المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (379)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (379)]
حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا وَصَلَّوْا صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ قَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ سَأَلَ مَيْمُونُ بْنُ سِيَاهٍ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ يَا أَبَا حَمْزَةَ مَا يُحَرِّمُ دَمَ الْعَبْدِ وَمَالَهُ فَقَالَ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَصَلَّى صَلَاتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَهُوَ الْمُسْلِمُ لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِ وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُسْلِمِ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا نُعَيْم ) هُوَ اِبْن حَمَّاد الْخُزَاعِيّ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة حَمَّاد بْن شَاكِر عَنْ الْبُخَارِيّ "" قَالَ نُعَيْم بْنُ حَمَّاد "" وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة وَالْأَصِيلِيّ "" قَالَ اِبْن الْمُبَارَك "" بِغَيْرِ ذِكْر نُعَيْمٍ , وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَج , وَقَدْ وَقَعَ لَنَا مِنْ طَرِيق نُعَيْمٍ مَوْصُولًا فِي سُنَن الدَّارَقُطْنِيِّ , وَتَابَعَهُ حَمَّاد بْن مُوسَى وَسَعِيد بْن يَعْقُوب وَغَيْرهمَا عَنْ اِبْن الْمُبَارَك. قَوْله : ( حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ) اِقْتَصَرَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُر الرِّسَالَة وَهِيَ مُرَادَةٌ كَمَا تَقُول قَرَأْت الْحَمْد وَتُرِيد السُّورَة كُلّهَا , وَقِيلَ أَوَّل الْحَدِيث وَرَدَ فِي حَقّ مَنْ جَحَدَ التَّوْحِيد فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ صَارَ كَالْمُوَحِّدِ مِنْ أَهْل الْكِتَاب يَحْتَاج إِلَى الْإِيمَان بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول , فَلِهَذَا عَطَفَ الْأَفْعَال الْمَذْكُورَة عَلَيْهَا فَقَالَ "" وَصَلَّوْا صَلَاتنَا إِلَخْ "" وَالصَّلَاة الشَّرْعِيَّة مُتَضَمِّنَة لِلشَّهَادَةِ بِالرِّسَالَةِ , وَحِكْمَة الِاقْتِصَار عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ الْأَفْعَال أَنَّ مَنْ يُقِرّ بِالتَّوْحِيدِ مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَإِنْ صَلَّوْا وَاسْتَقْبَلُوا وَذَبَحُوا لَكِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ مِثْل صَلَاتنَا وَلَا يَسْتَقْبِلُونَ قِبْلَتنَا , وَمِنْهُمْ مَنْ يَذْبَح لِغَيْرِ اللَّه , وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَأْكُل ذَبِيحَتنَا , وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى "" وَأَكَلَ ذَبِيحَتنَا "" وَالِاطِّلَاع عَلَى حَال الْمَرْء فِي صَلَاته وَأَكْله يُمْكِن بِسُرْعَةٍ فِي أَوَّل يَوْم , بِخِلَافِ غَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُور الدِّين. قَوْله : ( فَقَدْ حَرُمَتْ ) بِفَتْحِ أَوَّله وَضَمّ الرَّاء , وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْء مِنْ الرِّوَايَات بِالتَّشْدِيدِ , وَقَدْ تَقَدَّمَتْ سَائِر مَبَاحِثه فِي "" بَاب فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاة "" مِنْ كِتَاب الْإِيمَان. قَوْله : ( وَقَالَ عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه ) وَ اِبْن الْمَدِينِيّ , وَفَائِدَة إِيرَاد هَذَا الْإِسْنَاد تَقْوِيَة رِوَايَة مَيْمُون بْن سِيَاهٍ لِمُتَابَعَةِ حُمَيْدٍ لَهُ. قَوْله : ( وَمَا يُحَرِّمُ ) بِالتَّشْدِيدِ هُوَ مَعْطُوف عَلَى شَيْء مَحْذُوف , كَأَنَّهُ سَأَلَ عَنْ شَيْء قَبْل هَذَا وَعَنْ هَذَا , وَالْوَاو اِسْتِئْنَافِيَّة وَسَقَطَتْ مِنْ رِوَايَة الْأَصِيلِيّ وَكَرِيمَة , وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي قَوْل حُمَيْدٍ "" سَأَلَ مَيْمُون أَنَسًا "" التَّصْرِيح بِكَوْنِهِ حَضَرَ ذَلِكَ عَقِبه بِطَرِيقِ يَحْيَى بْن أَيُّوب الَّتِي فِيهَا تَصْرِيح حُمَيْدٍ بِأَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ لِئَلَّا يَظُنّ أَنَّهُ دَلَّسَهُ , وَلِتَصْرِيحِهِ أَيْضًا بِالرَّفْعِ , وَإِنْ كَانَ لِلْأُخْرَى حِكْمَة. وَقَدْ رَوَيْنَا طَرِيق يَحْيَى بْن أَيُّوب مَوْصُولَة فِي الْإِيمَان لِمُحَمَّدِ بْن نَصْر وَلِابْنِ مَنْدَهْ وَغَيْرهمَا مِنْ طَرِيق اِبْن أَبِي مَرْيَم الْمَذْكُور. وَأَعَلَّ الْإِسْمَاعِيلِيّ طَرِيق حُمَيْدٍ الْمَذْكُورَة فَقَالَ : الْحَدِيث حَدِيث مَيْمُون , وَحُمَيْدٌ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْهُ , وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِرِوَايَةِ مُعَاذ بْن مُعَاذ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ مَيْمُون قَالَ : سَأَلْت أَنَسًا , قَالَ وَحَدِيث يَحْيَى بْن أَيُّوب لَا يُحْتَجُّ بِهِ - يَعْنِي فِي التَّصْرِيح بِالتَّحْدِيثِ - قَالَ : لِأَنَّ عَادَة الْمِصْرِيِّينَ وَالشَّامِيِّينَ ذِكْر الْخَبَر فِيمَا يَرْوُونَهُ. قُلْت هَذَا التَّعْلِيل مَرْدُود , وَلَوْ فُتِحَ هَذَا الْبَاب , لَمْ يُوثَق بِرِوَايَةِ مُدَلِّسٍ أَصْلًا وَلَوْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ , وَالْعَمَلُ عَلَى خِلَافه. وَرِوَايَة مُعَاذ لَا دَلِيل فِيهَا عَلَى أَنَّ حُمَيْدًا لَمْ يَسْمَعهُ مِنْ أَنَس ; لِأَنَّهُ لَا مَانِع أَنْ يَسْمَعهُ مِنْ أَنَس ثُمَّ يَسْتَثْبِت فِيهِ مِنْ مَيْمُون - لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ كَانَ السَّائِل عَنْ ذَلِكَ - فَكَانَ حَقِيقًا بِضَبْطِهِ فَكَانَ حُمَيْدٌ تَارَة يُحَدِّث بِهِ عَنْ أَنَس لِأَجْلِ الْعُلُوّ , وَتَارَة عَنْ مَيْمُون لِكَوْنِهِ ثَبَّتَهُ فِيهِ , وَقَدْ جَرَتْ عَادَة حُمَيْدٍ بِهَذَا يَقُول "" حَدَّثَنِي أَنَس وَثَبَّتَنِي فِيهِ ثَابِتٌ "" وَكَذَا وَقَعَ لِغَيْرِ حُمَيْدٍ.


