المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (399)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (399)]
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَبْصُقْ أَمَامَهُ فَإِنَّمَا يُنَاجِي اللَّهَ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ فَيَدْفِنُهَا
قَوْله : ( فَإِنَّمَا يُنَاجِي ) لِلْكُشْمِيهَنِيّ "" فَإِنَّهُ "". قَوْله : ( مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ ) يَقْتَضِي تَخْصِيص الْمَنْع بِمَا إِذَا كَانَ فِي الصَّلَاة , لَكِنَّ التَّعْلِيل الْمُتَقَدِّم بِأَذَى الْمُسْلِم يَقْتَضِي الْمَنْع فِي جِدَار الْمَسْجِد مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاة , فَيُجْمَع بِأَنْ يُقَال : كَوْنه فِي الصَّلَاة أَشَدّ إِثْمًا مُطْلَقًا , وَكَوْنه فِي جِدَار الْقِبْلَة أَشَدّ إِثْمًا مِنْ كَوْنه فِي غَيْرهَا مِنْ جُدُر الْمَسْجِد , فَهِيَ مَرَاتِبُ مُتَفَاوِتَةٌ مَعَ الِاشْتِرَاك فِي الْمَنْع. قَوْله : ( فَإِنَّ عَنْ يَمِينه مَلَكًا ) تَقَدَّمَ أَنَّ ظَاهِره اِخْتِصَاصه بِحَالَةِ الصَّلَاة , فَإِنْ قُلْنَا : الْمُرَاد بِالْمَلَكِ الْكَاتِب فَقَدْ اسْتَشْكَلَ اِخْتِصَاصه بِالْمَنْعِ مَعَ أَنَّ عَنْ يَسَاره مَلَكًا آخَر , وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ اِخْتِصَاص ذَلِكَ بِمَلَكِ الْيَمِين تَشْرِيفًا لَهُ وَتَكْرِيمًا , هَكَذَا قَالَهُ جَمَاعَة مِنْ الْقُدَمَاء وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ. وَأَجَابَ بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ الصَّلَاة أُمُّ الْحَسَنَات الْبَدَنِيَّة فَلَا دَخْل لِكَاتِبِ السَّيِّئَات فِيهَا , وَيَشْهَد لَهُ مَا رَوَاهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ حَدِيث حُذَيْفَة مَوْقُوفًا فِي هَذَا الْحَدِيث قَالَ "" وَلَا عَنْ يَمِينه , فَإِنَّ عَنْ يَمِينه كَاتِبَ الْحَسَنَات "". وَفِي الطَّبَرَانِيّ مِنْ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ فِي هَذَا الْحَدِيث "" فَإِنَّهُ يَقُوم بَيْن يَدَيْ اللَّه وَمَلَكه عَنْ يَمِينه وَقَرِينه عَنْ يَسَاره "" ا ه. فَالتَّفْل حِينَئِذٍ إِنَّمَا يَقَع عَلَى الْقَرِين وَهُوَ الشَّيْطَان , وَلَعَلَّ مَلَك الْيَسَار حِينَئِذٍ يَكُون بِحَيْثُ لَا يُصِيبهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ , أَوْ أَنَّهُ يَتَحَوَّل فِي الصَّلَاة إِلَى الْيَمِين. وَاَللَّهُ أَعْلَم. قَوْله : ( فَيَدْفِنهَا ) قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : لَمْ يَقُلْ يُغَطِّيهَا ; لِأَنَّ التَّغْطِيَة يَسْتَمِرُّ الضَّرَر بِهَا إِذْ لَا يَأْمَن أَنْ يَجْلِس غَيْره عَلَيْهَا فَتُؤْذِيه , بِخِلَافِ الدَّفْن فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ التَّعْمِيق فِي بَاطِن الْأَرْض , وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي الرِّيَاض : الْمُرَاد بِدَفْنِهَا مَا إِذَا كَانَ الْمَسْجِد تُرَابِيًّا أَوْ رَمْلِيًّا , فَأَمَّا إِذَا كَانَ مُبَلَّطًا مَثَلًا فَدَلَكَهَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مَثَلًا فَلَيْسَ ذَلِكَ بِدَفْنٍ بَلْ زِيَادَةٌ فِي التَّقْذِير. قُلْت : لَكِنْ إِذَا لَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ أَلْبَتَّة فَلَا مَانِعَ , وَعَلَيْهِ يُحْمَل قَوْله فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْنِ الشِّخِّير الْمُتَقَدِّم "" ثُمَّ دَلَكَهُ بِنَعْلِهِ "" وَكَذَا قَوْله فِي حَدِيث طَارِق عِنْد أَبِي دَاوُدَ "" وَبَزَقَ تَحْت رِجْله وَدَلَكَ "". ( فَائِدَةٌ ) : قَالَ الْقَفَّال فِي فَتَاوِيه : هَذَا الْحَدِيث مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَخْرُج مِنْ الْفَم أَوْ يَنْزِل مِنْ الرَّأْس , أَمَّا مَا يَخْرُج مِنْ الصَّدْر فَهُوَ نَجَسٌ فَلَا يُدْفَن فِي الْمَسْجِد ا ه. وَهَذَا عَلَى اِخْتِيَاره , لَكِنْ يَظْهَر التَّفْصِيلُ فِيمَا إِذَا كَانَ طَرَفًا مِنْ قَيْء , وَكَذَا إِذَا خَالَطَ الْبُزَاق دَمٌ. وَاللَّهُ أَعْلَم.



