المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (462)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (462)]
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْزِلُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ حِينَ يَعْتَمِرُ وَفِي حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ تَحْتَ سَمُرَةٍ فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ غَزْوٍ كَانَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَبَطَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ فَإِذَا ظَهَرَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي الشَّرْقِيَّةِ فَعَرَّسَ ثَمَّ حَتَّى يُصْبِحَ لَيْسَ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِحِجَارَةٍ وَلَا عَلَى الْأَكَمَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْمَسْجِدُ كَانَ ثَمَّ خَلِيجٌ يُصَلِّي عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَهُ فِي بَطْنِهِ كُثُبٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَّ يُصَلِّي فَدَحَا السَّيْلُ فِيهِ بِالْبَطْحَاءِ حَتَّى دَفَنَ ذَلِكَ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي فِيهِ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى حَيْثُ الْمَسْجِدُ الصَّغِيرُ الَّذِي دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْلَمُ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ثَمَّ عَنْ يَمِينِكَ حِينَ تَقُومُ فِي الْمَسْجِدِ تُصَلِّي وَذَلِكَ الْمَسْجِدُ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ الْيُمْنَى وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي إِلَى الْعِرْقِ الَّذِي عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحَاءِ وَذَلِكَ الْعِرْقُ انْتِهَاءُ طَرَفِهِ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْصَرَفِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ وَقَدْ ابْتُنِيَ ثَمَّ مَسْجِدٌ فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُصَلِّي فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ كَانَ يَتْرُكُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَوَرَاءَهُ وَيُصَلِّي أَمَامَهُ إِلَى الْعِرْقِ نَفْسِهِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنْ الرَّوْحَاءِ فَلَا يُصَلِّي الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَيُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ وَإِذَا أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ فَإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ بِسَاعَةٍ أَوْ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ عَرَّسَ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهَا الصُّبْحَ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْزِلُ تَحْتَ سَرْحَةٍ ضَخْمَةٍ دُونَ الرُّوَيْثَةِ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ وَوِجَاهَ الطَّرِيقِ فِي مَكَانٍ بَطْحٍ سَهْلٍ حَتَّى يُفْضِيَ مِنْ أَكَمَةٍ دُوَيْنَ بَرِيدِ الرُّوَيْثَةِ بِمِيلَيْنِ وَقَدْ انْكَسَرَ أَعْلَاهَا فَانْثَنَى فِي جَوْفِهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ عَلَى سَاقٍ وَفِي سَاقِهَا كُثُبٌ كَثِيرَةٌ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي طَرَفِ تَلْعَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْعَرْجِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى هَضْبَةٍ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ قَبْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ عَلَى الْقُبُورِ رَضَمٌ مِنْ حِجَارَةٍ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ عِنْدَ سَلَمَاتِ الطَّرِيقِ بَيْنَ أُولَئِكَ السَّلَمَاتِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنْ الْعَرْجِ بَعْدَ أَنْ تَمِيلَ الشَّمْسُ بِالْهَاجِرَةِ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ عِنْدَ سَرَحَاتٍ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ فِي مَسِيلٍ دُونَ هَرْشَى ذَلِكَ الْمَسِيلُ لَاصِقٌ بِكُرَاعِ هَرْشَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ قَرِيبٌ مِنْ غَلْوَةٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي إِلَى سَرْحَةٍ هِيَ أَقْرَبُ السَّرَحَاتِ إِلَى الطَّرِيقِ وَهِيَ أَطْوَلُهُنَّ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْزِلُ فِي الْمَسِيلِ الَّذِي فِي أَدْنَى مَرِّ الظَّهْرَانِ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ يَهْبِطُ مِنْ الصَّفْرَاوَاتِ يَنْزِلُ فِي بَطْنِ ذَلِكَ الْمَسِيلِ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ لَيْسَ بَيْنَ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ إِلَّا رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْزِلُ بِذِي طُوًى وَيَبِيتُ حَتَّى يُصْبِحَ يُصَلِّي الصُّبْحَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ وَمُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ لَيْسَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ وَلَكِنْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَيْ الْجَبَلِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَبَلِ الطَّوِيلِ نَحْوَ الْكَعْبَةِ فَجَعَلَ الْمَسْجِدَ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ يَسَارَ الْمَسْجِدِ بِطَرَفِ الْأَكَمَةِ وَمُصَلَّى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْفَلَ مِنْهُ عَلَى الْأَكَمَةِ السَّوْدَاءِ تَدَعُ مِنْ الْأَكَمَةِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا ثُمَّ تُصَلِّي مُسْتَقْبِلَ الْفُرْضَتَيْنِ مِنْ الْجَبَلِ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ
قَوْله : ( تَحْتَ سَمُرَةٍ ) أَيْ شَجَرَة ذَات شَوْك , وَهِيَ الَّتِي تُعْرَفُ بِأُمّ غَيْلَان. قَوْله : ( وَكَانَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ ) أَيْ طَرِيقِ ذِي الْحُلَيْفَةِ. قَوْله : ( بَطْن وَادٍ ) أَيْ وَادِي الْعَقِيق. قَوْله : ( فَعَرَّسَ ) بِمُهْمَلَاتٍ وَالرَّاءُ مُشَدَّدَةٌ , قَالَ الْخَطَّابِيّ : التَّعْرِيسُ نُزُول اِسْتِرَاحَةٍ لِغَيْرِ إِقَامَة , وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَخَصَّهُ بِذَلِكَ الْأَصْمَعِيِّ وَأَطْلَقَ أَبُو زَيْد. قَوْله : ( عَلَى الْأَكَمَةِ ) هُوَ الْمَوْضِعُ الْمُرْتَفِعُ عَلَى مَا حَوْلَهُ , وَقِيلَ هُوَ تَلٌّ مِنْ حَجَرٍ وَاحِدٍ. قَوْله : ( كَانَ ثَمَّ خَلِيج ) كَرَّرَ لَفْظ "" ثَمَّ "" فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ , وَهُوَ بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وَالْمُرَاد بِهِ الْجِهَة , وَالْخَلِيج وَادٍ لَهُ عُمْق , وَالْكُثُب بِضَمِّ الْكَافِ وَالْمُثَلَّثَة جَمْع كَثِيب وَهُوَ رَمْلٌ مُجْتَمِعٌ. قَوْله : ( فَدَحَا ) بِالْحَاء الْمُهْمَلَةِ أَيْ دَفَعَ. وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ "" فَدَخَلَ "" بِالْخَاء الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ , وَنَقَلَ بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ "" قَدْ جَاءَ "" بِالْقَاف وَالْجِيمِ عَلَى أَنَّهُمَا كَلِمَتَانِ حَرْف التَّحْقِيقِ وَالْفِعْلُ الْمَاضِي مِنْ الْمَجِيءِ. قَوْله : ( وَأَنَّ عَبْد اللَّه بْن عُمَر حَدَّثَهُ ) أَيْ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إِلَيْهِ. قَوْله : ( بِشَرَفِ الرَّوْحَاء ) هِيَ قَوِيَّةٌ جَامِعَةٌ عَلَى لَيْلَتَيْنِ مِنْ الْمَدِينَةِ , وَهِيَ آخِرُ السَّيَّالَةِ لِلْمُتَوَجِّهِ إِلَى مَكَّةَ , وَالْمَسْجِدِ الْأَوْسَطِ هُوَ فِي الْوَادِي الْمَعْرُوفِ الْآنَ بِوَادِي بَنِي سَالِم. وَفِي الْآذَانِ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ بَيْنَهُمَا سِتَّة وَثَلَاثِينَ مِيلًا. قَوْله : ( يُعْلِمُ الْمَكَان ) بِضَمّ أَوَّله مِنْ أَعْلَمَ يُعْلِمُ مِنْ الْعَلَامَةِ. قَوْله : ( يَقُولُ ثَمَّ عَنْ يَمِينِك ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : هُوَ تَصْحِيفُ , وَالصَّوَابُ "" بِعَوَاسِج عَنْ يَمِينِك "". قُلْت : تَوْجِيهُ الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ , وَمَا ذَكَرَهُ إِنْ ثَبَتَتْ بِهِ رِوَايَةٌ فَهُوَ أَوْلَى , وَقَدْ وَقَعَ التَّوَقُّف فِي هَذَا الْمَوْضِعِ قَدِيمًا فَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ بِلَفْظ "" يُعْلِمُ الْمَكَان الَّذِي صَلَّى "" قَالَ فِيهِ هُنَا لَفْظَة لَمْ أَضْبِطْهَا "" عَنْ يَمِينِك "" الْحَدِيثِ. قَوْله : ( يُصَلِّي إِلَى الْعِرْقِ ) أَيْ عِرْق الظَّبْيَة وَهُوَ وَادٍ مَعْرُوفٌ قَالَهُ أَبُو عُبَيْد الْبَكْرِيّ. ( وَمُنْصَرَف الرَّوْحَاء ) بِفَتْحِ الرَّاءِ , أَيْ آخِرِهَا. قَوْله : ( وَقَدْ اِبْتُنِيَ ) بِضَمٍّ الْمُثَنَّاةِ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ. قَوْله : ( سَرْحَة ضَخْمَة ) أَيْ شَجَرَة عَظِيمَة وَ ( الرُّوَيْثَة ) بِالرَّاءِ وَالْمُثَلَّثَة مُصَغَّرًا , قَرْيَة جَامِعَة بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ فَرْسَخًا. ( وَوِجَاهُ الطَّرِيق ) بِكَسْرِ الْوَاوِ , أَيْ مُقَابِلَة. قَوْله : ( بَطْح ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُون الطَّاءِ وَبِكَسْرِهَا أَيْضًا , أَيْ وَاسِع. قَوْله : ( حَتَّى يُفْضِيَ ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَلِلْمُسْتَمْلِي وَالْحَموِيِّ "" حِينَ يُفْضِي "". قَوْله ( دُوَيْنَ بَرِيد الرُّوَيْثَةِ بِمِيلَيْنِ ) أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَكَانِ الَّذِي يَنْزِلُ فِيهِ الْبَرِيد بِالرُّوَيْثَةِ مِيلَانِ , قِيلَ الْمُرَاد بِالْبَرِيدِ سِكَّة الطَّرِيق. قَوْله ( فَانْثَنَى ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ. قَوْله : ( تَلْعَة ) بِفَتْح الْمُثَنَّاة وَسُكُون اللَّامِ بَعْدَهَا مُهْمَلَة وَهِيَ مَسِيلُ الْمَاءِ مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلَ , وَيُقَالُ أَيْضًا لِمَا اِرْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ وَلِمَا اِنْهَبَطَ , وَ ( الْعَرْج ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُون الرَّاءِ بَعْدَهَا جِيم : قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْن الرُّوَيْثَة ثَلَاثَة عَشَر أَوْ أَرْبَعَة عَشَر مِيلًا وَ ( الْهَضْبَة ) بِسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَة فَوْقَ الْكَثِيبِ فِي الِارْتِفَاعِ وَدُونَ الْجَبَلِ , وَقِيلَ الْجَبَلُ الْمُنْبَسِطُ عَلَى الْأَرْضِ , وَقِيلَ الْأَكَمَة الْمَلْسَاء وَ "" الرَّضْم "" الْحِجَارَة الْكِبَار وَاحِدهَا رَضْمَة بِسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَة فِي الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ , وَوَقَعَ عِنْدَ الْأَصِيلِيّ بِالتَّحْرِيكِ. قَوْله : ( عِنْدَ سَلِمَات الطَّرِيق ) أَيْ مَا يَتَفَرَّعُ عَنْ جَوَانِبِهِ , وَالسَّلِمَاتِ بِفَتْحِ الْمُهْمِلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالْأَصِيلِيّ وَفِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ بِفَتْحِ اللَّامِ , وَقِيلَ : هِيَ بِالْكَسْرِ الصَّخْرَات , وَبِالْفَتْحِ الشَّجَرَات وَ "" السَّرَحَات "" بِالتَّحْرِيكِ جُمَع سَرْحَة وَهِيَ الشَّجَرَةُ الضَّخْمَةُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْله : ( فِي مَسِيلٍ دُونَ هَرْشَى ) الْمُسِيل الْمَكَان الْمُنْحَدِر وَهَرْشَى بِفَتْح أَوَّله وَسُكُون الرَّاءِ بَعْدَهَا شِين مُعْجَمَة مَقْصُور , قَالَ الْبَكْرِيُّ هُوَ جَبَلٌ عَلَى مُلْتَقَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ قَرِيب مِنْ الْجُحْفَةِ , وَكَرَاعٍ هَرْشَى طَرَفهَا , وَ "" الْغَلْوَة "" بِالْمُعْجَمَةِ الْمَفْتُوحَة غَايَةُ بُلُوغ السَّهْم , وَقِيلَ قَدْرُ ثُلْثَيْ مِيلٍ. قَوْله : ( مَرِّ الظَّهْرَانِ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَبِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُون الْهَاءِ هُوَ الْوَادِي الَّذِي تُسَمِّيه الْعَامَّة بَطْنَ مَرْوٍ بِإِسْكَان الرَّاء بَعْدَهَا وَاو. قَالَ الْبَكْرِيّ : بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ سِتَّةَ عَشَرَ مِيلًا , وَقَالَ أَبُو غَسَّان سُمِّيَ بِذَلِكَ ; لِأَنَّ فِي بَطْنِ الْوَادِي كِتَابَةً بِعِرْقٍ مِنْ الْأَرْضِ أَبْيَض هِجَاء "" م ر ا "" الْمِيم مُنْفَصِلَة عَنْ الرَّاءِ , وَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَرَارَةِ مَائِهِ. قَوْله : ( قِبَلَ الْمَدِينَةِ ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَبِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ ُ أَيْ مُقَابِلَهَا. و ( الصَّفْرَاوَات ) بِفَتْحِ الْمُهْمِلَةِ وَسُكُون الْفَاءِ جُمَع صَفْرَاء وَهُوَ مَكَانٌ بَعْدَ مَرِّ الظَّهْرَانِ. قَوْله : ( يَنْزِلُ بِذِي طُوَى ) بِضَمّ الطَّاءِ لِلْأَكْثَرِ وَبِهِ جَزَمَ الْجَوْهَرِيّ , وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ وَالْمُسْتَمْلِي "" بِذِي الطُّوَى "" بِزِيَادَةِ أَلِفٍ وَلَامٍ قَيَّدَهُ الْأَصِيلِيّ بِالْكَسْرِ وَحَكَى عِيَاض وَغَيْره الْفَتْح أَيْضًا. قَوْله : ( اِسْتَقْبَلَ فُرْضَتَيْ الْجَبَل ) الْفُرْضَة بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُون الرَّاءِ بَعْدَهَا ضَاد مُعْجَمَة : مَدْخَلُ الطَّرِيقِ إِلَى الْجَبَلِ , وَقِيلَ الشَّقُّ الْمُرْتَفِعُ كَالشُّرَافَةِ , وَيُقَالُ أَيْضًا لِمَدْخَلِ النَّهْرِ. ( تَنْبِيهَات ) : الْأَوَّل اِشْتَمَلَ هَذَا السِّيَاقُ عَلَى تِسْعَةِ أَحَادِيثَ أَخْرَجَهَا الْحَسَن بْن سُفْيَان فِي مَسْنَدِهِ مُفَرَّقَة مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي أُوَيْس عَنْ أَنَس بْن عِيَاض يُعِيدُ الْإِسْنَادَ فِي كُلّ حَدِيث , إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الثَّالِث. وَأَخْرَجَ مُسْلِم مِنْهَا الْحَدِيثَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ فِي كِتَاب الْحَجّ. الثَّانِي : هَذِهِ الْمَسَاجِدُ لَا يُعْرَفُ الْيَوْمَ مِنْهَا غَيْر مَسْجِدَيْ ذِي الْحُلَيْفَةِ , وَالْمَسَاجِدِ الَّتِي بِالرَّوْحَاءِ يَعْرِفُهَا أَهْلُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ. وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّبَيْر بْن بَكَّارٍ فِي "" أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ "" لَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ نَافِعٍ عَنْ اِبْن عُمَر فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَة بَسْطٍ فِي صِفَةِ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ. وَفِي التِّرْمِذِيَّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرو بْن عَوْف أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَادِي الرَّوْحَاء وَقَالَ "" لَقَدْ صَلَّى فِي هَذَا الْمَسْجِدِ سَبْعُونَ نَبِيًّا "". الثَّالِثُ : عُرِفَ مِنْ صَنِيعِ اِبْن عُمَر اِسْتِحْبَاب تَتَبُّع آثَار النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّبَرُّك بِهَا , وَقَدْ قَالَ الْبَغَوِيّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ : إِنَّ الْمَسَاجِدَ - الَّتِي ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِيهَا - لَوْ نَذَرَ أَحَد الصَّلَاة فِي شَيْءٍ مِنْهَا تَعَيَّنَ كَمَا تَتَعَيَّنُ الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة. الرَّابِعُ : ذَكَرَ الْبُخَارِيّ الْمَسَاجِد الَّتِي فِي طُرُقِ الْمَدِينَةِ , وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَسَاجِدَ الَّتِي كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ إِسْنَاد فِي ذَلِكَ عَلَى شَرْطِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ عُمَر بْن شَبَّة فِي "" أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ "" الْمَسَاجِد وَالْأَمَاكِن الَّتِي صَلَّى فِيهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ مُسْتَوْعِبًا , وَرَوَى عَنْ أَبِي غَسَّان عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ كُلَّ مَسْجِدٍ بِالْمَدِينَةِ وَنَوَاحِيهَا مَبْنِيّ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ الْمُطَابَقَة , فَقَدْ صَلَّى فِيهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَلِكَ أَنَّ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ سَأَلَ النَّاسَ - وَهُمْ يَوْمَئِذٍ مُتَوَافِرُونَ - عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ بَنَاهَا بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ الْمُطَابَقَة ا ه. وَقَدْ عَيَّنَ عُمَر بْن شَبَّة مِنْهَا شَيْئًا كَثِيرًا , لَكِنَّ أَكْثَرَهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ قَدْ اِنْدَثَرَ , وَبَقِيَ مِنْ الْمَشْهُورَةِ الْآنَ مَسْجِد قُبَاءٍ , وَمَسْجِد الْفَضِيخِ وَهُوَ شَرْقِيّ مَسْجِد قُبَاءٍ وَمَسْجِد بَنِي قُرَيْظَةَ , وَمُشْرَبَة أُمِّ إِبْرَاهِيمَ وَهِيَ شَمَالَيّ مَسْجِد بَنِي قُرَيْظَةَ , وَمَسْجِد بَنِي ظَفَر شَرْقِيّ الْبَقِيع وَيُعْرَفُ بِمَسْجِد الْبَغْلَة وَمَسْجِد بَنِي مُعَاوِيَة وَيُعْرَفُ بِمَسْجِد الْإِجَابَة وَمَسْجِد الْفَتْح قَرِيب مِنْ جَبَلِ سَلْع , وَمَسْجِد الْقُبْلَتَيْنِ فِي بَنِي سَلَمَة , هَكَذَا أَثْبَتَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا , وَفَائِدَةُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَغَوِيّ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


