المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (42)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (42)]
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ قَالَ أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِيمَانٍ مَكَانَ مِنْ خَيْرٍ
قَوْله : ( هِشَام ) هُوَ اِبْن أَبِي عَبْد اللَّه الدَّسْتُوَائِيّ , يُكَنَّى أَبَا بَكْر , وَفِي طَبَقَته هِشَام بْن حَسَّان لَكِنَّهُ لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيث. قَوْله : ( يَخْرُج ) بِفَتْحِ أَوَّله وَضَمّ الرَّاء , وَيُرْوَى بِالْعَكْسِ , وَيُؤَيِّدهُ قَوْله فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى "" أَخْرِجُوا "" قَوْله : ( مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَفِي قَلْبه ) فِيهِ دَلِيل عَلَى اِشْتِرَاط النُّطْق بِالتَّوْحِيدِ , أَوْ الْمُرَاد بِالْقَوْلِ هُنَا الْقَوْل النَّفْسِيّ , فَالْمَعْنَى مَنْ أَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ وَصَدَقَ , فَالْإِقْرَار لَا بُدّ مِنْهُ , فَلِهَذَا أَعَادَهُ فِي كُلّ مَرَّة. وَالتَّفَاوُت يَحْصُل فِي التَّصْدِيق عَلَى الْوَجْه الْمُتَقَدِّم. فَإِنْ قِيلَ : فَكَيْف لَمْ يَذْكُر الرِّسَالَة ؟ فَالْجَوَاب أَنَّ الْمُرَاد الْمَجْمُوع , وَصَارَ الْجُزْء الْأَوَّل عَلَمًا عَلَيْهِ كَمَا تَقُول : قَرَأْت ( قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد ) , أَيْ : السُّورَة كُلّهَا. قَوْله : ( بُرَّة ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَة وَتَشْدِيد الرَّاء الْمَفْتُوحَة وَهِيَ الْقَمْحَة , وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ وَزْن الْبُرَّة دُون وَزْن الشَّعِيرَة لِأَنَّهُ قَدَّمَ الشَّعِيرَة وَتَلَاهَا بِالْبُرَّةِ ثُمَّ الذَّرَّة , وَكَذَلِكَ هُوَ فِي بَعْض الْبِلَاد. فَإِنْ قِيلَ إِنَّ السِّيَاق بِالْوَاوِ وَهِيَ لَا تُرَتِّب , فَالْجَوَاب أَنَّ رِوَايَة مُسْلِم مِنْ هَذَا الْوَجْه بِلَفْظِ "" ثُمَّ "" وَهِيَ لِلتَّرْتِيبِ. قَوْله : ( ذَرَّة ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَتَشْدِيد الرَّاء الْمَفْتُوحَة , وَصَحَّفَهَا شُعْبَة - فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق يَزِيد بْنِ زُرَيْع عَنْهُ - فَقَالَ ذُرَة بِالضَّمِّ وَتَخْفِيف الرَّاء , وَكَأَنَّ الْحَامِل لَهُ عَلَى ذَلِكَ كَوْنهَا مِنْ الْحُبُوب فَنَاسَبَتْ الشَّعِيرَة وَالْبُرَّة. قَالَ مُسْلِم فِي رِوَايَته قَالَ يَزِيد : صَحَّفَ فِيهَا أَبُو بِسْطَام , يَعْنِي شُعْبَة. وَمَعْنَى الذَّرَّة قِيلَ هِيَ أَقَلّ الْأَشْيَاء الْمَوْزُونَة , وَقِيلَ هِيَ الْهَبَاء الَّذِي يَظْهَر فِي شُعَاع الشَّمْس مِثْل رُءُوس الْإِبَر , وَقِيلَ هِيَ النَّمْلَة الصَّغِيرَة , وَيُرْوَى عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ : إِذَا وَضَعْت كَفّك فِي التُّرَاب ثُمَّ نَفَضْتهَا فَالسَّاقِط هُوَ الذَّرّ. وَيُقَال إِنَّ أَرْبَع ذَرَّات وَزْن خَرْدَلَة. وَلِلْمُصَنِّفِ فِي أَوَاخِر التَّوْحِيد مِنْ طَرِيق حُمَيْدٍ عَنْ أَنَس مَرْفُوعًا "" أُدْخِلَ الْجَنَّة مَنْ كَانَ فِي قَلْبه خَرْدَلَة , ثُمَّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبه أَدْنَى شَيْء "" وَهَذَا مَعْنَى الذَّرَّة. قَوْله : ( قَالَ أَبَان ) هُوَ اِبْن يَزِيد الْعَطَّار , وَهَذَا التَّعْلِيق وَصَلَهُ الْحَاكِم فِي كِتَاب الْأَرْبَعِينَ لَهُ مِنْ طَرِيق أَبِي سَلَمَة. قَالَ : حَدَّثَنَا أَبَان بْن يَزِيد.. فَذَكَرَ الْحَدِيث. وَفَائِدَة إِيرَاد الْمُصَنِّف لَه مِنْ جِهَتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا تَصْرِيح قَتَادَة فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ عَنْ أَنَس , ثَانِيَتهمَا تَعْبِيره فِي الْمَتْن بِقَوْلِهِ "" مِنْ إِيمَان "" بَدَل قَوْله "" مِنْ خَيْر "" , فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَاد بِالْخَيْرِ هُنَا الْإِيمَان. فَإِنْ قِيلَ عَلَى الْأُولَى لِمَ لَمْ يَكْتَفِ بِطَرِيقِ أَبَان السَّالِمَة مِنْ التَّدْلِيس وَيَسُوقهَا مَوْصُولَة ؟ فَالْجَوَاب أَنَّ أَبَان وَإِنْ كَانَ مَقْبُولًا لَكِنَّ هِشَام أَتْقَن مِنْهُ وَأَضْبَط. فَجَمَعَ الْمُصَنِّف بَيْن الْمَصْلَحَتَيْنِ. وَاَللَّه الْمُوَفِّق. وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَى بَقِيَّة هَذَا الْمَتْن فِي كِتَاب التَّوْحِيد حَيْثُ ذَكَرَ الْمُصَنِّف حَدِيث الشَّفَاعَة الطَّوِيل مِنْ هَذَا الْوَجْه , وَرِجَال هَذَا الْحَدِيث مَوْصُولًا وَمُعَلَّقًا كُلّهمْ بَصْرِيُّونَ.