موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (69)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (69)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ وَهْبٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏يُونُسَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏قَالَ قَالَ ‏ ‏حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏ ‏سَمِعْتُ ‏ ‏مُعَاوِيَةَ ‏ ‏خَطِيبًا يَقُولُ ‏ ‏سَمِعْتُ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا ‏ ‏يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ ‏


‏ ‏قَوْله : ( حَدَّثَنَا سَعِيد بْن عُفَيْر ) ‏ ‏هُوَ سَعِيد بْن كَثِير بْن عُفَيْر , نُسِبَ إِلَى جَدّه , وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ مُصَغَّرًا. ‏ ‏قَوْله : ( عَنْ اِبْن شِهَاب ) ‏ ‏قَالَ حُمَيْدٌ فِي الِاعْتِصَام : لِلْمُؤَلِّفِ مِنْ هَذَا الْوَجْه : أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ. وَلِمُسْلِمٍ : حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف , زَادَ تَسْمِيَة جَدّه ‏ ‏قَوْله : ( سَمِعْت مُعَاوِيَة ) ‏ ‏هُوَ اِبْن أَبِي سُفْيَان. ‏ ‏قَوْله : ( خَطِيبًا ) ‏ ‏هُوَ حَال مِنْ الْمَفْعُول , وَفِي رِوَايَة مُسْلِم وَالِاعْتِصَام. "" سَمِعْت مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان وَهُوَ يَخْطُب "". وَهَذَا الْحَدِيث مُشْتَمِل عَلَى ثَلَاثَة أَحْكَام : أَحَدهَا فَضْل النَّفَقَة فِي الدِّين. وَثَانِيهَا أَنَّ الْمُعْطِي فِي الْحَقِيقَة هُوَ اللَّه. وَثَالِثهَا أَنَّ بَعْض هَذِهِ الْأُمَّة يَبْقَى عَلَى الْحَقّ أَبَدًا. فَالْأَوَّل لَائِق بِأَبْوَابِ الْعِلْم. وَالثَّانِي لَائِق بِقَسْمِ الصَّدَقَات , وَلِهَذَا أَوْرَدَهُ مُسْلِم فِي الزَّكَاة , وَالْمُؤَلِّف فِي الْخُمُس. وَالثَّالِث لَائِق بِذِكْرِ أَشْرَاط السَّاعَة , وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْمُؤَلِّف فِي الِاعْتِصَام لِالْتِفَاتِهِ إِلَى مَسْأَلَة عَدَم خُلُوّ الزَّمَان عَنْ مُجْتَهِد , وَسَيَأْتِي بَسْط الْقَوْل فِيهِ هُنَاكَ , وَأَنَّ الْمُرَاد بِأَمْرِ اللَّه هُنَا الرِّيح الَّتِي تَقْبِض رُوح كُلّ مَنْ فِي قَلْبه شَيْء مِنْ الْإِيمَان وَيَبْقَى شِرَار النَّاس فَعَلَيْهِمْ تَقُوم السَّاعَة. وَقَدْ تَتَعَلَّق لِأَحَادِيث الثَّلَاثَة بِأَبْوَابِ الْعِلْم - بَلْ بِتَرْجَمَةِ هَذَا الْبَاب خَاصَّة - مِنْ جِهَة إِثْبَات الْخَيْر لِمَنْ تَفَقَّهَ فِي دِين اللَّه , وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُون بِالِاكْتِسَابِ فَقَطْ , بَلْ لِمَنْ يَفْتَح اللَّه عَلَيْهِ بِهِ , وَأَنَّ مَنْ يَفْتَح اللَّه عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَا يَزَال جِنْسه مَوْجُودًا حَتَّى يَأْتِي أَمْر اللَّه , وَقَدْ جَزَمَ الْبُخَارِيّ بِأَنَّ الْمُرَاد بِهِمْ أَهْل الْعِلْم بِالْآثَارِ , وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل : إِنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْل الْحَدِيث فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ , وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض : أَرَادَ أَحْمَد أَهْل السُّنَّة وَمَنْ يَعْتَقِد مَذْهَب أَهْل الْحَدِيث , وَقَالَ النَّوَوِيّ : مُحْتَمَل أَنْ تَكُون هَذِهِ الطَّائِفَة فِرْقَة مِنْ أَنْوَاع الْمُؤْمِنِينَ مِمَّنْ يُقِيم أَمْر اللَّه تَعَالَى مِنْ مُجَاهِد وَفَقِيه وَمُحَدِّث وَزَاهِد وَآمِر بِالْمَعْرُوفِ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاع الْخَيْر , وَلَا يَلْزَم اِجْتِمَاعهمْ فِي مَكَان وَاحِد بَلْ يَجُوز أَنْ يَكُونُوا مُتَفَرِّقِينَ. قُلْت : وَسَيَأْتِي بَسْط ذَلِكَ فِي كِتَاب الِاعْتِصَام إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. ‏ ‏قَوْله : ( يُفَقِّههُ ) ‏ ‏أَيْ : يُفَهِّمهُ كَمَا تَقَدَّمَ , وَهِيَ سَاكِنَة الْهَاء لِأَنَّهَا جَوَاب الشَّرْط , يُقَال فَقُهَ بِالضَّمِّ إِذَا صَارَ الْفِقْه لَهُ سَجِيَّة , وَفَقَهَ بِالْفَتْحِ إِذَا سَبَقَ غَيْره إِلَى الْفَهْم , وَفَقِهَ بِالْكَسْرِ إِذَا فَهِمَ. وَنَكَّرَ "" خَيْرًا "" لِيَشْمَل الْقَلِيل وَالْكَثِير , وَالتَّنْكِير لِلتَّعْظِيمِ لِأَنَّ الْمَقَام يَقْتَضِيه. وَمَفْهُوم الْحَدِيث أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّه فِي الدِّين - أَيْ : يَتَعَلَّم قَوَاعِد الْإِسْلَام وَمَا يَتَّصِل بِهَا مِنْ الْفُرُوع - فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْر. وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى حَدِيث مُعَاوِيَة مِنْ وَجْه آخَر ضَعِيف وَزَادَ فِي آخِره : "" وَمَنْ لَمْ يَتَفَقَّه فِي الدِّين لَمْ يُبَالِ اللَّه بِهِ "" وَالْمَعْنَى صَحِيح ; لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِف أُمُور دِينه لَا يَكُون فَقِيهًا وَلَا طَالِب فِقْه , فَيَصِحّ أَنْ يُوصَف بِأَنَّهُ مَا أُرِيدَ بِهِ الْخَيْر , وَفِي ذَلِكَ بَيَان ظَاهِر لِفَضْلِ الْعُلَمَاء عَلَى سَائِر النَّاس , وَلِفَضْلِ التَّفَقُّه فِي الدِّين عَلَى سَائِر الْعُلُوم. وَسَيَأْتِي بَقِيَّة الْكَلَام عَلَى الْحَدِيثَيْنِ الْآخَرَيْنِ فِي مَوْضِعهمَا مِنْ الْخُمُس وَالِاعْتِصَام إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. وَقَوْله : "" لَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّة "" يَعْنِي بَعْض الْأُمَّة كَمَا يَجِيء مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْمَوْضِع الَّذِي أَشَرْت إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!