المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (325)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (325)]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ الْأَعْرَجِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقْبَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الْأَنْصَارِيِّ فَقَالَ أَبُو الْجُهَيْمِ الْأَنْصَارِيُّ أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ
قَوْله ( عَنْ جَعْفَر بْن رَبِيعَة ) فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ "" حَدَّثَنِي جَعْفَر "" , وَنِصْفُ هَذَا الْإِسْنَاد مِصْرِيُّونَ وَنِصْفُهُ الْأَعْلَى مَدَنِيُّونَ. قَوْله : ( سَمِعْت عُمَيْرًا مَوْلَى اِبْن عَبَّاس ) هُوَ اِبْن عَبْد اللَّه الْهِلَالِيّ مَوْلَى أُمّ الْفَضْل بِنْت الْحَارِث وَالِدَة اِبْن عَبَّاس , وَقَدْ رَوَى اِبْن إِسْحَاق هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ "" مَوْلَى عُبَيْد اللَّه بْن عَبَّاس "" , وَإِذَا كَانَ مَوْلَى أُمّ الْفَضْل فَهُوَ مَوْلَى أَوْلَادهَا. وَرَوَى مُوسَى بْن عُقْبَة وَابْن لَهِيعَة وَأَبُو الْحُوَيْرِث هَذَا الْحَدِيث عَنْ الْأَعْرَج عَنْ أَبِي الْجُهَيْمِ وَلَمْ يَذْكُرُوا بَيْنهمَا عُمَيْرًا وَالصَّوَاب إِثْبَاته , وَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيح غَيْر هَذَا الْحَدِيث وَحَدِيث آخَر عَنْ أُمّ الْفَضْل , وَرِوَايَة الْأَعْرَج عَنْهُ مِنْ رِوَايَة الْأَقْرَان. قَوْله : ( أَقْبَلْت أَنَا وَعَبْد اللَّه بْن يَسَار ) هُوَ أَخُو عَطَاء بْن يَسَار التَّابِعِيّ الْمَشْهُور , وَوَقَعَ عِنْد مُسْلِم فِي هَذَا الْحَدِيث "" عَبْد الرَّحْمَن بْن يَسَار "" وَهُوَ وَهْمٌ , وَلَيْسَ لَهُ فِي هَذَا الْحَدِيث رِوَايَة , وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرهُ الْمُصَنِّفُونَ فِي رِجَال الصَّحِيحَيْنِ. قَوْله : ( عَلَى أَبِي جُهَيْم ) قِيلَ اِسْمه عَبْد اللَّه , وَحَكَى اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ أَبِيهِ قَالَ : يُقَال هُوَ الْحَارِث اِبْن الصِّمَّة , فَعَلَى هَذَا لَفْظَة "" اِبْن "" زَائِدَة بَيْن أَبِي جُهَيْم وَالْحَارِث , لَكِنْ صَحَّحَ أَبُو حَاتِم أَنَّ الْحَارِث اِسْم أَبِيهِ لَا اِسْمه , وَفَرَّقَ اِبْن أَبِي حَاتِم بَيْنه وَبَيْن عَبْد اللَّه بْن جُهَيْم يُكَنَّى أَيْضًا أَبَا جُهَيْم , وَقَالَ اِبْن مَنْدَهْ "" عَبْد اللَّه بْنُ جُهَيْم بْن الْحَارِث بْن الصِّمَّة "" فَجَعَلَ الْحَارِث اِسْم جَدّه , وَلَمْ يُوَافِق عَلَيْهِ , وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْمَع الْأَقْوَال الْمُخْتَلِفَة فِيهِ. وَالصِّمَّة بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة وَتَشْدِيد الْمِيم هُوَ اِبْن عَمْرو بْن عَتِيك الْخَزْرَجِيّ , وَوَقَعَ فِي مُسْلِم "" دَخَلْنَا عَلَى أَبِي الْجَهْم "" بِإِسْكَانِ الْهَاء وَالصَّوَاب أَنَّهُ بِالتَّصْغِيرِ , وَفِي الصَّحَابَة شَخْص آخَر يُقَال لَهُ أَبُو الْجَهْم وَهُوَ صَاحِب الْإِنْبِجَانِيَّة , وَهُوَ غَيْر هَذَا ; لِأَنَّهُ قُرَشِيّ وَهَذَا أَنْصَارِيّ , وَيُقَال بِحَذْفِ الْأَلِف وَاللَّام فِي كُلّ مِنْهُمَا وَبِإِثْبَاتِهِمَا. قَوْله : ( مِنْ نَحْو بِئْر جَمَل ) أَيْ مِنْ جِهَة الْمَوْضِع الَّذِي يُعْرَفُ بِذَاكَ , وَهُوَ مَعْرُوف بِالْمَدِينَةِ , وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيم وَالْمِيم , وَفِي النَّسَائِيِّ بِئْر الْجَمَل وَهُوَ مِنْ الْعَقِيق. قَوْله : ( فَلَقِيَهُ رَجُل ) هُوَ أَبُو الْجُهَيْمِ الرَّاوِي , بَيَّنَهُ الشَّافِعِيّ فِي رِوَايَته لِهَذَا الْحَدِيث مِنْ طَرِيق أَبِي الْحُوَيْرِث عَنْ الْأَعْرَج. قَوْله : ( حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَار ) وَلِلدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيق اِبْن إِسْحَاق عَنْ الْأَعْرَج "" حَتَّى وَضَعَ يَده عَلَى الْجِدَار "" وَزَادَ الشَّافِعِيّ "" فَحَتَّهُ بِعَصًا "" , وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْجِدَار كَانَ مُبَاحًا , أَوْ مَمْلُوكًا لِإِنْسَانٍ يَعْرِف رِضَاهُ. قَوْله : ( فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ ) وَلِلدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي صَالِح عَنْ اللَّيْث "" فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَذِرَاعَيْهِ "" كَذَا لِلشَّافِعِيِّ مِنْ رِوَايَة أَبِي الْحُوَيْرِث , وَلَهُ شَاهِد مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ , لَكِنْ خَطَّأَ الْحُفَّاظُ رِوَايَتَهُ فِي رَفْعِهِ وَصَوَّبُوا وَقْفَهُ , وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَالِكًا أَخْرَجَهُ مَوْقُوفًا بِمَعْنَاهُ وَهُوَ الصَّحِيح , وَالثَّابِت فِي حَدِيث أَبِي جُهَيْم أَيْضًا بِلَفْظِ "" يَدَيْهِ "" لَا ذِرَاعَيْهِ فَإِنَّهَا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ مَعَ مَا فِي أَبِي الْحُوَيْرِث وَأَبِي صَالِح مِنْ الضَّعْف , وَسَيَأْتِي ذِكْر الْخِلَاف فِي إِيجَاب مَسْح الذِّرَاعَيْنِ بَعْدُ بِبَابٍ وَاحِد , قَالَ النَّوَوِيّ : هَذَا الْحَدِيث مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَادِمًا لِلْمَاءِ حَال التَّيَمُّم. قَالَ : وَهُوَ مُقْتَضَى صَنِيع الْبُخَارِيّ , لَكِنْ تُعُقِّبَ اِسْتِدْلَالُهُ بِهِ عَلَى جَوَاز التَّيَمُّم فِي الْحَضَر بِأَنَّهُ وَرَدَ عَلَى سَبَب , وَهُوَ إِرَادَة ذِكْر اللَّه ; لِأَنَّ لَفْظ السَّلَام مِنْ أَسْمَائِهِ , وَمَا أُرِيدَ بِهِ اِسْتِبَاحَة الصَّلَاة. وَأُجِيب بِأَنَّهُ لَمَّا تَيَمَّمَ فِي الْحَضَر لِرَدِّ السَّلَام - مَعَ جَوَازه بِدُونِ الطَّهَارَة - فَمَنْ خَشِيَ فَوْت الصَّلَاة فِي الْحَضَر جَازَ لَهُ التَّيَمُّم بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِعَدَمِ جَوَاز الصَّلَاة بِغَيْرِ طَهَارَة مَعَ الْقُدْرَة , وَقِيلَ يُحْتَمَل أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ التَّيَمُّم رَفْع الْحَدَث , وَلَا اِسْتِبَاحَة مَحْظُور , وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّشَبُّه بِالْمُتَطَهِّرِينَ كَمَا يُشْرَع الْإِمْسَاك فِي رَمَضَان لِمَنْ يُبَاح لَهُ الْفِطْر , أَوْ أَرَادَ تَخْفِيف الْحَدَث بِالتَّيَمُّمِ كَمَا يُشْرَع تَخْفِيف حَدَث الْجُنُب بِالْوُضُوءِ كَمَا تَقَدَّمَ , وَاسْتَدَلَّ بِهِ اِبْن بَطَّالٍ عَلَى عَدَم اِشْتِرَاط التُّرَاب قَالَ : ; لِأَنَّهُ مَعْلُوم أَنَّهُ لَمْ يَعْلَق بِيَدِهِ مِنْ الْجِدَار تُرَابٌ , وَنُوقِضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُوم بَلْ هُوَ مُحْتَمَل , وَقَدْ سِيقَ مِنْ رِوَايَة الشَّافِعِيّ مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْجِدَار تُرَابٌ , وَلِهَذَا اِحْتَاجَ إِلَى حَتِّهِ بِالْعَصَا.



