موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (407)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (407)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏اللَّيْثُ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏عُقَيْلٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏قَالَ أَخْبَرَنِي ‏ ‏مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيُّ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ ‏ ‏وَهُوَ مِنْ ‏ ‏أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مِمَّنْ شَهِدَ ‏ ‏بَدْرًا ‏ ‏مِنْ ‏ ‏الْأَنْصَارِ ‏ ‏أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ ‏ ‏أَنْكَرْتُ ‏ ‏بَصَرِي وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي فَإِذَا كَانَتْ الْأَمْطَارُ سَالَ الْوَادِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِيَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّيَ بِهِمْ وَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ تَأْتِينِي فَتُصَلِّيَ فِي بَيْتِي فَأَتَّخِذَهُ مُصَلًّى قَالَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ ‏ ‏عِتْبَانُ ‏ ‏فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَأَبُو بَكْرٍ ‏ ‏حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَأَذِنْتُ لَهُ فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ ثُمَّ قَالَ أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ قَالَ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ الْبَيْتِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَكَبَّرَ فَقُمْنَا فَصَفَّنَا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ قَالَ وَحَبَسْنَاهُ عَلَى ‏ ‏خَزِيرَةٍ ‏ ‏صَنَعْنَاهَا لَهُ قَالَ ‏ ‏فَآبَ ‏ ‏فِي الْبَيْتِ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ ذَوُو عَدَدٍ فَاجْتَمَعُوا فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَيْنَ ‏ ‏مَالِكُ بْنُ الدُّخَيْشِنِ أَوِ ابْنُ الدُّخْشُنِ ‏ ‏فَقَالَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مُنَافِقٌ لَا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏لَا تَقُلْ ذَلِكَ أَلَا تَرَاهُ قَدْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّا نَرَى وَجْهَهُ وَنَصِيحَتَهُ إِلَى الْمُنَافِقِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏ابْنُ شِهَابٍ ‏ ‏ثُمَّ سَأَلْتُ ‏ ‏الْحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيَّ ‏ ‏وَهُوَ أَحَدُ ‏ ‏بَنِي سَالِمٍ ‏ ‏وَهُوَ مِنْ ‏ ‏سَرَاتِهِمْ ‏ ‏عَنْ حَدِيثِ ‏ ‏مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ ‏ ‏فَصَدَّقَهُ بِذَلِكَ ‏


‏ ‏قَوْله : ( أَنَّ عِتْبَانَ بْن مَالِك ) ‏ ‏أَيْ الْخَزْرَجِيّ السَّالِمِي مِنْ بَنِي سَالِم بْن عَوْف بْن عَمْرو بْن عَوْف بْن الْخَزْرَج , هُوَ بِكَسْرِ الْعَيْن وَيَجُوز ضَمّهَا. ‏ ‏قَوْله : ( أَنَّهُ أَتَى ) ‏ ‏فِي رِوَايَة ثَابِت عَنْ أَنَس عَنْ عِتْبَانَ عِنْد مُسْلِم أَنَّهُ بَعَثَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطْلُب مِنْهُ ذَلِكَ , فَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون نُسِبَ إِتْيَان رَسُوله إِلَى نَفْسه مَجَازًا , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون أَتَاهُ مَرَّة وَبَعَثَ إِلَيْهِ أُخْرَى إِمَّا مُتَقَاضِيًا وَإِمَّا مُذَكِّرًا. وَفِي الطَّبَرَانِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي أُوَيْس عَنْ اِبْن شِهَاب بِسَنَدِهِ أَنَّهُ "" قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم جُمُعَة : لَوْ أَتَيْتنِي يَا رَسُول اللَّه "" وَفِيهِ أَنَّهُ أَتَاهُ يَوْم السَّبْت , وَظَاهِره أَنَّ مُخَاطَبَة عِتْبَانَ بِذَلِكَ كَانَتْ حَقِيقِيَّة لَا مَجَازًا. ‏ ‏قَوْله : ( قَدْ أَنْكَرْت بَصَرِي ) ‏ ‏كَذَا ذَكَرَهُ جُمْهُور أَصْحَاب اِبْن شِهَاب كَمَا لِلْمُصَنِّفِ مِنْ طَرِيق إِبْرَاهِيم بْنِ سَعْد وَمَعْمَر , وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق يُونُس , ولِلطَّبَرَانِيّ مِنْ طَرِيق الزُّبَيْدِيّ وَالْأَوْزَاعِيِّ , وَلَهُ مِنْ طَرِيق أَبِي أُوَيْس "" لَمَّا سَاءَ بَصَرِي "" وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّحْمَن بْن نَمِر "" جَعَلَ بَصَرِي يَكِلّ "" وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق سُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَة عَنْ ثَابِت "" أَصَابَنِي فِي بَصَرِي بَعْض الشَّيْء "" وَكُلّ ذَلِكَ ظَاهِر فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَلَغَ الْعَمَى إِذْ ذَاكَ , لَكِنْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف فِي بَاب الرُّخْصَة فِي الْمَطَر مِنْ طَرِيق مَالِك عَنْ اِبْن شِهَاب فَقَالَ فِيهِ "" إِنَّ عِتْبَانَ كَانَ يَؤُمّ قَوْمه وَهُوَ أَعْمَى , وَأَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهَا تَكُون الظُّلْمَة وَالسَّيْل , وَأَنَا رَجُل ضَرِير الْبَصَر "" الْحَدِيث. وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ رِوَايَة مَالِك هَذِهِ مُعَارِضَة لِغَيْرِهِ , وَلَيْسَتْ عِنْدِي كَذَلِكَ , بَلْ قَوْل مَحْمُود "" إِنَّ عِتْبَانَ كَانَ يَؤُمّ قَوْمه وَهُوَ أَعْمَى "" أَيْ حِين لَقِيَهُ مَحْمُود وَسَمِعَ مِنْهُ الْحَدِيث , لَا حِين سُؤَاله لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيُبَيِّنُهُ قَوْله فِي رِوَايَة يَعْقُوب "" فَجِئْت إِلَى عِتْبَانَ وَهُوَ شَيْخ أَعْمَى يَؤُمّ قَوْمه "". وَأَمَّا قَوْله "" وَأَنَا رَجُل ضَرِير الْبَصَر "" أَيْ أَصَابَنِي فِيهِ ضُرٌّ كَقَوْلِهِ "" أَنْكَرْت بَصَرِي "". وَيُؤَيِّد هَذَا الْحَمْل قَوْله فِي رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيق إِبْرَاهِيم بْن سَعْد أَيْضًا "" لَمَّا أَنْكَرْت مِنْ بَصَرِي "" وَقَوْله فِي رِوَايَة مُسْلِم "" أَصَابَنِي فِي بَصَرِي بَعْض الشَّيْء "" فَإِنَّهُ ظَاهِر فِي أَنَّهُ لَمْ يَكْمُل عَمَاهُ , لَكِنَّ رِوَايَة مُسْلِم مِنْ طَرِيق حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ ثَابِت بِلَفْظِ "" أَنَّهُ عَمِيَ فَأَرْسَلَ "" وَقَدْ جَمَعَ اِبْن خُزَيْمَةَ بَيْن رِوَايَة مَالِك وَغَيْره مِنْ أَصْحَاب اِبْن شِهَاب فَقَالَ : قَوْله. "" أَنْكَرْت بَصَرِي "" هَذَا اللَّفْظ يُطْلَق عَلَى مَنْ فِي بَصَره سُوء وَإِنْ كَانَ يُبْصِر بَصَرًا مَا , وَعَلَى مَنْ صَارَ أَعْمَى لَا يُبْصِر شَيْئًا. اِنْتَهَى. وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَال : أَطْلَقَ عَلَيْهِ عَمًى لِقُرْبِهِ مِنْهُ وَمُشَارَكَته لَهُ فِي فَوَات بَعْض مَا كَانَ يَعْهَدهُ فِي حَال الصِّحَّة , وَبِهَذَا تَأْتَلِف الرِّوَايَات. وَاللَّهُ أَعْلَم. ‏ ‏قَوْله : ( أُصَلِّي لِقَوْمِي ) ‏ ‏أَيْ لِأَجْلِهِمْ , وَالْمُرَاد أَنَّهُ كَانَ يَؤُمّهُمْ , وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد. ‏ ‏قَوْله : ( سَالَ الْوَادِي ) ‏ ‏أَيْ سَالَ الْمَاء فِي الْوَادِي , فَهُوَ مِنْ إِطْلَاق الْمَحَلّ عَلَى الْحَالّ , ولِلطَّبَرَانِيّ مِنْ طَرِيق الزُّبَيْدِيّ "" وَأَنَّ الْأَمْطَار حِين تَكُون يَمْنَعُنِي سَيْلُ الْوَادِي "". ‏ ‏قَوْله : ( بَيْنِي وَبَيْنهمْ ) ‏ ‏وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ "" يَسِيل الْوَادِي الَّذِي بَيْن مَسْكَنِي وَبَيْن مَسْجِد قَوْمِي فَيَحُول بَيْنِي وَبَيْن الصَّلَاة مَعَهُمْ "". ‏ ‏قَوْله : ( فَأُصَلِّي بِهِمْ ) ‏ ‏بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى "" آتِي "". ‏ ‏قَوْله : ( وَدِدْت ) ‏ ‏بِكَسْرِ الدَّال الْأُولَى أَيْ تَمَنَّيْت. وَحَكَى الْقَزَّاز جَوَاز فَتْح الدَّال فِي الْمَاضِي وَالْوَاو فِي الْمَصْدَر , وَالْمَشْهُور فِي الْمَصْدَر الضَّمّ وَحُكِيَ فِيهِ أَيْضًا الْفَتْح فَهُوَ مُثَلَّثٌ. ‏ ‏قَوْله : ( فَتُصَلِّي ) ‏ ‏بِسُكُونِ الْيَاء وَيَجُوز النَّصْب لِوُقُوعِ الْفَاء بَعْد التَّمَنِّي , وَكَذَا ‏ ‏قَوْله : ( فَأَتَّخِذُهُ ) ‏ ‏بِالرَّفْعِ وَيَجُوز النَّصْب. ‏ ‏قَوْله : ( سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ) ‏ ‏هُوَ هُنَا لِلتَّعْلِيقِ لَا لِمَحْضِ التَّبَرُّك , كَذَا قِيلَ وَيَجُوز أَنْ يَكُون لِلتَّبَرُّكِ لِاحْتِمَالِ اِطِّلَاعه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَحْيِ عَلَى الْجَزْم بِأَنَّ ذَلِكَ سَيَقَعُ. ‏ ‏قَوْله : ( قَالَ عِتْبَانُ ) ‏ ‏ظَاهِر هَذَا السِّيَاق أَنَّ الْحَدِيث مِنْ أَوَّله إِلَى هُنَا مِنْ رِوَايَة مَحْمُود بْن الرَّبِيع بِغَيْرِ وَاسِطَة , وَمِنْ هُنَا إِلَى آخِره مِنْ رِوَايَته عَنْ عِتْبَانَ صَاحِب الْقِصَّة. وَقَدْ يُقَال : الْقَدْر الْأَوَّل مُرْسَل ; لِأَنَّ مَحْمُودًا يَصْغُر عَنْ حُضُور ذَلِكَ , لَكِنْ وَقَعَ التَّصْرِيح فِي أَوَّله بِالتَّحْدِيثِ بَيْن عِتْبَانَ وَمَحْمُود مِنْ رِوَايَة الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ اِبْن شِهَاب عِنْد أَبِي عَوَانَة , وَكَذَا وَقَعَ تَصْرِيحه بِالسَّمَاعِ عِنْد الْمُصَنِّف مِنْ طَرِيق مَعْمَر وَمِنْ طَرِيق إِبْرَاهِيم بْن سَعْد كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَاب الْمَاضِي , فَيُحْمَل قَوْله "" قَالَ عِتْبَانُ "" عَلَى أَنَّ مَحْمُودًا أَعَادَ اِسْم شَيْخه اِهْتِمَامًا بِذَلِكَ لِطُولِ الْحَدِيث. ‏ ‏قَوْله : ( فَغَدَا عَلَيَّ ) زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيّ "" بِالْغَدِ "" , ولِلطَّبَرَانِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي أُوَيْس أَنَّ السُّؤَال وَقَعَ يَوْم الْجُمُعَة , وَالتَّوَجُّهُ إِلَيْهِ وَقَعَ يَوْم السَّبْت كَمَا تَقَدَّمَ. ‏ ‏قَوْله : ( وَأَبُو بَكْر ) ‏ ‏لَمْ يَذْكُر جُمْهُور الرُّوَاة عَنْ اِبْن شِهَاب غَيْره , حَتَّى أَنَّ فِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيِّ "" فَاسْتَأْذَنَا فَأَذِنْت لَهُمَا "" لَكِنْ فِي رِوَايَة أَبِي أُوَيْس "" وَمَعَهُ أَبُو بَكْر وَعُمَر "" وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق أَنَس عَنْ عِتْبَانَ "" فَأَتَانِي وَمَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَصْحَابه "" ولِلطَّبَرَانِيّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَنَس "" فِي نَفَر مِنْ أَصْحَابه "" فَيُحْتَمَل الْجَمْع بِأَنَّ أَبَا بَكْر صَحِبَهُ وَحْده فِي اِبْتِدَاء التَّوَجُّه ثُمَّ عِنْد الدُّخُول أَوْ قَبْله اِجْتَمَعَ عُمَر وَغَيْره مِنْ الصَّحَابَة فَدَخَلُوا مَعَهُ. ‏ ‏قَوْله : ( فَلَمْ يَجْلِس حِين دَخَلَ ) ‏ ‏, وَلِلْكُشْمِيهَنِيّ "" حَتَّى دَخَلَ "" قَالَ عِيَاض : زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّهَا غَلَط , وَلَيْسَ كَذَلِكَ , بَلْ الْمَعْنَى فَلَمْ يَجْلِس فِي الدَّار وَلَا غَيْرهَا حَتَّى دَخَلَ الْبَيْت مُبَادِرًا إِلَى مَا جَاءَ بِسَبَبِهِ. وَفِي رِوَايَة يَعْقُوب عِنْد الْمُصَنِّف وَكَذَا عِنْد الطَّيَالِسِيِّ "" فَلَمَّا دَخَلَ لَمْ يَجْلِس حَتَّى قَالَ أَيْنَ تُحِبّ "" وَكَذَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْه آخَر , وَهِيَ أَبْيَنُ فِي الْمُرَاد ; لِأَنَّ جُلُوسه إِنَّمَا وَقَعَ بَعْد صَلَاته بِخِلَافِ مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي بَيْت مُلَيْكَة حَيْثُ جَلَسَ فَأَكَلَ ثُمَّ صَلَّى ; لِأَنَّهُ هُنَاكَ دُعِيَ إِلَى الطَّعَام فَبَدَأَ بِهِ , وَهُنَا دُعِيَ إِلَى الصَّلَاة فَبَدَأَ بِهَا. ‏ ‏قَوْله : ( أَنْ أُصَلِّي مِنْ بَيْتك ) ‏ ‏كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَالْجُمْهُور مِنْ رُوَاة الزُّهْرِيِّ , وَوَقَعَ عِنْد الْكُشْمِيهَنِيّ وَحْده "" فِي بَيْتك "". ‏ ‏قَوْله : ( وَحَبَسْنَاهُ ) ‏ ‏أَيْ مَنَعْنَاهُ مِنْ الرُّجُوعِ. ‏ ‏قَوْله : ( خَزِيرَة ) ‏ ‏بِخَاءِ مُعْجَمَة مَفْتُوحَة بَعْدهَا زَاي مَكْسُورَة ثُمَّ يَاء تَحْتَانِيَّة ثُمَّ رَاء ثُمَّ هَاء نَوْعٌ مِنْ الْأَطْعِمَة قَالَ اِبْن قُتَيْبَة : تُصْنَع مِنْ لَحْم يُقَطَّع صِغَارًا ثُمَّ يُصَبّ عَلَيْهِ مَاء كَثِير فَإِذَا نَضِجَ ذُرَّ عَلَيْهِ الدَّقِيق , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَحْم فَهُوَ عَصِيدَة. وَكَذَا ذَكَرَ يَعْقُوب نَحْوه وَزَادَ "" مِنْ لَحْم بَاتَ لَيْلَة "" قَالَ : وَقِيلَ هِيَ حَسَاء مِنْ دَقِيق فِيهِ دَسَم , وَحَكَى فِي الْجَمْهَرَة نَحْوه , وَحَكَى الْأَزْهَرِيّ عَنْ أَبِي الْهَيْثَم أَنَّ الْخَزِيرَة مِنْ النُّخَالَة , وَكَذَا حَكَاهُ الْمُصَنِّف فِي كِتَاب الْأَطْعِمَة عَنْ النَّضْر بْن شُمَيْلٍ , قَالَ عِيَاض : الْمُرَاد بِالنُّخَالَةِ دَقِيق لَمْ يُغَرْبَل. قُلْت : وَيُؤَيِّد هَذَا التَّفْسِير قَوْله فِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيِّ عِنْد مُسْلِم "" عَلَى جَشِيشَة "" بِجِيمٍ وَمُعْجَمَتَيْنِ , قَالَ أَهْل اللُّغَة : هِيَ أَنْ تُطْحَن الْحِنْطَة قَلِيلًا ثُمَّ يُلْقَى فِيهَا شَحْم أَوْ غَيْره , وَفِي الْمَطَالِع : أَنَّهَا رُوِيَتْ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِحَاءٍ وَرَاءَيْنِ مُهْمَلَات. وَحَكَى الْمُصَنِّف فِي الْأَطْعِمَة عَنْ النَّضْر أَيْضًا أَنَّهَا - أَيْ الَّتِي بِمُهْمَلَاتٍ - تُصْنَعُ مِنْ اللَّبَن. ‏ ‏قَوْله : ( فَثَابَ فِي الْبَيْت رِجَال ) ‏ ‏بِمُثَلَّثَةِ وَبَعْد الْأَلِف مُوَحَّدَة , أَيْ اِجْتَمَعُوا بَعْد أَنْ تَفَرَّقُوا. قَالَ الْخَلِيل : الْمَثَابَة مُجْتَمَعُ النَّاس بَعْد اِفْتِرَاقهمْ , وَمِنْهُ قِيلَ لِلْبَيْتِ مَثَابَة. وَقَالَ صَاحِب الْمُحْكَم : يُقَال ثَابَ إِذَا رَجَعَ وَثَابَ إِذَا أَقْبَلَ. ‏ ‏قَوْله : ( مِنْ أَهْل الدَّار ) ‏ ‏أَيْ الْمَحَلَّة , كَقَوْلِهِ "" خَيْر دُور الْأَنْصَار دَارَ بَنِي النَّجَّار "" أَيْ مَحَلَّتهمْ , وَالْمُرَاد أَهْلهَا. ‏ ‏قَوْله : ( فَقَالَ قَائِل مِنْهُمْ ) ‏ ‏لَمْ يُسَمَّ هَذَا الْمُبْتَدِئُ. ‏ ‏قَوْله : ( مَالِك بْن الدُّخَيْشِن ) ‏ ‏بِضَمِّ الدَّال الْمُهْمَلَة وَفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء التَّحْتَانِيَّة بَعْدهَا شِين مُعْجَمَة مَكْسُورَة ثُمَّ نُون ‏ ‏قَوْله : ( أَوْ اِبْن الدُّخْشُن ) ‏ ‏بِضَمِّ الدَّال وَالشِّين وَسُكُون الْخَاء بَيْنهمَا وَحُكِيَ كَسْر أَوَّله , وَالشَّكّ فِيهِ مِنْ الرَّاوِي هَلْ هُوَ مُصَغَّر أَوْ مُكَبَّر. وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي هُنَا فِي الثَّانِيَة بِالْمِيمِ بَدَل النُّون , وَعِنْد الْمُصَنِّف فِي الْمُحَارَبِينَ مِنْ رِوَايَة مَعْمَر "" الدُّخْشُن "" بِالنُّونِ مُكَبَّرًا مِنْ غَيْر شَكّ , وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق يُونُس , وَلَهُ مِنْ طَرِيق مَعْمَر بِالشَّكِّ , وَنَقَلَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَحْمَد بْن صَالِح أَنَّ الصَّوَاب "" الدُّخْشُم "" بِالْمِيمِ وَهِيَ رِوَايَة الطَّيَالِسِيِّ , وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق ثَابِت عَنْ أَنَس عَنْ عِتْبَانَ , وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيق النَّضْر بْن أَنَس عَنْ أَبِيهِ. ‏ ‏قَوْله : ( فَقَالَ بَعْضهمْ ) ‏ ‏قِيلَ هُوَ عِتْبَانُ رَاوِي الْحَدِيث , قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ فِي التَّمْهِيد : الرَّجُل الَّذِي سَارَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْل رَجُل مِنْ الْمُنَافِقِينَ هُوَ عِتْبَانُ , وَالْمُنَافِق الْمُشَار إِلَيْهِ هُوَ مَالِك بْن الدُّخْشُم. ثُمَّ سَاقَ حَدِيث عِتْبَانَ الْمَذْكُور فِي هَذَا الْبَاب , وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيل عَلَى مَا اِدَّعَاهُ مِنْ أَنَّ الَّذِي سَارَّهُ هُوَ عِتْبَانُ. وَأَغْرَبَ بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ فَنَقَلَ عَنْ اِبْن عَبْد الْبَرّ أَنَّ الَّذِي قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيث "" ذَلِكَ مُنَافِق "" هُوَ عِتْبَانُ أَخْذًا مِنْ كَلَامه هَذَا , وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيح بِذَلِكَ , وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : لَمْ يَخْتَلِف فِي شُهُود مَالِك بَدْرًا وَهُوَ الَّذِي أَسَرَ سُهَيْل بْن عَمْرو , ثُمَّ سَاقَ بِإِسْنَادٍ حَسَن عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ "" أَلَيْسَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا "". قُلْت : وَفِي الْمَغَازِي لِابْنِ إِسْحَاق أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مَالِكًا هَذَا وَمَعْن بْنَ عَدِيٍّ فَحَرَّقَا مَسْجِد الضِّرَار , فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِمَّا اُتُّهِمَ بِهِ مِنْ النِّفَاق , أَوْ كَانَ قَدْ أَقْلَعَ عَنْ ذَلِكَ , أَوْ النِّفَاق الَّذِي اُتُّهِمَ بِهِ لَيْسَ نِفَاق الْكُفْر إِنَّمَا أَنْكَرَ الصَّحَابَة عَلَيْهِ تَوَدُّدَهُ لِلْمُنَافِقِينَ , وَلَعَلَّ لَهُ عُذْرًا فِي ذَلِكَ كَمَا وَقَعَ لِحَاطِبٍ. ‏ ‏قَوْله : ( أَلَا تَرَاهُ قَدْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ) ‏ ‏ولِلطَّيَالِسِيّ "" أَمَا يَقُول "" وَلِمُسْلِمٍ "" أَلَيْسَ يَشْهَد "" وَكَأَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنْ هَذَا الِاسْتِفْهَام أَنْ لَا جَزْمَ بِذَلِكَ. وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَقُولُوا فِي جَوَابه "" إِنَّهُ لَيَقُولُ ذَلِكَ وَمَا هُوَ فِي قَلْبه "" كَمَا وَقَعَ عِنْد مُسْلِم مِنْ طَرِيق أَنَس عَنْ عِتْبَانَ. ‏ ‏قَوْله : ( فَإِنَّا نَرَى وَجْهَهُ ) ‏ ‏أَيْ تَوَجُّهَهُ. ‏ ‏قَوْله : ( وَنَصِيحَته إِلَى الْمُنَافِقِينَ ) ‏ ‏قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : يُقَال نَصَحْت لَهُ لَا إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : قَدْ ضُمِّنَ مَعْنَى الِانْتِهَاء , كَذَا قَالَ , وَالظَّاهِر أَنَّ قَوْله "" إِلَى الْمُنَافِقِينَ "" مُتَعَلِّق بِقَوْلِهِ "" وَجْهه "" فَهُوَ الَّذِي يَتَعَدَّى بِإِلَى , وَأَمَّا مُتَعَلَّق نَصِيحَته فَمَحْذُوفٌ لِلْعِلْمِ بِهِ. ‏ ‏قَوْله : ( قَالَ اِبْن شِهَاب ) ‏ ‏أَيْ بِالْإِسْنَادِ الْمَاضِي , وَوَهِمَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ مُعَلَّق. ‏ ‏قَوْله : ( ثُمَّ سَأَلْت ) ‏ ‏زَادَ الْكُشْمِيهَنِيّ "" بَعْد ذَلِكَ "" وَالْحُصَيْن بِمُهْمَلَتَيْنِ لِجَمِيعِهِمْ إِلَّا لِلْقَابِسِيِّ فَضَبَطَهُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَة وَغَلَّطُوهُ. ‏ ‏قَوْله : ( مِنْ سَرَاتهمْ ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة أَيْ خِيَارهمْ , وَهُوَ جَمْع سَرِيّ , قَالَ أَبُو عُبَيْد : هُوَ الْمُرْتَفِع الْقَدْر مِنْ سَرُوَ الرَّجُل يَسْرُو إِذَا كَانَ رَفِيع الْقَدْر , وَأَصْله مِنْ السَّرَاة وَهُوَ أَرْفَع الْمَوَاضِع مِنْ ظَهْر الدَّابَّة , وَقِيلَ هُوَ رَأْسهَا. ‏ ‏قَوْله : ( فَصَدَّقَهُ بِذَلِكَ ) ‏ ‏يُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْحُصَيْن سَمِعَهُ أَيْضًا مِنْ عِتْبَانَ , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون حَمَلَهُ عَنْ صَحَابِيّ آخَر , وَلَيْسَ لِلْحُصَيْنِ وَلَا لِعِتْبَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ سِوَى هَذَا الْحَدِيث. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ فِي أَكْثَر مِنْ عَشَرَة مَوَاضِع مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا , وَقَدْ سَمِعَهُ مِنْ عِتْبَانَ أَيْضًا أَنَس بْن مَالِك كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم , وَسَمِعَهُ أَبُو بَكْر بْن أَنَس مَعَ أَبِيهِ مِنْ عِتْبَانَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ , وَسَيَأْتِي فِي "" بَاب النَّوَافِل جَمَاعَة "" أَنَّ أَبَا أَيُّوب الْأَنْصَارِيّ سَمِعَ مَحْمُود بْن الرَّبِيع يُحَدِّث بِهِ عَنْ عِتْبَانَ فَأَنْكَرَهُ لِمَا يَقْتَضِيه ظَاهِره مِنْ أَنَّ النَّار مُحَرَّمَةٌ عَلَى جَمِيع الْمُوَحِّدِينَ , وَأَحَادِيث الشَّفَاعَة دَالَّة عَلَى أَنَّ بَعْضهمْ يُعَذَّب , لَكِنْ لِلْعُلَمَاءِ أَجْوِبَة عَنْ ذَلِكَ : مِنْهَا مَا رَوَاهُ مُسْلِم عَنْ اِبْن شِهَاب أَنَّهُ قَالَ عَقِب حَدِيث الْبَاب "" ثُمَّ نَزَلَتْ بَعْد ذَلِكَ فَرَائِض وَأُمُور نَرَى أَنَّ الْأَمْر قَدْ اِنْتَهَى إِلَيْهَا , فَمَنْ اِسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَغْتَرّ فَلَا يَغْتَرّ "" وَفِي كَلَامه نَظَرٌ ; لِأَنَّ الصَّلَوَات الْخَمْس نَزَلَ فَرْضهَا قَبْل هَذِهِ الْوَاقِعَة قَطْعًا , وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ تَارِكهَا لَا يُعَذَّب إِذَا كَانَ مُوَحِّدًا. وَقِيلَ الْمُرَاد أَنَّ مَنْ قَالَهَا مُخْلِصًا لَا يَتْرُك الْفَرَائِض ; لِأَنَّ الْإِخْلَاص يَحْمِل عَلَى أَدَاء اللَّازِم. وَتُعُقِّبَ بِمَنْعِ الْمُلَازَمَة. وَقِيلَ الْمُرَاد تَحْرِيم التَّخْلِيد أَوْ تَحْرِيم دُخُول النَّار الْمُعَدَّة لِلْكَافِرِينَ لَا الطَّبَقَة الْمُعَدَّة لِلْعُصَاةِ , وَقِيلَ الْمُرَاد تَحْرِيم دُخُول النَّار بِشَرْطِ حُصُول قَبُول الْعَمَل الصَّالِح وَالتَّجَاوُز عَنْ السَّيِّئ وَاللَّهُ أَعْلَم. وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد : إِمَامَةُ الْأَعْمَى , وَإِخْبَارُ الْمَرْء عَنْ نَفْسه بِمَا فِيهِ مِنْ عَاهَة وَلَا يَكُون مِنْ الشَّكْوَى , وَأَنَّهُ كَانَ فِي الْمَدِينَة مَسَاجِد لِلْجَمَاعَةِ سِوَى مَسْجِده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّخَلُّفُ عَنْ الْجَمَاعَة فِي الْمَطَر وَالظُّلْمَة وَنَحْو ذَلِكَ , وَاِتِّخَاذُ مَوْضِع مُعَيَّن لِلصَّلَاةِ. وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ إِيطَان مَوْضِع مُعَيَّن مِنْ الْمَسْجِد فَفِيهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ , وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا اِسْتَلْزَمَ رِيَاء وَنَحْوه. وَفِيهِ تَسْوِيَة الصُّفُوف وَأَنَّ عُمُوم النَّهْي عَنْ إِمَامَة الزَّائِر مَنْ زَارَهُ مَخْصُوصٌ بِمَا إِذَا كَانَ الزَّائِر هُوَ الْإِمَام الْأَعْظَم فَلَا يُكْرَهُ , وَكَذَا مَنْ أَذِنَ لَهُ صَاحِب الْمَنْزِل. وَفِيهِ التَّبَرُّك بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ وَطِئَهَا , وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ مَنْ دُعِيَ مِنْ الصَّالِحِينَ لِيُتَبَرَّك بِهِ أَنَّهُ يُجِيب إِذَا أَمِنَ الْفِتْنَة. وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون عِتْبَانُ إِنَّمَا طَلَبَ بِذَلِكَ الْوُقُوف عَلَى جِهَة الْقِبْلَة بِالْقَطْعِ , وَفِيهِ إِجَابَةُ الْفَاضِل دَعْوَة الْمَفْضُول , وَالتَّبَرُّك بِالْمَشِيئَةِ وَالْوَفَاء بِالْوَعْدِ , وَاسْتِصْحَاب الزَّائِر بَعْض أَصْحَابه إِذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُسْتَدْعِي لَا يَكْرَه ذَلِكَ , وَالِاسْتِئْذَان عَلَى الدَّاعِي فِي بَيْته وَإِنْ تَقَدَّمَ مِنْهُ طَلَب الْحُضُور , وَأَنَّ اِتِّخَاذ مَكَان فِي الْبَيْت لِلصَّلَاةِ لَا يَسْتَلْزِم وَقْفِيَّتَهُ وَلَوْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اِسْم الْمَسْجِد , وَفِيهِ اِجْتِمَاع أَهْل الْمَحَلَّة عَلَى الْإِمَام أَوْ الْعَالِم إِذَا وَرَدَ مَنْزِل بَعْضهمْ لِيَسْتَفِيدُوا مِنْهُ وَيَتَبَرَّكُوا بِهِ وَالتَّنْبِيه عَلَى مَنْ يَظُنّ بِهِ الْفَسَاد فِي الدِّين عِنْد الْإِمَام عَلَى جِهَة النَّصِيحَة وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ غِيبَة , وَأَنَّ عَلَى الْإِمَام أَنْ يَتَثَبَّتَ فِي ذَلِكَ وَيَحْمِلَ الْأَمْر فِيهِ عَلَى الْوَجْه الْجَمِيل , وَفِيهِ اِفْتِقَاد مَنْ غَابَ عَنْ الْجَمَاعَة بِلَا عُذْر , وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْإِيمَان النُّطْق مِنْ غَيْر اِعْتِقَاد , وَأَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّار مَنْ مَاتَ عَلَى التَّوْحِيد وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيّ غَيْر تَرْجَمَة الْبَاب وَاَلَّذِي قَبْله الرُّخْصَة فِي الصَّلَاة فِي الرِّحَال عِنْد الْمَطَر وَصَلَاة النَّوَافِل جَمَاعَة وَسَلَام الْمَأْمُوم حِين يُسَلِّمُ الْإِمَام وَأَنَّ رَدَّ السَّلَام عَلَى الْإِمَام لَا يَجِبُ , وَأَنَّ الْإِمَام إِذَا زَارَ قَوْمًا أَمَّهُمْ , وَشُهُود عِتْبَانَ بَدْرًا وَأَكْل الْخَزِيرَة , وَأَنَّ الْعَمَل الَّذِي يُبْتَغَى بِهِ وَجْه اللَّه تَعَالَى يُنَجِّي صَاحِبه إِذَا قَبِلَهُ اللَّهُ تَعَالَى , وَأَنَّ مَنْ نَسَبَ مَنْ يُظْهِر الْإِسْلَام إِلَى النِّفَاق وَنَحْوه بِقَرِينَةٍ تَقُوم عِنْده لَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ وَلَا يَفْسُقُ بَلْ يُعْذَرُ بِالتَّأْوِيلِ. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!