المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (477)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (477)]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا قُلْتُ أَفَرَأَيْتَ إِذَا هَبَّتْ الرِّكَابُ قَالَ كَانَ يَأْخُذُ هَذَا الرَّحْلَ فَيُعَدِّلُهُ فَيُصَلِّي إِلَى آخِرَتِهِ أَوْ قَالَ مُؤَخَّرِهِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَفْعَلُهُ
قَوْله : ( يُعَرِّضُ ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ ُ أَيْ يَجْعَلُهَا عَرْضًا. قَوْله : ( قُلْت أَفَرَأَيْت ) ظَاهِره أَنَّهُ كَلَامُ نَافِع وَالْمَسْئُولُ اِبْن عُمَر , لَكِنْ بَيَّنَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدَة بْن حُمَيْد عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْن عُمَر أَنَّهُ كَلَامُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالْمَسْئُولُ نَافِع , فَعَلَى هَذَا هُوَ مُرْسَلٌ ; لِأَنَّ فَاعِل يَأْخُذُ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ نَافِع. قَوْله : ( هَبَّتْ الرِّكَابُ ) أَيْ هَاجَتْ الْإِبِل يُقَالُ هَبَّ الْفَحْلُ إِذَا هَاجَ , وَهَبَّ الْبَعِير فِي السَّيْرِ إِذَا نَشِطَ. وَالرِّكَابُ الْإِبِل الَّتِي يُسَار عَلَيْهَا وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِبِلَ إِذَا هَاجَتْ شَوَّشَتْ عَلَى الْمُصَلِّي لِعَدَمِ اِسْتِقْرَارِهَا , فَيَعْدِلُ عَنْهَا إِلَى الرَّحْلِ فَيَجْعَلهُ سُتْرَة. وَقَوْله : ( فَيَعْدِلهُ ) بِفَتْحٍ أَوَّلَهُ وَسُكُون الْعَيْنِ وَكَسْرِ الدَّالِ , أَيْ يُقِيمهُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ. وَيَجُوزُ التَّشْدِيدُ. وَقَوْله : ( إِلَى أَخَرَتِهِ ) بِفَتَحَاتٍ بِلَا مَدٍّ وَيَجُوزُ الْمَدّ , ( وَمُؤْخِرَته ) بِضَمّ أَوَّله ثُمَّ هَمْزَة سَاكِنَة , وَأَمَّا الْخَاءُ فَجَزَمَ أَبُو عُبَيْد بِكَسْرِهَا وَجَوَّزَ الْفَتْح , وَأَنْكَرَ اِبْنُ قُتَيْبَة الْفَتْحَ , وَعَكَسَ ذَلِكَ اِبْن مَكِّيّ فَقَالَ : لَا يُقَالُ مُقْدِمٌ وَمُؤْخِرٌ بِالْكَسْرِ إِلَّا فِي الْعَيْنِ خَاصَّة , وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَيُقَالُ بِالْفَتْحِ فَقَطْ. وَرَوَاهُ بَعْضهمْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْخَاءِ. وَالْمُرَادُ بِهَا الْعُود الَّذِي فِي آخِرِ الرَّحْلِ الَّذِي يَسْتَنِدُ إِلَيْهِ الرَّاكِبُ. قَالَ الْقُرْطُبِيّ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيل عَلَى جَوَاز التَّسَتُّر بِمَا يَسْتَقِرُّ مِنْ الْحَيَوَانِ , وَلَا يُعَارِضُهُ النَّهْي فِي مَعَاطِن الْإِبِل ; لِأَنَّ الْمَعَاطِن مَوَاضِع إِقَامَتِهَا عِنْدَ الْمَاءِ وَكَرَاهَةُ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ عِنْدَهَا إِمَّا لِشَدَّةِ نَتْنِهَا وَإِمَّا ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَخَلَّوْنَ بَيْنَهَا مُسْتَتِرِينَ بِهَا. اِنْتَهَى. وَقَالَ غَيْره : عِلَّة النَّهْي عَنْ ذَلِكَ كَوْنُ الْإِبِل خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ , فَيُحْمَلُ مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي السَّفَرِ مِنْ الصَّلَاةِ إِلَيْهَا عَلَى حَالَةِ الضَّرُورَةِ , وَنَظِيرُهُ صَلَاته إِلَى السَّرِيرِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَرْأَة لِكَوْنِ الْبَيْتِ كَانَ ضَيِّقًا. وَعَلَى هَذَا فَقَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ : لَا يُسْتَتَرُ بِاِمْرَأَةٍ وَلَا دَابَّة , أَيْ فِي حَال الِاخْتِيَار. وَرَوَى عَبْد الرَّزَّاق عَنْ اِبْن عُيَيْنَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار أَنَّ اِبْن عُمَر كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى بَعِيرٍ إِلَّا وَعَلَيْهِ رَحْلٌ , وَكَأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا فِي حَال شَدِّ الرَّحْلِ عَلَيْهَا أَقْرَب إِلَى السُّكُونِ مِنْ حَال تَجْرِيدهَا. ( تَكْمِلَة ) اعْتَبَرَ الْفُقَهَاءُ مُؤَخِّرَةَ الرَّحْلِ فِي مِقْدَارِ أَقَلِّ السُّتْرَة , وَاخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِهَا بِفِعْلِ ذَلِكَ. فَقِيلَ ذِرَاع , وَقِيلَ ثُلُثَا ذِرَاع وَهُوَ أَشْهَرُ , لَكِنْ فِي مُصَنَّفِ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ نَافِعٍ أَنَّ مُؤَخِّرَةَ رَحْل اِبْن عُمَر كَانْت قَدْرَ ذِرَاع.



