المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (437)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (437)]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى يَا كَعْبُ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَيْ الشَّطْرَ قَالَ لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُمْ فَاقْضِهِ
قَوْله : ( عَنْ كَعْبٍ ) هُوَ اِبْن مَالِك أَبُوهُ. قَوْله : ( دَيْنًا ) وَقْع فِي رِوَايَةِ زَمْعَة بْن صَالِح عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ أُوقِيَّتَيْنِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيّ. قَوْله : ( فِي الْمَسْجِدِ ) مُتَعَلِّق بِتَقَاضِي. قَوْله : ( فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا ) فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ "" فَمَرَّ بِهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "" فَظَاهِر الرِّوَايَتَيْنِ التَّخَالُف , وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَرَّ بِهِمَا أَوَّلًا ثُمَّ إِنَّ كَعْبًا أَشْخَصَ خَصْمَهُ لِلْمُحَاكَمَةِ فَسَمِعَهُمَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا وَهُوَ فِي بَيْتِهِ. قُلْت : وَفِيهِ بُعْدٌ ; لِأَنَّ فِي الطَّرِيقَيْنِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَارَ إِلَى كَعْبٍ بِالْوَضِيعَةِ وَأَمَرَ غَرِيمَهُ بِالْقَضَاءِ , فَلَوْ كَانَ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ تَقَدَّمَ لَهُمَا لَمَا اِحْتَاجَ إِلَى الْإِعَادَةِ. وَالْأَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ لِي أَنْ يُحْمَلَ الْمُرُورُ عَلَى أَمْرٍ مَعْنَوِيٍّ لَا حِسِّيٍّ. قَوْله : ( سِجْف ) بِكَسْرِ الْمُهْمِلَةِ وَسُكُون الْجِيمِ وَحَكَى فَتْح أَوَّلَهُ وَهُوَ السِّتْرُ , وَقِيلَ أَحَد طَرَفَيْ السِّتْر الْمُفَرَّج. قَوْله : ( أَيْ الشَّطْرَ ) بِالنَّصْبِ أَيْ ضَعْ الشَّطْر ; لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ "" هَذَا "" وَالْمُرَاد بِالشَّطْرِ النِّصْف وَصَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ. قَوْله : ( لَقَدْ فَعَلْت ) مُبَالَغَة فِي اِمْتِثَال الْأَمْر. وَقَوْلُهُ ( قُمْ ) خِطَاب لِابْن أَبِي حَدْرَد , وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ الْوَضِيعَة وَالتَّأْجِيل. وَفِي الْحَدِيثِ جَوَاز رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ , وَهُوَ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ , وَقَدْ أَفْرَدَ لَهُ الْمُصَنِّف بَابًا يَأْتِي قَرِيبًا , وَالْمَنْقُول عَنْ مَالِكٍ مَنْعُهُ فِي الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا , وَعَنْهُ التَّفْرِقَة بَيْنَ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْعِلْمِ وَالْخَيْرِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَجُوزُ , وَبَيْنَ رَفْعِهِ بِاللَّغَطِ وَنَحْوِهِ فَلَا. قَالَ الْمُهَلَّب : لَوْ كَانَ رَفْع الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ لَمَا تَرَكَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَبَيَّنَ لَهُمَا ذَلِكَ. قُلْت : وَلِمَنْ مَنَعَ أَنْ يَقُولَ : لَعَلَّهُ تَقَدَّمَ بَهِيهٍ عَنْ ذَلِكَ فَاكْتَفَى بِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى التَّوَصُّلِ بِالطَّرِيقِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى تَرْكِ ذَلِكَ بِالصُّلْحِ الْمُقْتَضِي لِتَرْكِ الْمُخَاصَمَةِ الْمُوجِبَةِ لِرَفْعِ الصَّوْتِ. وَفِيهِ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْإِشَارَةِ إِذَا فُهِمَتْ وَالشَّفَاعَةِ إِلَى صَاحِبِ الْحَقِّ , وَإِشَارَة الْحَاكِمِ بِالصُّلْحِ وَقَبُول الشَّفَاعَةِ , وَجَوَاز إِرْخَاء السِّتْرِ عَلَى الْبَابِ.



