظ "" يَنْزِل الْأَمْر إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا لَهُ وَقْعَة كَوَقْعِ السِّلْسِلَة عَلَى الصَّخْرَة فَيَفْزَع لَهُ جَمِيع أَهْل السَّمَاوَات "" الْحَدِيث , فَهَذِهِ الْأَحَادِيث ظَاهِرَة جِدًّا فِي أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الدُّنْيَا بِخِلَافِ قَوْل مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الْمُفَسِّرِينَ الَّذِينَ أَقْدَمُوا عَلَى الْجَزْم بِأَنَّ الضَّمِير لِلْكُفَّارِ وَأَنَّ ذَلِكَ يَقَع يَوْم الْقِيَامَة مُخَالِفِينَ لِمَا صَحَّ مِنْ الْحَدِيث النَّبَوِيّ مِنْ أَجْل خَفَاء مَعْنَى الْغَايَة فِي قَوْله "" حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ "" وَفِي الْحَدِيث إِثْبَات الشَّفَاعَة وَأَنْكَرَهَا الْخَوَارِج وَالْمُعْتَزِلَة , وَهِيَ أَنْوَاع أَثْبَتَهَا أَهْل السُّنَّة مِنْهَا الْخَلَاص مِنْ هَوْل الْمَوْقِف وَهِيَ خَاصَّة بِمُحَمَّدٍ رَسُول اللَّه الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَان ذَلِكَ وَاضِحًا فِي الرِّقَاق , وَهَذِهِ لَا يُنْكِرهَا أَحَد مِنْ فِرَق الْأُمَّة , وَمِنْهَا الشَّفَاعَة فِي قَوْم يَدْخُلُونَ الْجَنَّة بِغَيْرِ حِسَاب , وَخَصَّ هَذِهِ الْمُعْتَزِلَة بِمَنْ لَا تَبِعَة عَلَيْهِ وَمِنْهَا الشَّفَاعَة فِي رَفْع الدَّرَجَات , وَلَا خِلَاف فِي وُقُوعهَا , وَمِنْهَا الشَّفَاعَة فِي إِخْرَاج قَوْم مِنْ النَّار عُصَاة أُدْخِلُوهَا بِذُنُوبِهِمْ وَهَذِهِ الَّتِي أَنْكَرُوهَا , وَقَدْ ثَبَتَتْ بِهَا الْأَخْبَار الْكَثِيرَة , وَأَطْبَقَ أَهْل السُّنَّة عَلَى قَبُولهَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق.



