المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (6445)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (6445)]
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الشِّغَارِ قُلْتُ لِنَافِعٍ مَا الشِّغَارُ قَالَ يَنْكِحُ ابْنَةَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ ابْنَتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَيَنْكِحُ أُخْتَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ أُخْتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنْ احْتَالَ حَتَّى تَزَوَّجَ عَلَى الشِّغَارِ فَهُوَ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَقَالَ فِي الْمُتْعَةِ النِّكَاحُ فَاسِدٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُتْعَةُ وَالشِّغَارُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ
قَوْله ( وَقَالَ بَعْض النَّاس : إِنْ اِحْتَالَ حَتَّى تَزَوَّجَ عَلَى الشِّغَار فَهُوَ جَائِز وَالشَّرْط بَاطِل ) وَقَالَ فِي الْمُتْعَة : النِّكَاح فَاسِد وَالشَّرْط بَاطِل. قُلْت : وَهَذَا بِنَاء عَلَى قَاعِدَة الْحَنَفِيَّة أَنَّ مَا لَمْ يُشْرَع بِأَصْلِهِ بَاطِلٌ , وَمَا شُرِعَ بِأَصْلِهِ دُون وَصْفِهِ فَاسِد , فَالنِّكَاح مَشْرُوع بِأَصْلِهِ وَجَعْلُ الْبُضْعِ صَدَاقًا وَصْفٌ فِيهِ فَيَفْسُد الصَّدَاق وَيَصِحّ النِّكَاح , بِخِلَافِ الْمُتْعَة فَإِنَّهَا لَمَّا ثَبَتَ أَنَّهَا مَنْسُوخَة صَارَتْ غَيْر مَشْرُوعَة بِأَصْلِهَا. قَوْله ( وَقَالَ بَعْضهمْ : الْمُتْعَة وَالشِّغَار جَائِزَانِ وَالشَّرْط بَاطِل ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى مَا نُقِلَ عَنْ زُفَرَ أَنَّهُ أَجَازَ النِّكَاح الْمُؤَقَّت وَأَلْغَى الْوَقْت لِأَنَّهُ فَاسِد وَالنِّكَاح لَا يَبْطُل بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَة , وَرَدُّوا عَلَيْهِ بِالْفَرْقِ الْمَذْكُور , قَالَ اِبْن بَطَّال لَا يَكُون الْبُضْعُ صَدَاقًا عِنْد أَحَد مِنْ الْعُلَمَاء وَإِنَّمَا قَالُوا يَنْعَقِد النِّكَاح بِمَهْرِ الْمِثْل إِذَا اِجْتَمَعَتْ شُرُوطه وَالصَّدَاق لَيْسَ بِرُكْنٍ فِيهِ , فَهُوَ كَمَا لَوْ عُقِدَ بِغَيْرِ صَدَاق ثُمَّ ذُكِرَ الصَّدَاق فَصَارَ ذِكْر الْبُضْعِ كَلَا ذِكْرٍ اِنْتَهَى. وَهَذَا مُحَصَّل مَا قَالَهُ أَبُو زَيْد وَغَيْره مِنْ أَئِمَّة الْحَنَفِيَّة , وَتَعَقَّبَهُ اِبْن السَّمْعَانِيّ فَقَالَ : لَيْسَ الشِّغَار إِلَّا النِّكَاح الَّذِي اِخْتَلَفْنَا فِيهِ وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْي عَنْهُ وَالنَّهْي يَقْتَضِي فَسَاد الْمَنْهِيّ عَنْهُ لِأَنَّ الْعَقْد الشَّرْعِيّ إِنَّمَا يَجُوز بِالشَّرْعِ وَإِذَا كَانَ مَنْهِيًّا لَمْ يَكُنْ مَشْرُوعًا , وَمِنْ جِهَة الْمَعْنَى أَنَّهُ يَمْنَع تَمَامَ الْإِيجَابِ فِي الْبُضْع لِلزَّوْجِ وَالنِّكَاح لَا يَنْعَقِد إِلَّا بِإِيجَابٍ كَامِل , وَوَجْه قَوْلنَا يَمْنَع أَنَّ الَّذِي أَوْجَبَهُ لِلزَّوْجِ نِكَاحًا هُوَ الَّذِي أَوْجَبَهُ لِلْمَرْأَةِ صَدَاقًا , وَإِذَا لَمْ يَحْصُل كَمَالُ الْإِيجَاب لَا يَصِحُّ فَإِنَّهُ جَعَلَ عَيْن مَا أَوْجَبَهُ لِلزَّوْجِ صَدَاقًا لِلْمَرْأَةِ فَهُوَ كَمَنْ جَعَلَ الشَّيْء لِشَخْصٍ فِي عَقْد ثُمَّ جَعَلَ عَيْنه لِشَخْصٍ آخَر فَإِنَّهُ لَا يَكْمُل الْجَعْل الْأَوَّل , قَالَ : وَلَا يُعَارِض هَذَا مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ آخَرَ فَإِنَّ الزَّوْج يَمْلِك التَّمَتُّع بِالْفَرْجِ وَالسَّيِّدَ يَمْلِكُ رَقَبَةَ الْفَرْجِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ وُطِئَتْ بَعْدُ بِشُبْهَةٍ يَكُون الْمَهْر لِلسَّيِّدِ , وَالْفَرْق أَنَّ الَّذِي جَعَلَهُ السَّيِّدُ لِلزَّوْجِ لَمْ يُبْقِهِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ مَلَّكَ التَّمَتُّع بِالْأَمَةِ لِلزَّوْجِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ بَاقٍ لَهُ , وَفِي مَسْأَلَة الشِّغَار جَعَلَ مِلْك التَّمَتُّع الَّذِي جَعَلَهُ لِلزَّوْجِ بِعَيْنِهِ صَدَاقًا لِلْمَرْأَةِ الْأُخْرَى وَرَقَبَةُ الْبُضْعِ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ مِلْك الْيَمِين حَتَّى يَصِحّ جَعْلُهُ صَدَاقًا.



