المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (531)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (531)]
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَالِمٌ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً صَلَاةَ الْعِشَاءِ وَهِيَ الَّتِي يَدْعُو النَّاسُ الْعَتَمَةَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ أَرَأَيْتُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ
قَوْله : ( قَالَ سَالِمٌ أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه ) هُوَ سَالِمُ بْنُ عَبْد اللَّه بْن عُمَر , وَشَيْخُهُ عَبْد اللَّه هُوَ أَبُوهُ. قَوْله : ( صَلَّى لَنَا ) أَيْ لِأَجْلِنَا أَوْ اللَّامُ بِمَعْنَى الْبَاءِ. قَوْله : ( وَهِيَ الَّتِي يَدْعُونَهَا النَّاس الْعَتَمَة ) تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي حَدِيث أَبِي بَرْزَةَ فِي قَوْله "" وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ مِنْ الْعِشَاء الَّتِي تَدْعُونَهَا الْعَتَمَة "" وَتَقَدَّمَ أَيْضًا مِنْ حَدِيث عَائِشَة عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ , وَفِي كُلّ ذَلِكَ إِشْعَارٌ بِغَلَبَةِ اِسْتِعْمَالِهِمْ لَهَا بِهَذَا الِاسْم , فَصَارَ مَنْ عَرَفَ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ يَحْتَاج إِلَى ذِكْرِهِ لِقَصْدِ التَّعْرِيف , قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْره : يُجْمَعُ بَيْن النَّهْي عَنْ تَسْمِيَتهَا عَتَمَة وَبَيْن مَا جَاءَ مِنْ تَسْمِيَتهَا عَتَمَة بِأَمْرَيْنِ : أَحَدهمَا أَنَّهُ اِسْتَعْمَلَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَاز وَأَنَّ النَّهْي لِلتَّنْزِيهِ لَا لِلتَّحْرِيمِ , وَالثَّانِي بِأَنَّهُ خَاطَبَ بِالْعَتَمَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْعِشَاء لِكَوْنِهِ أَشْهَرَ عِنْدهمْ مِنْ الْعِشَاء , فَهُوَ لِقَصْدِ التَّعْرِيف لَا لِقَصْدِ التَّسْمِيَة. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ اِسْتَعْمَلَ لَفْظ الْعَتَمَة فِي الْعِشَاء لِأَنَّهُ كَانَ مُشْتَهِرًا عِنْدهمْ اِسْتِعْمَال لَفْظ الْعِشَاء لِلْمَغْرِبِ , فَلَوْ قَالَ : لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الصُّبْح وَالْعِشَاء , لَتَوَهَّمُوا أَنَّهَا الْمَغْرِب. قُلْت : وَهَذَا ضَعِيف لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي نَفْس هَذَا الْحَدِيث "" لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الصُّبْح وَالْعِشَاء "" , فَالظَّاهِر أَنَّ التَّعْبِير بِالْعِشَاءِ تَارَةً وَبِالْعَتَمَةِ تَارَةً مَنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاة , وَقِيلَ إِنَّ النَّهْيَ عَنْ تَسْمِيَة الْعِشَاء عَتَمَة نَسَخَ الْجَوَازَ , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ نُزُول الْآيَة كَانَ قَبْل الْحَدِيث الْمَذْكُور , وَفِي كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ نَظَرٌ لِلِاحْتِيَاجِ فِي مِثْل ذَلِكَ إِلَى التَّارِيخ , وَلَا بُعْدَ فِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ جَائِزًا , فَلَمَّا كَثُرَ إِطْلَاقهمْ لَهُ نُهُوا عَنْهُ لِئَلَّا تَغْلِبَ السُّنَّةُ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَى السُّنَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ , وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ الَّذِينَ رَوَوْا النَّهْي اِسْتَعْمَلُوا التَّسْمِيَة الْمَذْكُورَة وَأَمَّا اِسْتِعْمَالهَا فِي مِثْل حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة فَلِرَفْعِ الِالْتِبَاس بِالْمَغْرِبِ , وَاَللَّه أَعْلَم. قَوْله : ( وَهِيَ الَّتِي يَدْعُو النَّاسُ الْعَتَمَةَ ) فِيهِ إِشْعَار بِغَلَبَةِ هَذِهِ التَّسْمِيَة عِنْد النَّاس مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْهُمْ النَّهْي , وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى مَتْنِ الْحَدِيث فِي "" بَاب السَّمَرِ فِي الْعِلْمِ "".



