المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (425)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (425)]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ
قَوْله : ( عَنْ أَبِي قَتَادَةَ ) بِفَتْحَتَيْنِ , هَكَذَا اِتَّفَقَ عَلَيْهِ الرُّوَاة عَنْ مَالِك , وَرَوَاهُ سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح عَنْ عَامِر بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر فَقَالَ "" عَنْ جَابِر "" بَدَل أَبِي قَتَادَة , وَخَطَّأَهُ التِّرْمِذِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرهمَا. قَوْله : ( السَّلَمِيّ ) بِفَتْحَتَيْنِ ; لِأَنَّهُ مِنْ الْأَنْصَار , وَالْإِسْنَاد كُلّه مَدَنِيّ كَاَلَّذِي بَعْده. قَوْله : ( فَلْيَرْكَعْ ) أَيْ فَلْيُصَلِّ , مِنْ إِطْلَاق الْجُزْء وَإِرَادَة الْكُلّ. قَوْله : ( رَكْعَتَيْنِ ) هَذَا الْعَدَد لَا مَفْهُوم لِأَكْثَرِهِ بِاتِّفَاقٍ , وَاخْتُلِفَ فِي أَقَلّه , وَالصَّحِيح اِعْتِبَاره فَلَا تَتَأَدَّى هَذِهِ السُّنَّة بِأَقَلّ مِنْ رَكْعَتَيْنِ. وَاتَّفَقَ أَئِمَّة الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْأَمْر فِي ذَلِكَ لِلنَّدْبِ , وَنَقَلَ اِبْن بَطَّالٍ عَنْ أَهْل الظَّاهِر الْوُجُوب , وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ اِبْن حَزْم عَدَمه , وَمِنْ أَدِلَّة عَدَم الْوُجُوب قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي رَآهُ يَتَخَطَّى "" اِجْلِسْ فَقَدْ آذَيْت "" وَلَمْ يَأْمُرهُ بِصَلَاةٍ , كَذَا اِسْتَدَلَّ بِهِ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْره وَفِيهِ نَظَر. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا : الْأَوْقَات الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاة فِيهَا لَيْسَ هَذَا الْأَمْر بِدَاخِلٍ فِيهَا. قُلْت : هُمَا عُمُومَانِ تَعَارَضَا , الْأَمْر بِالصَّلَاةِ لِكُلّ دَاخِل مِنْ غَيْر تَفْصِيل , وَالنَّهْي عَنْ الصَّلَاة فِي أَوْقَات مَخْصُوصَة , فَلَا بُدّ مِنْ تَخْصِيص أَحَد الْعُمُومَيْنِ , فَذَهَبَ جَمْع إِلَى تَخْصِيص النَّهْي وَتَعْمِيم الْأَمْر - وَهُوَ الْأَصَحّ عِنْد الشَّافِعِيَّة - وَذَهَبَ جَمْع إِلَى عَكْسه وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّة وَالْمَالِكِيَّة. قَوْله : ( قَبْل أَنْ يَجْلِس ) صَرَّحَ جَمَاعَة بِأَنَّهُ إِذَا خَالَفَ وَجَلَسَ لَا يُشْرَع لَهُ التَّدَارُك , وَفِيهِ نَظَر لِمَا رَوَاهُ اِبْن حِبَّانَ فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ "" دَخَلَ الْمَسْجِد فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرَكَعْت رَكْعَتَيْنِ ؟ قَالَ لَا , قَالَ : قُمْ فَارْكَعْهُمَا "" تَرْجَمَ عَلَيْهِ اِبْن حِبَّانَ أَنَّ تَحِيَّة الْمَسْجِد لَا تَفُوت بِالْجُلُوسِ. قُلْت : وَمِثْله قِصَّة سُلَيْك كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجُمُعَة. وَقَالَ الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ : يُحْتَمَل أَنْ يُقَال وَقْتهمَا قَبْل الْجُلُوس وَقْت فَضِيلَة وَبَعْده وَقْت جَوَاز , أَوْ يُقَال وَقْتهمَا قَبْله أَدَاء وَبَعْده قَضَاء , وَيُحْتَمَل أَنْ تُحْمَل مَشْرُوعِيَّتهمَا بَعْد الْجُلُوس عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْل. ( فَائِدَةٌ ) : حَدِيث أَبِي قَتَادَةَ هَذَا وَرَدَ عَلَى سَبَب , وَهُوَ "" أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ الْمَسْجِد فَوَجَدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا بَيْن أَصْحَابه فَجَلَسَ مَعَهُمْ , فَقَالَ لَهُ : مَا مَنَعَك أَنْ تَرْكَع ؟ قَالَ : رَأَيْتُك جَالِسًا وَالنَّاس جُلُوس. قَالَ : فَإِذَا دَخَلَ أَحَدكُمْ الْمَسْجِد فَلَا يَجْلِس حَتَّى يَرْكَع رَكْعَتَيْنِ "" أَخْرَجَهُ مُسْلِم. وَعِنْد اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي قَتَادَةَ "" أَعْطُوا الْمَسَاجِد حَقّهَا , قِيلَ لَهُ : وَمَا حَقّهَا ؟ قَالَ رَكْعَتَيْنِ قَبْل أَنْ تَجْلِس "".



