المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (486)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (486)]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَبِي الْعَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا
قَوْله : ( عَنْ أَبِي قَتَادَةَ ) فِي رِوَايَةِ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَالِك "" سَمِعْت أَبَا قَتَادَةَ "" وَكَذَا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَمْرو بْن سُلَيْم أَنَّهُ "" سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ "". قَوْله : ( وَهُوَ حَامِل أُمَامَةَ ) الْمَشْهُور فِي الرِّوَايَاتِ بِالتَّنْوِينِ وَنَصْبِ أُمَامَة , وَرَوَى بِالْإِضَافَةِ كَمَا قُرِئَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ( إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ بِالْوَجْهَيْنِ , وَتَخْصِيص الْحَمْل فِي التَّرْجَمَةِ بِكَوْنِهِ عَلَى الْعُنُقِ - مَعَ أَنَّ السِّيَاقَ يَشْمَلُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ - مَأْخُوذ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى مُصَرِّحَةٍ بِذَلِكَ وَهِيَ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق بُكَيْر بْن الْأَشَجِّ عَنْ عَمْرو بْن سُلَيْم وَرَوَاهُ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِ حَدِيثِ الْبَابِ فَزَادَ فِيهِ "" عَلَى عَاتِقِهِ "" وَكَذَا لِمُسْلِم وَغَيْرِهِ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى , وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ اِبْن جُرَيْجٍ "" عَلَى رَقَبَتِهِ "". وأُمَامَة بِضَمِّ الْهَمْزَةِ تَخْفِيف الْمِيمَيْنِ كَانَتْ صَغِيرَةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَتَزَوَّجَهَا عَلِيٌّ بَعْدَ وَفَاةِ فَاطِمَة بِوَصِيَّةٍ مِنْهَا وَلَمْ تُعْقِبْ. قَوْله : ( وَلِأَبِي الْعَاصِ ) قَالَ الْكَرْمَانِيّ : الْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ "" بِنْت زَيْنَب "" بِمَعْنَى اللَّام , فَأَظْهَرَ فِي الْمَعْطُوفِ وَهُوَ قَوْلُهُ "" وَلِأَبِي الْعَاصِ "" مَا هُوَ مُقَدَّرٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ. اِنْتَهَى. وَأَشَارَ اِبْن الْعَطَّارِ إِلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ كَوْن وَالِد أُمَامَة كَانَ إِذْ ذَاكَ مُشْرِكًا فَنُسِبَتْ إِلَى أُمِّهَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ يُنْسَبُ إِلَى أَشْرَفِ أَبَوَيْهِ دِينًا وَنَسَبًا. ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهَا مِنْ أَبِي الْعَاصِ تَبْيِينًا لِحَقِيقَةِ نَسَبِهَا. اِنْتَهَى. وَهَذَا السِّيَاقُ لِمَالِكٍ وَحْدَهُ , وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ عَامِر بْن عَبْد اللَّه فَنَسَبُوهَا إِلَى أَبِيهَا ثُمَّ بَيَّنُوا أَنَّهَا بِنْتُ زَيْنَب كَمَا هُوَ عِنْد مُسْلِم وَغَيْرِهِ , وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيق الْمَقْبُرِيّ عَنْ عَمْرو بْن سُلَيْم "" يَحْمِلُ أُمَامَة بِنْت أَبِي الْعَاصِ - وَأُمُّهَا زَيْنَب بِنْت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عَاتِقِهِ "". قَوْله : ( اِبْن رَبِيعَة بْن عَبْدِ شَمْسٍ ) كَذَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ عَنْ مَالِك وَرَوَاهُ يَحْيَى بْن بُكَيْر وَمَعْن بْن عِيسَى وَأَبُو مُصْعَب وَغَيْرُهُمْ عَنْ مَالِكٍ فَقَالُوا "" اِبْن الرَّبِيع "" وَهُوَ الصَّوَابُ. وَغَفَلَ الْكَرْمَانِيّ فَقَالَ خَالَفَ الْقَوْم الْبُخَارِيّ فَقَالَ : رَبِيعَة , وَعِنْدَهُمْ الرَّبِيع وَالْوَاقِعُ أَنَّ مَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْقَوْمِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ كَالْبُخَارِيِّ فَالْمُخَالَفَة فِيهِ إِنَّمَا هِيَ مِنْ مَالِك , وَادَّعَى الْأَصِيلِيّ أَنَّهُ اِبْن الرَّبِيع بْن رَبِيعَة فَنَسَبَهُ مَالِك مَرَّةً إِلَى جَدِّهِ , وَرَدَّهُ عِيَاض وَالْقُرْطُبِيّ وَغَيْرهمَا لِإِطْبَاق النَّسَّابِينَ عَلَى خِلَافِهِ. نَعَمْ قَدْ نَسَبَهُ مَالِك إِلَى جَدِّهِ فِي قَوْلِهِ "" اِبْن عَبْد شَمْس "" وَإِنَّمَا هُوَ اِبْنُ عَبْد الْعُزَّى بْن عَبْد شَمْس , أَطْبَقَ عَلَى ذَلِكَ النَّسَّابُونَ أَيْضًا , وَاسْم أَبِي الْعَاصِ لَقِيط وَقِيلَ مِقْسَمٌ وَقِيلَ الْقَاسِم وَقِيلَ مِهْشَم وَقِيلَ هُشَيْمٌ وَقِيلَ يَاسِر وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ. أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَهَاجَرَ , وَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِبْنَتَهُ زَيْنَب وَمَاتَتْ مَعَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ , وَكَانَتْ وَفَاته فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق. قَوْله : ( فَإِذَا سَجَدَ وَضْعهَا ) كَذَا لِمَالِكٍ أَيْضًا , وَرَوَاهُ مُسْلِم أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عُثْمَان بْن أَبِي سُلَيْمَان وَمُحَمَّد اِبْن عِجْلَانِ , وَالنَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ الزُّبَيْدِيّ , وَأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ اِبْن جُرَيْجٍ , وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعُمَيْسِ كُلّهمْ عَنْ عَامِر بْن عَبْد اللَّه شَيْخ مَالِك فَقَالُوا "" إِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا "" وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ طَرِيق الْمَقْبُرِيّ عَنْ عَمْرو اِبْن سُلَيْم "" حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخَذَهَا فَوَضَعَهَا ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ , حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ سُجُودِهِ قَامَ وَأَخَذَهَا فَرَدَّهَا فِي مَكَانِهَا "" , وَهَذَا صَرِيح فِي أَنَّ فِعْلَ الْحَمْلِ وَالْوَضْعِ كَانَ مِنْهُ لَا مِنْهَا بِخِلَافِ مَا أَوَّلَهُ الْخَطَّابِيّ حَيْثُ قَالَ : يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الصِّبْيَة كَانَتْ قَدْ أَلِفَتْهُ , فَإِذَا سَجَدَ تَعَلَّقَتْ بِأَطْرَافِهِ وَالْتَزَمَتْهُ فَيَنْهَضُ مِنْ سُجُودِهِ فَتَبْقَى مَحْمُولَة كَذَلِكَ إِلَى أَنْ يَرْكَعَ فَيُرْسِلَهَا. قَالَ : هَذَا وَجْهُهُ عِنْدِي. وَقَالَ اِبْن دَقِيقِ الْعِيدِ : مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ لَفْظ حَمَلَ لَا يُسَاوِي لَفْظ وَضَعَ فِي اِقْتِضَاءِ فِعْلِ الْفَاعِلِ ; لِأَنَّا نَقُولُ : فَلَانَ حَمَلَ كَذَا وَلَوْ كَانَ غَيْره حَمَلَهُ , بِخِلَافِ وَضَعَ , فَعَلَى هَذَا فَالْفِعْل الصَّادِر مِنْهُ هُوَ الْوَضْعُ لَا الرَّفْعُ فَيَقِلُّ الْعَمَلُ. قَالَ : وَقَدْ كُنْت أَحْسِبُ هَذَا حَسَنًا إِلَى أَنْ رَأَيْت فِي بَعْضِ طُرُقِهِ الصَّحِيحَةِ "" فَإِذَا قَامَ أَعَادَهَا "". قُلْت : وَهِيَ رِوَايَةٌ لِمُسْلِمٍ. وَرِوَايَةُ أَبِي دَاوُد الَّتِي قَدَّمْنَاهَا أَصْرَحُ فِي ذَلِكَ وَهِيَ "" ثُمَّ أَخَذَهَا فَرَدَّهَا فِي مَكَانِهَا "" وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ اِبْن جُرَيْجٍ "" وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عَلَى رَقَبَتِهِ "". قَالَ الْقُرْطُبِيّ : اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ , وَالَّذِي أَحْوَجَهُمْ إِلَى ذَلِكَ أَنَّهُ عَمَل كَثِير , فَرَوَى اِبْن الْقَاسِم عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ فِي النَّافِلَةِ , وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ , فَإِنَّ ظَاهِرَ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ كَانَ فِي فَرِيضَة. وَسَبَقَهُ إِلَى اِسْتِبْعَادِ ذَلِكَ الْمَازِرِيّ وَعِيَاض , لِمَا ثَبَتَ فِي مُسْلِم "" رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ النَّاس وأُمَامَة عَلَى عَاتِقِهِ "". قَالَ الْمَازِرِيّ : إِمَامَتُهُ بِالنَّاسِ فِي النَّافِلَةِ لَيْسَتْ بِمَعْهُودَةٍ. وَلِأَبِي دَاوُد "" بَيْنَمَا نَحْنُ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الظُّهْرِ - أَوْ الْعَصْرِ - وَقَدْ دَعَاهُ بِلَال إِلَى الصَّلَاةِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا وأُمَامَة عَلَى عَاتِقِهِ فَقَامَ فِي مُصَلَّاهُ فَقُمْنَا خَلْفَهُ فَكَبَّرَ فَكَبَّرْنَا وَهِيَ فِي مَكَانِهَا "" , وَعِنْد الزُّبَيْر بْن بَكَّارٍ وَتَبِعَهُ السُّهَيْلِيّ الصُّبْح وَوَهِمَ مَنْ عَزَاهُ لِلصَّحِيحَيْنِ. قَالَ الْقُرْطُبِيّ : وَرَوَى أَشْهَب وَعَبْد اللَّه بْن نَافِع عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ حَيْثُ لَمْ يَجِدُ مَنْ يَكْفِيه أَمْرهَا. اِنْتَهَى. وَقَالَ بَعْض أَصْحَابِهِ : ; لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا لَبَكَتْ وَشَغَلَتْ سِرّه فِي صَلَاتِهِ أَكْثَر مِنْ شُغْلِهِ بِحَمْلِهَا. وَفَرَّقَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ , وَقَالَ الْبَاجِيّ : إِنْ وَجَدَ مَنْ يَكْفِيه أَمْرهَا جَاز فِي النَّافِلَةِ دُونَ الْفَرِيضَةِ , وَإِنْ لَمْ يَجِدْ جَاز فِيهِمَا. قَالَ الْقُرْطُبِيّ : وَرَوَى عَبْد اللَّه بْن يُوسُف التِّنِّيسِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْحَدِيثَ مَنْسُوخ. قُلْت : رَوَى ذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيّ عَقِبَ رِوَايَتِهِ لِلْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِهِ , لَكِنَّهُ غَيْرُ صَرِيح ُ وَلَفْظُهُ : قَالَ التِّنِّيسِيُّ قَالَ مَالِك : مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسِخ وَمَنْسُوخ ُ وَلَيْسَ الْعَمَل عَلَى هَذَا. وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : لَعَلَّهُ نُسِخَ بِتَحْرِيمِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَبِأَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "" إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا "" ; لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ , وَهَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ قَطْعًا بِمُدَّةٍ مَدِيدَةٍ. وَذَكَرَ عِيَاض عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِ كَانَ مَعْصُومًا مِنْ أَنْ تَبُولَ وَهُوَ حَامِلُهَا , وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَم الِاخْتِصَاصِ وَبِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الِاخْتِصَاصِ فِي أَمْرِ ثُبُوتِهِ فِي غَيْرِهِ بِغَيْرِ دَلِيل , وَلَا مَدْخَل لِلْقِيَاسِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ. وَحَمَلَ أَكْثَرُ أَهْل الْعِلْمِ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ مُتَوَالٍ لِوُجُودِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي أَرْكَانِ صَلَاتِهِ. وَقَالَ النَّوَوِيّ : اِدَّعَى بَعْض الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخ , وَبَعْضهمْ أَنَّهُ مِنْ الْخَصَائِصِ , وَبَعْضهمْ أَنَّهُ كَانَ لِضَرُورَة ُ وَكُلّ ذَلِكَ دَعَاوَى بَاطِلَة مَرْدُودَة لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا , وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُخَالِفُ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ ; لِأَنَّ الْآدَمِيَّ طَاهِر , وَمَا فِي جَوْفِهِ مَعْفُوّ عَنْهُ , وَثِيَاب الْأَطْفَالِ وَأَجْسَادُهُمْ مَحْمُولَة عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى تَتَبَيَّنَ النَّجَاسَة وَالْأَعْمَال فِي الصَّلَاةِ لَا تُبْطِلُهَا إِذَا قَلَّتْ أَوْ تَفَرَّقَتْ , وَدَلَائِل الشَّرْعِ مُتَظَاهِرَة عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا فَعَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ لِبَيَان الْجَوَاز. وَقَالَ الْفَاكِهَانِيّ : وَكَأَنَّ السِّرَّ فِي حَمْلِهِ أُمَامَة فِي الصَّلَاةِ دَفْعًا لِمَا كَانَتْ الْعَرَبُ تَأْلَفُهُ مِنْ كَرَاهَةِ الْبَنَاتُ وَحَمْلِهِنَّ , فَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي رَدْعِهِمْ , وَالْبَيَانُ بِالْفِعْلِ قَدْ يَكُونُ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَرْجِيحِ الْعَمَلِ بِالْأَصْلِ عَلَى الْغَالِبِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيّ. وَلِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ هُنَا بَحْث مِنْ جِهَةِ أَنَّ حِكَايَات الْأَحْوَال لَا عُمُومَ لَهَا , وَعَلَى جَوَازِ إِدْخَالِ الصِّبْيَانِ فِي الْمَسَاجِدِ وَعَلَى أَنَّ لَمْسَ الصِّغَارِ الصَّبَايَا غَيْر مُؤَثِّرٍ فِي الطَّهَارَةِ , وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَغَيْرِهِنَّ , وَعَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ حَمَلَ آدَمِيًّا , وَكَذَا مَنْ حَمَلَ حَيَوَانًا طَاهِرًا وَلِلشَّافِعِيَّةِ تَفْصِيل بَيْنَ الْمُسْتَجْمِرِ وَغَيْره وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِأَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أُمَامَة كَانَتْ حِينَئِذٍ قَدْ غَسَلَتْ , كَمَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّهَا بِحَائِلٍ. وَفِيهِ تَوَاضُعُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَشَفَقَته عَلَى الْأَطْفَالِ , وَإِكْرَامه لَهُمْ جَبْرًا لَهُمْ وَلِوَالِدَيْهِمْ.



