المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (446)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (446)]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ إِنْ يَكُنْ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْعَبْدَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا قَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَا تَبْكِ إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابُ أَبِي بَكْرٍ
قَوْله : ( عَنْ عُبَيْد بْن حُنَيْن عَنْ بُسْر بْن سَعِيد ) هَكَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ , وَسَقَطَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ عَنْ أَبِي زَيْد ذِكْرُ بُسْر بْن سَعِيد فَصَارَ عَنْ عُبَيْد بْن حُنَيْن عَنْ أَبِي سَعِيد وَهُوَ صَحِيحٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكِنَّ مُحَمَّد بْن سِنَان إِنَّمَا حَدَّثَ بِهِ كَالَّذِي وَقَعَ فِي بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ , فَقَدْ نَقَلَ اِبْن السَّكَنِ عَنْ الْفَرَبْرِيِّ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ : هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ مُحَمَّد بْن سِنَان , وَهُوَ خَطَأ , وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ عُبَيْد بْن حُنَيْن وَعَنْ بُسْر بْن سَعِيد يَعْنِي بِوَاوِ الْعَطْفِ ُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ أَبُو النَّضْرِ سَمِعَهُ مِنْ شَيْخَيْنِ حَدَّثَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِهِ عَنْ أَبِي سَعِيد , وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِم كَذَلِكَ عَنْ سَعِيد بْن مَنْصُور عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدٍ وَبُسْرٍ جَمِيعًا عَنْ أَبِي سَعِيد وَتَابَعَهُ يُونُس اِبْن مُحَمَّد عَنْ فُلَيْحٍ أَخْرَجَهُ أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة عَنْهُ , وَرَوَاهُ أَبُو عَامِر الْعَقَدِيّ عَنْ فُلَيْح عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْر وَحْدَهُ , أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْر فَكَأَنَّ فُلَيْحًا كَانَ يَجْمَعُهُمَا مَرَّةً وَيَقْتَصِرُ مَرَّةً عَلَى أَحَدِهِمَا. وَقَدْ رَوَاهُ مَالِك عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدٍ وَحْدَهُ عَنْ أَبِي سَعِيد أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِي الْهِجْرَةِ , وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي أَنَّ الْحَدِيثَ عِنْد أَبِي النَّضْرِ عَنْ شَيْخَيْنِ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنَّ مُحَمَّد بْن سِنَان أَخْطَأَ فِي حَذْفِ الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ مَعَ اِحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْخَطَأ مِنْ فُلَيْح حَال تَحْدِيثه لَهُ بِهِ , وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ أَنَّ الْمُعَافِيَ بْن سُلَيْمَان الْحَرَّانِيَّ رَوَاهُ عَنْ فُلَيْح كَرِوَايَةِ مُحَمَّد بْن سِنَان , وَقَدْ نَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّ حَذْفَ الْوَاوِ خَطَأ فَلَمْ يَبْقَ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ سَبِيل قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : رِوَايَة مَنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عَبِيدٍ عَنْ بُسْر غَيْر مَحْفُوظَةٍ. قَوْله : ( إِنْ يَكُنْ اللَّه خَيَّرَ عَبْدًا ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَلِلكُشْمِيهَنِيّ "" إِنْ يَكُنْ لِلَّهِ عَبْدٌ خَيْرٌ "" وَالْهَمْزَةَ فِي "" إِنْ "" مَكْسُورَة عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّة ُ وَجَوَّزَ اِبْن التِّينِ فَتْحهَا عَلَى أَنَّهَا تَعْلِيلِيَّةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْله : ( إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ ) قَالَ النَّوَوِيّ : قَالَ الْعُلَمَاء مَعْنَاهُ أَكْثَرُهُمْ جُودًا لَنَا بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ , وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْمَنِّ الَّذِي هُوَ الِاعْتِدَادُ بِالصَّنِيعَةِ ; لِأَنَّ الْمِنَّةَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي قَبُولِ ذَلِكَ , وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : هُوَ مِنْ الِامْتِنَانِ , وَالْمُرَاد أَنَّ أَبَا بَكْر لَهُ مِنْ الْحُقُوقِ مَا لَوْ كَانَ لِغَيْرِهِ نَظِيرِهَا لَامْتَنَّ بِهَا , يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ اِبْن عَبَّاس "" لَيْسَ أَحَد أَمَنّ عَلَى "" , وَاللَّه أَعْلَمُ. قَوْله : ( وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْأَصِيلِيِّ "" وَلَكِنْ خُوَّة الْإِسْلَام "" بِحَذْفِ الْأَلِفِ كَأَنَّهُ نَقَلَ حَرَكَةَ الْهَمْزَةِ إِلَى النُّونِ وَحَذَفَ الْهَمْزَةِ , فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ ضَمُّ نُونِ لَكِنْ كَمَا قَالَهُ اِبْن مَالِك , وَخَبَر هَذِهِ الْجُمْلَة مَحْذُوف , وَالتَّقْدِير أَفْضَل كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ اِبْن عَبَّاس الَّذِي بَعْدَهُ "" وَلَكِنْ فِيهِ خُلَّة الْإِسْلَام "" وَيَأْتِي مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِشْكَالِ وَبَيَانه فِي كِتَاب الْمَنَاقِب إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَبَيَّنَ حَدِيث اِبْن عَبَّاس أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي مَرَض مَوْته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَلِكَ لِمَّا أَمَرَ أَبَا بَكْر أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ , فَلِذَلِكَ اِسْتَثْنَى خَوْخَته بِخِلَافِ غَيْرِهِ , وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْإِشَارَاتِ إِلَى اِسْتِخْلَافِهِ كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا.



