المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (352)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (352)]
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَقَالَ أَوَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ فَقَالَ إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ صَلَّى رَجُلٌ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ فِي إِزَارٍ وَقَمِيصٍ فِي إِزَارٍ وَقَبَاءٍ فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ فِي سَرَاوِيلَ وَقَمِيصٍ فِي سَرَاوِيلَ وَقَبَاءٍ فِي تُبَّانٍ وَقَبَاءٍ فِي تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ فِي تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ
قَوْله : ( عَنْ مُحَمَّد ) هُوَ اِبْن سِيرِينَ. قَوْله : ( قَامَ رَجُل ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ وَتَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى الْمَرْفُوع مِنْهُ. قَوْله : ( ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ ) أَيْ عَنْ ذَلِكَ , وَلَمْ يُسَمَّ أَيْضًا , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون اِبْن مَسْعُود ; لِأَنَّهُ اِخْتَلَفَ هُوَ وَأُبَيّ بْن كَعْب فِي ذَلِكَ فَقَالَ أُبَيّ الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد يَعْنِي لَا تُكْرَه , وَقَالَ اِبْن مَسْعُود إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ وَفِي الثِّيَاب قِلَّةٌ , فَقَامَ عُمَر عَلَى الْمِنْبَر فَقَالَ : الْقَوْل مَا قَالَ أُبَيّ , وَلَمْ يَأْلُ اِبْن مَسْعُود. أَيْ لَمْ يُقَصِّر. أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق. قَوْله : ( جَمَعَ رَجُل ) هُوَ بَقِيَّة قَوْل عُمَر , وَأَوْرَدَهُ بِصِيغَةِ الْخَبَر وَمُرَاده الْأَمْر , قَالَ اِبْن بَطَّالٍ : يَعْنِي لِيَجْمَعْ وَلْيُصَلِّ. وَقَالَ اِبْن الْمُنِير : الصَّحِيح أَنَّهُ كَلَام فِي مَعْنَى الشَّرْط كَأَنَّهُ قَالَ : إِنْ جَمَعَ رَجُل عَلَيْهِ ثِيَابه فَحَسَن. ثُمَّ فَصَّلَ الْجَمْع بِصُوَرٍ عَلَى مَعْنَى الْبَدَلِيَّة. وَقَالَ اِبْن مَالِك : تَضَمَّنَ هَذَا الْحَدِيث فَائِدَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا وُرُود الْفِعْل الْمَاضِي بِمَعْنَى الْأَمْر وَهُوَ قَوْله "" صَلَّى "" وَالْمَعْنَى لِيُصَلِّ , وَمِثْله قَوْلهمْ اِتَّقَى اللَّهَ عَبْدٌ وَالْمَعْنَى لِيَتَّقِ. ثَانِيهمَا حَذْف حَرْف الْعَطْف , فَإِنَّ الْأَصْل صَلَّى رَجُل فِي إِزَار وَرِدَاء وَفِي إِزَار وَقَمِيص , وَمِثْله قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "" تَصَدَّقَ اِمْرُؤٌ مِنْ دِينَاره , مِنْ دِرْهَمه , مِنْ صَاع تَمْره "". اِنْتَهَى , فَحَصَلَ فِي كُلّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ تَوْجِيهَانِ. قَوْله : ( قَالَ : وَأَحْسَبُهُ ) قَائِل ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَة , وَالضَّمِير فِي "" أَحْسَبهُ "" رَاجِعٌ إِلَى عُمَر , وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُل الْجَزْم بِذَلِكَ لِإِمْكَانِ أَنَّ عُمَر أَهْمَلَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ التُّبَّان لَا يَسْتُر الْعَوْرَة كُلّهَا بِنَاء عَلَى أَنَّ الْفَخِذ مِنْ الْعَوْرَة فَالسَّتْر بِهِ حَاصِلٌ مَعَ الْقَبَاء وَمَعَ الْقَمِيص , وَأَمَّا مَعَ الرِّدَاء فَقَدْ لَا يَحْصُل. وَرَأَى أَبُو هُرَيْرَة أَنَّ اِنْحِصَار الْقِسْمَة يَقْتَضِي ذِكْر هَذِهِ الصُّورَة وَأَنَّ السَّتْر قَدْ يَحْصُل بِهَا إِذَا كَانَ الرِّدَاء سَابِغًا , وَمَجْمُوع مَا ذَكَرَ عُمَر مِنْ الْمَلَابِس سِتَّة , ثَلَاثَةٌ لِلْوَسَطِ وَثَلَاثَةٌ لِغَيْرِهِ , فَقَدَّمَ مَلَابِس الْوَسَط ; لِأَنَّهَا مَحَلّ سَتْر الْعَوْرَة , وَقَدَّمَ أَسْتَرهَا أَوْ أَكْثَرهَا اِسْتِعْمَالًا لَهُمْ , وَضَمَّ إِلَى كُلّ وَاحِد وَاحِدًا , فَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ تِسْع صُوَر مِنْ ضَرْب ثَلَاثَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ , وَلَمْ يَقْصِد الْحَصْر فِي ذَلِكَ , بَلْ يَلْحَق بِذَلِكَ مَا يَقُوم مَقَامه. وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى وُجُوب الصَّلَاة فِي الثِّيَاب لِمَا فِيهِ مِنْ أَنَّ الِاقْتِصَار عَلَى الثَّوْب الْوَاحِد كَانَ لِضِيقِ الْحَال. وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَاة فِي الثَّوْبَيْنِ أَفْضَل مِنْ الثَّوْب الْوَاحِد وَصَرَّحَ الْقَاضِي عِيَاض بِنَفْيِ الْخِلَاف فِي ذَلِكَ , لَكِنَّ عِبَارَة اِبْن الْمُنْذِر قَدْ تُفْهِم إِثْبَاته ; لِأَنَّهُ لَمَّا حَكَى عَنْ الْأَئِمَّة جَوَاز الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد قَالَ : وَقَدْ اِسْتَحَبَّ بَعْضهمْ الصَّلَاة فِي ثَوْبَيْنِ. وَعَنْ أَشْهَب فِيمَنْ اِقْتَصَرَ عَلَى الصَّلَاة فِي السَّرَاوِيل مَعَ الْقُدْرَة : يُعِيد فِي الْوَقْت , إِلَّا إِنْ كَانَ صَفِيقًا. وَعَنْ بَعْض الْحَنَفِيَّة يُكْرَه. ( فَائِدَةٌ ) : رَوَى اِبْن حِبَّانَ حَدِيث الْبَاب مِنْ طَرِيق إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوب فَأَدْرَجَ الْمَوْقُوف فِي الْمَرْفُوع وَلَمْ يَذْكُر عُمَر , وَرِوَايَة حَمَّاد بْن زَيْد هَذِهِ الْمُفَصَّلَة أَصَحّ , وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ حَمَّاد بْن سَلَمَة فَرَوَاهُ عَنْ أَيُّوب وَهِشَام وَحَبِيب وَعَاصِم كُلّهمْ عَنْ اِبْن سِيرِينَ , أَخْرَجَهُ اِبْن حِبَّانَ أَيْضًا. وَأَخْرَجَ مُسْلِم حَدِيث اِبْن عُلَيَّةَ فَاقْتَصَرَ عَلَى الْمُتَّفَق عَلَى رَفْعه وَحَذَفَ الْبَاقِي , وَذَلِكَ مِنْ حُسْن تَصَرُّفه وَاللَّهُ أَعْلَم.


