موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (415)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (415)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏مَالِكٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ لَا يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ ‏


‏ ‏قَوْله : ( حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه ) ‏ ‏هُوَ اِبْن أَبِي أُوَيْس اِبْن أُخْت مَالِكٍ. ‏ ‏قَوْله : ( لَا تَدْخُلُوا ) ‏ ‏كَانَ هَذَا النَّهْي لَمَّا مَرُّوا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِجْرِ دِيَار ثَمُود فِي حَال تَوَجُّههمْ إِلَى تَبُوك , وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّف فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء مِنْ وَجْه آخَر عَنْ اِبْن عُمَر بِبَعْضِ ذَلِكَ. ‏ ‏قَوْله : ( هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ ) ‏ ‏بِفَتْحِ الذَّال الْمُعْجَمَة. وَلَهُ فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء "" لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِن الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ "". ‏ ‏قَوْله : ( إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ) ‏ ‏لَيْسَ الْمُرَاد الِاقْتِصَار فِي ذَلِكَ عَلَى اِبْتِدَاء الدُّخُول , بَلْ دَائِمًا عِنْد كُلّ جُزْء مِنْ الدُّخُول , وَأَمَّا الِاسْتِقْرَار فَالْكَيْفِيَّة الْمَذْكُورَة مَطْلُوبَة فِيهِ بِالْأَوْلَوِيَّةِ , وَسَيَأْتِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْزِل فِيهِ أَلْبَتَّة. قَالَ اِبْن بَطَّالٍ : هَذَا يَدُلّ عَلَى إِبَاحَة الصَّلَاة هُنَاكَ ; لِأَنَّ الصَّلَاة مَوْضِع بُكَاء وَتَضَرُّع , كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى عَدَم مُطَابَقَة الْحَدِيث لِأَثَرِ عَلِيّ. قُلْت : وَالْحَدِيث مُطَابِق لَهُ مِنْ جِهَة أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ تَرْك النُّزُول كَمَا وَقَعَ عِنْد الْمُصَنِّف فِي الْمَغَازِي فِي آخِر الْحَدِيث "" ثُمَّ قَنَّعَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسه وَأَسْرَعَ السَّيْر حَتَّى أَجَازَ الْوَادِي "" فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْزِل وَلَمْ يُصَلِّ هُنَاكَ كَمَا صَنَعَ عَلِيّ فِي خَسْف بَابِل. وَرَوَى الْحَاكِم فِي "" الْإِكْلِيل "" عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ قَالَ "" رَأَيْت رَجُلًا جَاءَ بِخَاتَمٍ وَجَدَهُ بِالْحِجْرِ فِي بُيُوت الْمُعَذَّبِينَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَتَرَ بِيَدِهِ أَنْ يَنْظُر إِلَيْهِ وَقَالَ : أَلْقِهِ. فَأَلْقَاهُ "" لَكِنَّ إِسْنَاده ضَعِيف , وَسَيَأْتِي نَهْيه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسْتَقَى مِنْ مِيَاههمْ فِي كِتَاب أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. ‏ ‏قَوْله : ( لَا يُصِيبكُمْ ) ‏ ‏بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ "" لَا "" نَافِيَة وَالْمَعْنَى لِئَلَّا يُصِيبكُمْ. وَيَجُوز الْجَزْم عَلَى أَنَّهَا نَاهِيَة وَهُوَ أَوْجَهُ , وَهُوَ نَهْي بِمَعْنَى الْخَبَر. وَلِلْمُصَنِّفِ فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء "" أَنْ يُصِيبكُمْ "" أَيْ خَشْيَة أَنْ يُصِيبكُمْ , وَوَجْه هَذِهِ الْخَشْيَة أَنَّ الْبُكَاء يَبْعَثهُ عَلَى التَّفَكُّر وَالِاعْتِبَار , فَكَأَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالتَّفَكُّرِ فِي أَحْوَال تُوجِب الْبُكَاء مِنْ تَقْدِير اللَّه تَعَالَى عَلَى أُولَئِكَ بِالْكُفْرِ مَعَ تَمْكِينه لَهُمْ فِي الْأَرْض وَإِمْهَالهمْ مُدَّة طَوِيلَة ثُمَّ إِيقَاع نِقْمَته بِهِمْ وَشِدَّة عَذَابه , وَهُوَ سُبْحَانه مُقَلِّب الْقُلُوب فَلَا يَأْمَن الْمُؤْمِن أَنْ تَكُون عَاقِبَته إِلَى مِثْل ذَلِكَ. وَالتَّفَكُّر أَيْضًا فِي مُقَابَلَة أُولَئِكَ نِعْمَة اللَّه بِالْكُفْرِ وَإِهْمَالهمْ إِعْمَال عُقُولهمْ فِيمَا يُوجِب الْإِيمَان بِهِ وَالطَّاعَة لَهُ , فَمَنْ مَرَّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَتَفَكَّر فِيمَا يُوجِب الْبُكَاء اِعْتِبَارًا بِأَحْوَالِهِمْ فَقَدْ شَابَهَهُمْ فِي الْإِهْمَال , وَدَلَّ عَلَى قَسَاوَة قَلْبه وَعَدَم خُشُوعه , فَلَا يَأْمَن أَنْ يَجُرّهُ ذَلِكَ إِلَى الْعَمَل بِمِثْلِ أَعْمَالهمْ فَيُصِيبهُ مَا أَصَابَهُمْ , وَبِهَذَا يَنْدَفِع اِعْتِرَاض مَنْ قَالَ : كَيْف يُصِيب عَذَاب الظَّالِمِينَ مَنْ لَيْسَ بِظَالِمٍ ؟ لِأَنَّهُ بِهَذَا التَّقْرِير لَا يَأْمَن أَنْ يَصِير ظَالِمًا فَيُعَذَّب بِظُلْمِهِ. وَفِي الْحَدِيث الْحَثّ عَلَى الْمُرَاقَبَة , وَالزَّجْر عَنْ السُّكْنَى فِي دِيَار الْمُعَذَّبِينَ , وَالْإِسْرَاع عِنْد الْمُرُور بِهَا , وَقَدْ أُشِير إِلَى ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى ( وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْف فَعَلْنَا بِهِمْ ). ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!