المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (347)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (347)]
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ سَمِعْتُهُ أَوْ كُنْتُ سَأَلْتُهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلْيُخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ) هُوَ اِبْن عَبْد الرَّحْمَن. قَوْله : ( سَمِعْته ) أَيْ قَالَ يَحْيَى سَمِعْت عِكْرِمَة , ثُمَّ تَرَدَّدَ هَلْ سَمِعَهُ اِبْتِدَاء أَوْ جَوَاب سُؤَال مِنْهُ. هَذَا ظَاهِر هَذِهِ الرِّوَايَة. وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ عَنْ مَكِّيّ بْن عَبْدَان عَنْ حَمْدَان السُّلَمِيّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ بِلَفْظِ "" سَمِعْته أَوْ كَتَبَ بِهِ إِلَيَّ "" فَحَصَلَ التَّرَدُّد بَيْن السَّمَاع وَالْكِتَابَة , قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ : وَلَا أَعْلَم أَحَدًا ذَكَرَ فِيهِ سَمَاع يَحْيَى مِنْ عِكْرِمَة , يَعْنِي بِالْجَزْمِ. قَالَ : وَقَدْ رَوَيْنَاهُ مِنْ طَرِيق حُسَيْن بْن مُحَمَّد عَنْ شَيْبَانَ بِالتَّرَدُّدِ فِي السَّمَاع أَوْ الْكِتَابَة أَيْضًا. قُلْت : قَدْ رَوَاهُ الْحَارِث بْن أَبِي أُسَامَة فِي مُسْنَده عَنْ يَزِيد بْن هَارُونَ عَنْ شَيْبَانَ نَحْو رِوَايَة الْبُخَارِيّ قَالَ "" سَمِعْته "" أَوْ "" كُنْت سَأَلْته فَسَمِعْته "" أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَج. قَوْله : ( أَشْهَدُ ) ذَكَرَهُ تَأْكِيدًا لِحِفْظِهِ وَاسْتِحْضَاره. قَوْله : ( مَنْ صَلَّى فِي ثَوْب ) زَادَ الْكُشْمِيهَنِيّ "" وَاحِد "". وَدَلَالَته عَلَى التَّرْجَمَة مِنْ جِهَة أَنَّ الْمُخَالَفَة بَيْن الطَّرَفَيْنِ لَا تَتَيَسَّرُ إِلَّا بِجَعْلِ شَيْء مِنْ الثَّوْب عَلَى الْعَاتِق , كَذَا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ. وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ أَنَّ فِي بَعْض طُرُق هَذَا الْحَدِيث التَّصْرِيح بِالْمُرَادِ فَأَشَارَ إِلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَعَادَتِهِ , فَعِنْد أَحْمَد مِنْ طَرِيق مَعْمَر عَنْ يَحْيَى فِيهِ "" فَلْيُخَالِفْ بَيْن طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ "" وَكَذَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيق حُسَيْن عَنْ شَيْبَانَ , وَقَدْ حَمَلَ الْجُمْهُور هَذَا الْأَمْر عَلَى الِاسْتِحْبَاب , وَالنَّهْي فِي الَّذِي قَبْله عَلَى التَّنْزِيه. وَعَنْ أَحْمَد "" لَا تَصِحّ صَلَاة مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ فَتَرَكَهُ "" جَعَلَهُ مِنْ الشَّرَائِط , وَعَنْهُ "" تَصِحّ وَيَأْثَم "" جَعَلَهُ وَاجِبًا مُسْتَقْبِلًا. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : ظَاهِر النَّهْي يَقْتَضِي التَّحْرِيم لَكِنَّ الْإِجْمَاع مُنْعَقِد عَلَى جَوَاز تَرْكه. كَذَا قَالَ وَغَفَلَ عَمَّا ذَكَرَهُ بَعْد قَلِيل عَنْ النَّوَوِيّ مِنْ حِكَايَة مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ أَحْمَد , وَقَدْ نَقَلَ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ مُحَمَّد بْن عَلِيّ عَدَم الْجَوَاز , وَكَلَام التِّرْمِذِيّ يَدُلّ عَلَى ثُبُوت الْخِلَاف أَيْضًا , وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ قَبْلُ بِبَابٍ , وَعَقَدَ الطَّحَاوِيُّ لَهُ بَابًا فِي شَرْح الْمَعَانِي وَنَقَلَ الْمَنْع عَنْ اِبْن عُمَر ثُمَّ عَنْ طَاوُسٍ وَالنَّخَعِيِّ , وَنَقَلَهُ غَيْره عَنْ اِبْن وَهْب وَابْن جَرِير , وَجَمَعَ الطَّحَاوِيُّ بَيْن أَحَادِيث الْبَاب بِأَنَّ الْأَصْل أَنْ يُصَلِّي مُشْتَمِلًا فَإِنْ ضَاقَ اِتَّزَرَ. وَنَقَلَ الشَّيْخ تَقِيّ الدِّين السُّبْكِيّ وُجُوب ذَلِكَ عَنْ نَصّ الشَّافِعِيّ وَاخْتَارَهُ , لَكِنَّ الْمَعْرُوف فِي كُتُب الشَّافِعِيَّة خِلَافه. وَاسْتَدَلَّ الْخَطَّابِيُّ عَلَى عَدَم الْوُجُوب بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي ثَوْب كَانَ أَحَد طَرَفَيْهِ عَلَى بَعْض نِسَائِهِ وَهِيَ نَائِمَة , قَالَ : وَمَعْلُوم أَنَّ الطَّرَف الَّذِي هُوَ لَابِسه مِنْ الثَّوْب غَيْر مُتَّسِع لِأَنْ يَتَّزِر بِهِ وَيَفْضُل مِنْهُ مَا كَانَ لِعَاتِقِهِ , وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى , وَالظَّاهِر مِنْ تَصَرُّفِ الْمُصَنِّف التَّفْصِيل بَيْن مَا إِذَا كَانَ الثَّوْب وَاسِعًا فَيَجِب , وَبَيْن مَا إِذَا كَانَ ضَيِّقًا أُزُرهُمْ يَجِب وَضْع شَيْء مِنْهُ عَلَى الْعَاتِق , وَهُوَ اِخْتِيَار اِبْن الْمُنْذِر , وَبِذَلِكَ تَظْهَر أُزُرهُمْ تَعْقِيبه بِبَاب إِذَا كَانَ الثَّوْب ضَيِّقًا.



