المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (344)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (344)]
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ تَقُولُ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ قَالَتْ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ ابْنُ أُمِّي أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا قَدْ أَجَرْتُهُ فُلَانَ ابْنَ هُبَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ وَذَاكَ ضُحًى
قَوْله : ( عَنْ أَبِي النَّضْر ) هُوَ الْمَدَنِيّ , وَأَبُو مُرَّة تَقَدَّمَ ذِكْره فِي الْعِلْم , وَعُرِفَ هُنَا بِأَنَّهُ مَوْلَى أُمّ هَانِئ وَهُنَاكَ بِأَنَّهُ مَوْلَى عَقِيل , وَهُوَ مَوْلَى أُمّ هَانِئ حَقِيقَة , وَأَمَّا عَقِيل فَلِكَوْنِهِ أَخَاهَا فَنُسِبَ إِلَى وَلَائِهِ مَجَازًا بِأَدْنَى مُلَابَسَة , أَوْ لِكَوْنِهِ كَانَ يُكْثِر مُلَازَمَة عَقِيل كَمَا وَقَعَ لِمِقْسَمٍ مَعَ اِبْن عَبَّاس. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى أَوَائِل هَذَا الْحَدِيث فِي الْغُسْل فِي بَاب التَّسَتُّر , وَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ أَيْضًا فِي صَلَاة الضُّحَى : وَمَوْضِع الْحَاجَة مِنْهُ هُنَا أَنَّ أُمّ هَانِئ وَصَفَتْ الِالْتِحَاف الْمَذْكُور فِي هَذِهِ الطَّرِيق الْمَوْصُولَة بِأَنَّهُ الْمُخَالَفَة بَيْن طَرَفَيْ الثَّوْب عَلَى الْعَاتِقَيْنِ فِي الرِّوَايَة الْمُعَلَّقَة قَبْلُ , فَطَابَق التَّفْسِير الْمُتَقَدِّم فِي التَّرْجَمَة. قَوْله : ( زَعَمَ اِبْن أُمِّي ) هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب , وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيِّ "" اِبْن أَبِي "" وَهُوَ صَحِيح فِي الْمَعْنَى فَإِنَّهُ شَقِيقهَا , وَ "" زَعَمَ "" هُنَا بِمَعْنَى اِدَّعَى , وَقَوْلهَا ( قَاتَلَ رَجُلًا ) فِيهِ إِطْلَاق اِسْم الْفَاعِل عَلَى مَنْ عَزَمَ عَلَى التَّلَبُّس بِالْفَعْلَةِ. قَوْله : ( فُلَان بْن هُبَيْرَة ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْبَدَل أَوْ الرَّفْع عَلَى الْحَذْف , وَعِنْد أَحْمَد وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ أَبِي مُرَّة عَنْ أُمّ هَانِئ "" إِنِّي أَجَرْت حَمَوَيْنِ لِي "" قَالَ أَبُو الْعَبَّاس بْن سُرَيْج وَغَيْره : هُمَا جَعْدَة بْن هُبَيْرَة وَرَجُل آخَر مِنْ بَنِي مَخْزُوم كَانَا فِيمَنْ قَاتَلَ خَالِد بْن الْوَلِيد وَلَمْ يَقْبَلَا الْأَمَان , فَأَجَارَتْهُمَا أُمّ هَانِئ وَكَانَا مِنْ أَحْمَائِهَا. وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : إِنْ كَانَ اِبْن هُبَيْرَة مِنْهُمَا فَهُوَ جَعْدَة كَذَا قَالَ , وَجَعْدَة مَعْدُودٌ فِيمَنْ لَهُ رُؤْيَة وَلَمْ تَصِحّ لَهُ صُحْبَة , وَقَدْ ذَكَرَهُ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَة فِي التَّابِعِينَ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا , فَكَيْفَ يَتَهَيَّأ لِمَنْ هَذِهِ سَبِيله فِي صِغَر السِّنّ أَنْ يَكُون عَام الْفَتْح مُقَاتِلًا حَتَّى يَحْتَاج إِلَى الْأَمَان ؟ ثُمَّ لَوْ كَانَ وَلَد أُمّ هَانِئ لَمْ يَهْتَمَّ عَلِيٌّ بِقَتْلِهِ ; لِأَنَّهَا كَانَتْ قَدْ أَسْلَمَتْ وَهَرَبَ زَوْجهَا وَتَرَكَ وَلَدهَا عِنْدهَا , وَجَوَّزَ اِبْن عَبْد الْبَرّ أَنْ يَكُون اِبْنًا لِهُبَيْرَةَ مِنْ غَيْرهَا , مَعَ نَقْله عَنْ أَهْل النَّسَب أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا لِهُبَيْرَةَ وَلَدًا مِنْ غَيْر أُمّ هَانِئ , وَجَزَمَ اِبْن هِشَام فِي تَهْذِيب السِّيرَة بِأَنَّ اللَّذَيْنِ أَجَارَتْهُمَا أُمّ هَانِئ هُمَا الْحَارِث بْن هِشَام وَزُهَيْر بْن أَبِي أُمَيَّة الْمَخْزُومِيَّانِ. وَرَوَى الْأَزْرَق بِسَنَدٍ فِيهِ الْوَاقِدِيُّ فِي حَدِيث أُمّ هَانِئ هَذَا أَنَّهُمَا الْحَارِث بْن هِشَام وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي رَبِيعَة , وَحَكَى بَعْضهمْ أَنَّهُمَا الْحَارِث بْن هِشَام وَهُبَيْرَة بْن أَبِي وَهْب , وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّ هُبَيْرَة هَرَبَ عِنْد فَتْح مَكَّة إِلَى نَجْرَان فَلَمْ يَزَلْ بِهَا مُشْرِكًا حَتَّى مَاتَ , كَذَا جَزَمَ بِهِ اِبْن إِسْحَاق وَغَيْره فَلَا يَصِحّ ذِكْره فِيمَنْ أَجَارَتْهُ أُمّ هَانِئ. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ قَالَ الزُّبَيْر بْن بَكَّارٍ : فُلَان اِبْن هُبَيْرَة هُوَ الْحَارِث بْن هِشَام. اِنْتَهَى. وَقَدْ تُصُرِّفَ فِي كَلَام الزُّبَيْر وَإِنَّمَا وَقَعَ عِنْد الزُّبَيْر فِي هَذِهِ الْقِصَّة مَوْضِع فُلَان بْن هُبَيْرَة "" الْحَارِث بْن هِشَام "" , وَاَلَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ فِي رِوَايَة الْبَاب حَذْفًا , كَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ "" فُلَان اِبْن عَمّ هُبَيْرَة "" فَسَقَطَ لَفْظ عَمّ أَوْ كَانَ فِيهِ "" فُلَان قَرِيب هُبَيْرَة "" فَتَغَيَّرَ لَفْظ قَرِيب بِلَفْظِ اِبْن , وَكُلٌّ مِنْ الْحَارِث بْن هِشَام وَزُهَيْر بْن أَبِي أُمَيَّة وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي رَبِيعَة يَصِحُّ وَصْفُهُ بِأَنَّهُ اِبْنُ عَمّ هُبَيْرَة وَقَرِيبُهُ , لِكَوْنِ الْجَمِيع مِنْ بَنِي مَخْزُوم. وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَى مَا يَتَعَلَّق بِأَمَانِ الْمَرْأَة فِي آخِر كِتَاب الْجِهَاد إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.



