موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (47)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (47)]

‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏حُمَيْدٍ ‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ‏ ‏قَالَ أَخْبَرَنِي ‏ ‏عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ ‏ ‏فَتَلَاحَى ‏ ‏رَجُلَانِ ‏ ‏مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ ‏ ‏إِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَإِنَّهُ ‏ ‏تَلَاحَى ‏ ‏فُلَانٌ وَفُلَانٌ ‏ ‏فَرُفِعَتْ ‏ ‏وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ ‏ ‏الْتَمِسُوهَا ‏ ‏فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالْخَمْسِ ‏


‏ ‏قَوْله : ( عَنْ حُمَيْدٍ ) ‏ ‏هُوَ الطَّوِيل ( ‏ ‏عَنْ أَنَس ) ‏ ‏, وَلِلْأَصِيلِيِّ "" حَدَّثَنَاهُ أَنَس بْن مَالِك "" فَأَمِنَّا تَدْلِيس حُمَيْدٍ. وَهُوَ مِنْ رِوَايَة صَحَابِيّ عَنْ صَحَابِيّ , أَنَس عَنْ عُبَادَةَ بْن الصَّامِت. ‏ ‏قَوْله : ( خَرَجَ يُخْبِر بِلَيْلَةِ الْقَدْر ) ‏ ‏أَيْ : بِتَعْيِينِ لَيْلَة الْقَدْر. ‏ ‏قَوْله : ( فَتَلَاحَى ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْحَاء الْمُهْمَلَة مُشْتَقّ مِنْ التَّلَاحِي بِكَسْرِهَا وَهُوَ التَّنَازُع وَالْمُخَاصَمَة , وَالرَّجُلَانِ أَفَادَ اِبْن دِحْيَة أَنَّهُمَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي حَدْرَد - بِحَاءٍ مَفْتُوحَة وَدَال سَاكِنَة مُهْمَلَتَيْنِ , ثُمَّ رَاءٍ مَفْتُوحَة وَدَال مُهْمَلَة أَيْضًا - وَكَعْب بْن مَالِك. وَقَوْله "" فَرُفِعَتْ "" أَيْ فَرُفِعَ تَعْيِينهَا عَنْ ذِكْرِي , هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد هُنَا. وَالسَّبَب فِيهِ مَا أَوْضَحَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد فِي هَذِهِ الْقِصَّة قَالَ "" فَجَاءَ رَجُلَانِ يَحْتَقَّانِ "" بِتَشْدِيدِ الْقَاف أَيْ : يَدَّعِي كُلّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْمُحِقّ "" مَعَهُمَا الشَّيْطَان , فَنَسِيتهَا "". قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمُخَاصَمَة مَذْمُومَة , وَأَنَّهَا سَبَب فِي الْعُقُوبَة الْمَعْنَوِيَّة أَيْ : الْحِرْمَان. وَفِيهِ أَنَّ الْمَكَان الَّذِي يَحْضُرهُ الشَّيْطَان تُرْفَع مِنْهُ الْبَرَكَة وَالْخَيْر. فَإِنْ قِيلَ كَيْف تَكُون الْمُخَاصَمَة فِي طَلَب الْحَقّ مَذْمُومَة ؟ قُلْت : إِنَّمَا كَانَتْ كَذَلِكَ لِوُقُوعِهَا فِي الْمَسْجِد , وَهُوَ مَحَلّ الذِّكْر لَا اللَّغْو , ثُمَّ فِي الْوَقْت الْمَخْصُوص أَيْضًا بِالذِّكْرِ لَا اللَّغْو وَهُوَ شَهْر رَمَضَان , فَالذَّمّ لِمَا عَرَضَ فِيهَا لَا لِذَاتِهَا , ثُمَّ إِنَّهَا مُسْتَلْزِمَة لِرَفْعِ الصَّوْت وَرَفْعه بِحَضْرَةِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْهِيّ عَنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتكُمْ فَوْق صَوْت النَّبِيّ - إِلَى قَوْله تَعَالَى - أَنْ تَحْبَط أَعْمَالكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ) وَمِنْ هُنَا يَتَّضِح مُنَاسَبَة هَذَا الْحَدِيث لِلتَّرْجَمَةِ وَمُطَابَقَتهَا لَهُ , وَقَدْ خَفِيَتْ عَلَى كَثِير مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى هَذَا الْكِتَاب. فَإِنْ قِيلَ قَوْله : ( وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ) يَقْتَضِي الْمُؤَاخَذَة بِالْعَمَلِ الَّذِي لَا قَصْد فِيهِ. فَالْجَوَاب أَنَّ الْمُرَاد وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ بِالْإِحْبَاطِ لِاعْتِقَادِكُمْ صِغَر الذَّنْب , فَقَدْ يَعْلَم الْمَرْء الذَّنْب وَلَكِنْ لَا يَعْلَم أَنَّهُ كَبِيرَة , كَمَا قِيلَ فِي قَوْله "" إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِير "" أَيْ : عِنْدهمَا , ثُمَّ قَالَ "" وَإِنَّهُ لَكَبِير "" أَيْ : فِي نَفْس الْأَمْر. وَأَجَابَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ بِأَنَّ الْمُؤَاخَذَة تَحْصُل بِمَا لَمْ يُقْصَد فِي الثَّانِي إِذَا قُصِدَ فِي الْأَوَّل ; لِأَنَّ مُرَاعَاة الْقَصْد إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَوَّل ثُمَّ يَسْتَرْسِل حُكْم النِّيَّة الْأُولَى عَلَى مُؤْتَنَف الْعَمَل وَإِنْ عَزَبَ الْقَصْد خَيْرًا كَانَ أَوْ شَرًّا. وَاَللَّه أَعْلَم. ‏ ‏قَوْله : ( وَعَسَى أَنْ يَكُون خَيْرًا ) ‏ ‏أَيْ : وَإِنْ كَانَ عَدَم الرَّفْع أَزْيَد خَيْرًا وَأَوْلَى مِنْهُ ; لِأَنَّهُ مُتَحَقِّق فِيهِ , لَكِنْ فِي الرَّفْع خَيْر مَرْجُوّ لِاسْتِلْزَامِهِ مَزِيد الثَّوَاب ; لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِزِيَادَةِ الِاجْتِهَاد فِي اِلْتِمَاسهَا , وَإِنَّمَا حَصَلَ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ‏ ‏قَوْله ( فِي السَّبْع وَالتِّسْع ) كَذَا فِي مُعْظَم الرِّوَايَات بِتَقْدِيمِ السَّبْع الَّتِي أَوَّلهَا السِّين عَلَى التِّسْع , فَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ رَجَاءَهَا فِي السَّبْع أَقْوَى لِلِاهْتِمَامِ بِتَقْدِيمِهِ. وَوَقَعَ عِنْد أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَج بِتَقْدِيمِ التِّسْع عَلَى تَرْتِيب التَّدَلِّي. وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَاد بِالتِّسْعِ وَغَيْرهَا فَقِيلَ لِتِسْعٍ يَمْضِينَ مِنْ الْعَشْر وَقِيلَ لِتِسْعٍ يَبْقَيْنَ مِنْ الشَّهْر , وَسَنَذْكُرُ بَسْط هَذَا فِي مَحَلّه حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّف فِي كِتَاب الِاعْتِكَاف إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!