المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (570)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (570)]
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ إِلَّا الْإِقَامَةَ
قَوْله : ( عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ ) هُوَ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ , رَوَى عَنْ أَيُّوبَ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانه , وَقَدْ رَوَى حَمَّاد بْن زَيْد عَنْهُمَا جَمِيعًا وَقَالَ : مَاتَ سِمَاكٌ قَبْلَ أَيُّوبَ , وَرِجَال إِسْنَاده كُلّهمْ بَصْرِيُّونَ. قَوْله : ( أَنْ يَشْفَع ) بِفَتْحِ أَوَّله وَفَتْح الْفَاء أَيْ يَأْتِي بِأَلْفَاظِهِ شَفْعًا. قَالَ الزَّيْنُ بْن الْمُنِير : وَصْفُ الْأَذَانِ بِأَنَّهُ شَفْعٌ يُفَسِّرُهُ قَوْله "" مَثْنَى مَثْنَى "" أَيْ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ تَسْتَوِيَ جَمِيعُ أَلْفَاظه فِي ذَلِكَ , لَكِنْ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّ كَلِمَة التَّوْحِيد الَّتِي فِي آخِرِهِ مُفْرَدَةٌ فَيُحْمَلُ قَوْله "" مَثْنَى "" عَلَى مَا سِوَاهَا , وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ تَأْكِيد مَذْهَبه فِي تَرْكِ تَرْبِيع التَّكْبِير فِي أَوَّلِهِ , لَكِنْ لِمَنْ قَالَ بِالتَّرْبِيعِ أَنْ يَدَّعِيَ نَظِيرَ مَا اِدَّعَاهُ لِثُبُوتِ الْخَبَر بِذَلِكَ , وَسَيَأْتِي فِي الْإِقَامَة تَوْجِيهٌ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَائِل بِهِ لَا يَحْتَاج إِلَى دَعْوَى التَّخْصِيص. قَوْله : ( وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَة إِلَّا الْإِقَامَة ) الْمُرَاد بِالْمَنْفِيِّ غَيْرُ الْمُرَاد بِالْمُثْبَتِ , فَالْمُرَاد بِالْمُثْبَتِ جَمِيعُ الْأَلْفَاظ الْمَشْرُوعَة عِنْدَ الْقِيَام إِلَى الصَّلَاة , وَالْمُرَاد بِالْمَنْفِيِّ خُصُوص قَوْله "" قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة "" كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ صَرِيحًا. وَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ جِنَاسٌ تَامٌّ. ( تَنْبِيهٌ ) : اِدَّعَى اِبْن مَنْدَهْ أَنَّ قَوْله "" إِلَّا الْإِقَامَة "" مِنْ قَوْل أَيُّوبَ غَيْرُ مُسْنَدٍ كَمَا فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بْنِ إِبْرَاهِيمَ , وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ فِي رِوَايَة سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ هَذِهِ إِدْرَاجًا , وَكَذَا قَالَ أَبُو مُحَمَّد الْأَصِيلِيُّ : قَوْله "" إِلَّا الْإِقَامَةَ "" هُوَ مِنْ قَوْل أَيُّوبَ وَلَيْسَ مِنْ الْحَدِيث. وَفِيمَا قَالَاهُ نَظَرٌ , لِأَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاق رَوَاهُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ بِسَنَدِهِ مُتَّصِلًا بِالْخَبَرِ مُفَسَّرًا وَلَفْظه "" كَانَ بِلَال يُثَنِّي الْأَذَان وَيُوتِرُ الْإِقَامَة , إِلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة "" وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَة فِي صَحِيحه وَالسَّرَّاجُ فِي مُسْنَده وَكَذَا هُوَ فِي مُصَنَّف عَبْد الرَّزَّاق , وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْه "" وَيَقُول قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة مَرَّتَيْنِ "" وَالْأَصْل أَنَّ مَا كَانَ فِي الْخَبَر فَهُوَ مِنْهُ حَتَّى يَقُومَ دَلِيل عَلَى خِلَافه , وَلَا دَلِيل فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَحَصَّل مِنْهَا أَنَّ خَالِدًا كَانَ لَا يَذْكُر الزِّيَادَةَ وَكَانَ أَيُّوبُ يَذْكُرُهَا , وَكُلٌّ مِنْهُمَا رَوَى الْحَدِيث عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَس , فَكَانَ فِي رِوَايَة أَيُّوبَ زِيَادَة مِنْ حَافِظ فَتُقْبَلُ , وَاَللَّه أَعْلَم. وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ عَدَمُ اِسْتِثْنَاء التَّكْبِير فِي الْإِقَامَة , وَأَجَابَ بَعْض الشَّافِعِيَّة بِأَنَّ التَّثْنِيَة فِي تَكْبِيرَة الْإِقَامَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَذَان إِفْرَاد , قَالَ النَّوَوِيّ : وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُول الْمُؤَذِّنُ كُلّ تَكْبِيرَتَيْنِ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ. قُلْت : وَهَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي أَوَّل الْأَذَان لَا فِي التَّكْبِير الَّذِي فِي آخِرِهِ. وَعَلَى مَا قَالَ النَّوَوِيّ يَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ تَكْبِيرَة مِنْ اللَّتَيْنِ فِي آخِرِهِ بِنَفَسٍ , وَيَظْهَر بِهَذَا التَّقْرِير تَرْجِيح قَوْل مَنْ قَالَ بِتَرْبِيعِ التَّكْبِير فِي أَوَّله عَلَى مَنْ قَالَ بِتَثْنِيَتِهِ , مَعَ أَنَّ لَفْظ "" الشَّفْع "" يَتَنَاوَل التَّثْنِيَة وَالتَّرْبِيع , فَلَيْسَ فِي لَفْظ حَدِيث الْبَاب مَا يُخَالِف ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ اِبْن بَطَّالٍ. وَأَمَّا التَّرْجِيح فِي التَّشَهُّدَيْنِ فَالْأَصَحّ فِي صُورَته أَنْ يَشْهَدَ بِالْوَحْدَانِيَّةِ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ بِالرِّسَالَةِ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ يَرْجِع فَيَشْهَد كَذَلِكَ , فَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِي الْعَدَد مُرَبِّعًا فَهُوَ فِي الصُّورَة مَثْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَم.



