المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (339)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (339)]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ صَلَّى جَابِرٌ فِي إِزَارٍ قَدْ عَقَدَهُ مِنْ قِبَلِ قَفَاهُ وَثِيَابُهُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الْمِشْجَبِ قَالَ لَهُ قَائِلٌ تُصَلِّي فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ فَقَالَ إِنَّمَا صَنَعْتُ ذَلِكَ لِيَرَانِي أَحْمَقُ مِثْلُكَ وَأَيُّنَا كَانَ لَهُ ثَوْبَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَوْله : ( حَدَّثَنِي وَاقِدٌ ) هُوَ أَخُو عَاصِم بْن مُحَمَّد الرَّاوِي عَنْهُ , وَمُحَمَّد أَبُوهُمَا هُوَ اِبْن زَيْد بْن عَبْد اللَّه اِبْن عُمَر , وَوَاقِد وَمُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر مَدَنِيَّانِ تَابِعِيَّانِ مِنْ طَبَقَة وَاحِدَة. قَوْله : ( مِنْ قِبَلِ ) بِكَسْرِ الْقَاف وَفَتْح الْمُوَحَّدَة , أَيْ مِنْ جِهَة قَفَاهُ. قَوْله : ( الْمِشْجَب ) بِكَسْرِ الْمِيم وَسُكُون الْمُعْجَمَة وَفَتْح الْجِيم بَعْدهَا مُوَحَّدَة , هُوَ عِيدَان تُضَمُّ رُءُوسهَا وَيُفَرَّجُ بَيْن قَوَائِمهَا تُوضَع عَلَيْهَا الثِّيَاب وَغَيْرهَا , وَقَالَ اِبْن سِيدَهْ : الْمِشْجَب وَالشِّجَاب خَشَبَات ثَلَاث يُعَلِّق عَلَيْهَا الرَّاعِي دَلْوه وَسِقَاءَهُ , وَيُقَال فِي الْمَثَل "" فُلَان كَالْمِشْجَبِ مِنْ حَيْثُ قَصَدْته وَجَدْته "". قَوْله : ( فَقَالَ لَهُ قَائِل ) وَقَعَ فِي رِوَايَة مُسْلِم أَنَّهُ عُبَادَةُ بْن الْوَلِيد بْن عُبَادَةَ بْن الصَّامِت , وَسَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّ سَعِيد بْن الْحَارِث سَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَة , وَلَعَلَّهُمَا جَمِيعًا سَأَلَاهُ , وَسَيَأْتِي عِنْد الْمُصَنِّف فِي "" بَاب الصَّلَاة بِغَيْرِ رِدَاء "" مِنْ طَرِيق اِبْن الْمُنْكَدِر أَيْضًا "" فَقُلْنَا يَا أَبَا عَبْد اللَّه "" فَلَعَلَّ السُّؤَال تَعَدَّدَ , وَقَالَ فِي جَوَاب اِبْن الْمُنْكَدِر "" فَأَحْبَبْت أَنْ يَرَانِي الْجُهَّال مِثْلكُمْ "" وَعُرِفَ بِهِ أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ هُنَا "" أَحْمَق "" أَيْ جَاهِل. وَالْحُمْق وَضْعُ الشَّيْء فِي غَيْر مَوْضِعه مَعَ الْعِلْم بِقُبْحِهِ , قَالَهُ فِي النِّهَايَة. وَالْغَرَض بَيَان جَوَاز الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاة فِي الثَّوْبَيْنِ أَفْضَل , فَكَأَنَّهُ قَالَ : صَنَعْته عَمْدًا لِبَيَانِ الْجَوَاز إِمَّا لِيَقْتَدِيَ بِي الْجَاهِلُ اِبْتِدَاءً أَوْ يُنْكِر عَلَيَّ فَأُعَلِّمهُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِز. وَإِنَّمَا أَغْلَظَ لَهُمْ فِي الْخِطَاب زَجْرًا عَنْ الْإِنْكَار عَلَى الْعُلَمَاء , وَلِيُحِثّهُمْ عَلَى الْبَحْث عَنْ الْأُمُور الشَّرْعِيَّة. قَوْله : ( وَأَيُّنَا كَانَ لَهُ ) أَيْ كَانَ أَكْثَرنَا فِي عَهْده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْلِك إِلَّا الثَّوْب الْوَاحِد , وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يُكَلَّف تَحْصِيل ثَوْب ثَانٍ لِيُصَلِّيَ فِيهِ , فَدَلَّ عَلَى الْجَوَاز. وَعَقَّبَ الْمُصَنِّف حَدِيثه هَذَا بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الْمُصَرِّحَة بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْ فِعْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَكُونَ بَيَان الْجَوَاز بِهِ أَوْقَع فِي النَّفْس , لِكَوْنِهِ أَصْرَح فِي الرَّفْع مِنْ الَّذِي قَبْله. وَخَفِيَ ذَلِك عَلَى الْكَرْمَانِيِّ فَقَالَ : دَلَالَته - أَيْ الْحَدِيث الْأَخِير - عَلَى التَّرْجَمَة وَهِيَ عَقْد الْإِزَار عَلَى الْقَفَا إِمَّا لِأَنَّهُ مَخْرُوم مِنْ الْحَدِيث السَّابِق - أَيْ هُوَ طَرَف مِنْ الَّذِي قَبْله - وَإِمَّا لِأَنَّهُ يَدُلّ عَلَيْهِ بِحَسَب الْغَالِب إِذْ لَوْلَا عَقْده عَلَى الْقَفَا لَمَا سَتَرَ الْعَوْرَة غَالِبًا , ا ه. وَلَوْ تَأَمَّلَ لَفْظه وَسِيَاقه بَعْد ثَمَانِيَة أَبْوَاب لَعَرَفَ اِنْدِفَاع اِحْتِمَالَيْهِ فَإِنَّهُ طَرَف مِنْ الْحَدِيث الْمَذْكُور هُنَاكَ لَا مِنْ السَّابِق , وَلَا ضَرُورَة إِلَى مَا اِدَّعَاهُ مِنْ الْغَلَبَة , فَإِنَّ لَفْظه "" وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثَوْب مُلْتَحِفًا بِهِ "" وَهِيَ قِصَّة أُخْرَى فِيمَا يَظْهَر كَانَ الثَّوْب فِيهَا وَاسِعًا فَالْتَحَفَ بِهِ , وَكَانَ فِي الْأُولَى ضَيِّقًا فَعَقَدَهُ , وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّد هَذَا التَّفْصِيل قَرِيبًا. ( فَائِدَةٌ ) : كَانَ الْخِلَاف فِي مَنْع جَوَاز الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد قَدِيمًا , رَوَى اِبْن أَبِي شَيْبَة عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ "" لَا تُصَلِّينَ فِي ثَوْب وَاحِد وَإِنْ كَانَ أَوْسَعَ مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض "" وَنَسَبَ اِبْن بَطَّالٍ ذَلِكَ لِابْنِ عُمَر ثُمَّ قَالَ : لَمْ يُتَابَع عَلَيْهِ , ثُمَّ اِسْتَقَرَّ الْأَمْر عَلَى الْجَوَاز.



