المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (321)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (321)]
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ اسْمُهُ الْوَضَّاحُ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ خَالَتِي مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا كَانَتْ تَكُونُ حَائِضًا لَا تُصَلِّي وَهِيَ مُفْتَرِشَةٌ بِحِذَاءِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى خُمْرَتِهِ إِذَا سَجَدَ أَصَابَنِي بَعْضُ ثَوْبِهِ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُدْرِك ) هُوَ الطَّحَّان الْبَصْرِيّ أَحَدُ الْحُفَّاظ , وَهُوَ مِنْ صِغَار شُيُوخ الْبُخَارِيّ , بَلْ الْبُخَارِيّ أَقْدَمُ مِنْهُ , وَقَدْ شَارَكَهُ فِي شَيْخه يَحْيَى بْن حَمَّاد الْمَذْكُور هُنَا , وَكَأَنَّ هَذَا الْحَدِيث فَاتَهُ فَاعْتَمَدَ فِيهِ عَلَى الْحَسَن الْمَذْكُور ; لِأَنَّهُ كَانَ عَارِفًا بِحَدِيثِ يَحْيَى بْن حَمَّاد. قَوْله : ( مِنْ كِتَابه ) إِشَارَة إِلَى أَنَّ أَبَا عَوَانَة حَدَّثَ بِهِ مِنْ كِتَابه لَا مِنْ حِفْظه , وَكَانَ إِذَا حَدَّثَ مِنْ كِتَابه أَتْقَنَ مِمَّا إِذَا حَدَّثَ مِنْ حِفْظه حَتَّى قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ : كِتَاب أَبِي عَوَانَة أَثْبَتُ مِنْ حِفْظِ هُشَيْم. قَوْله : ( كَانَتْ تَكُون ) أَيْ تَحْصُل أَوْ تَسْتَقِرّ , وَيُحْتَمَل أَنَّ قَوْله "" تَكُون لَا تُصَلِّي "" خَبَر لِكَانَتْ , وَقَوْله "" حَائِضًا "" حَال نَحْو ( وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ ) قَالَهُ الْكَرْمَانِيُّ. قَوْله : ( بِحِذَاءِ ) بِكَسْرِ الْخَاء الْمُهْمَلَة بَعْدهَا ذَال مُعْجَمَة وَمَدَّة أَيْ بِجَنْبِ مَسْجِد وَالْمُرَاد بِالْمَسْجِدِ مَكَان سُجُوده , وَالْخُمْرَة بِضَمِّ الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمِيم قَالَ الطَّبَرِيُّ : هُوَ مُصَلًّى صَغِير يُعْمَل مِنْ سَعَف النَّخْل , سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِسَتْرِهَا الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ مِنْ حَرّ الْأَرْض وَبَرْدهَا , فَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَة سُمِّيَتْ حَصِيرًا , وَكَذَا قَالَ الْأَزْهَرِيّ فِي تَهْذِيبه وَصَاحِبه أَبُو عُبَيْد الْهَرَوِيُّ وَجَمَاعَة بَعْدهمْ , وَزَادَ فِي النِّهَايَة : وَلَا تَكُون خُمْرَة إِلَّا فِي هَذَا الْمِقْدَار قَالَ : وَسُمِّيَتْ خُمْرَة ; لِأَنَّ خُيُوطهَا مَسْتُورَة بِسَعَفِهَا. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : هِيَ السَّجَّادَة يَسْجُد عَلَيْهَا الْمُصَلِّي. ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيث اِبْن عَبَّاس فِي الْفَأْرَة الَّتِي جَرَّتْ الْفَتِيلَة حَتَّى أَلْقَتْهَا عَلَى الْخُمْرَة الَّتِي كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا عَلَيْهَا.. الْحَدِيث قَالَ : فَفِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِإِطْلَاقِ الْخُمْرَة عَلَى مَا زَادَ عَلَى قَدْر الْوَجْه , قَالَ : وَسُمِّيَتْ خُمْرَة ; لِأَنَّهَا تُغَطِّي الْوَجْه , وَسَتَأْتِي الْإِشَارَة إِلَى حُكْم الصَّلَاة عَلَيْهَا فِي كِتَاب الصَّلَاة إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. ( خَاتِمَةٌ ) : اِشْتَمَلَ كِتَاب الْحَيْض مِنْ الْأَحَادِيث الْمَرْفُوعَة عَلَى سَبْعَة وَأَرْبَعِينَ حَدِيثًا , الْمُكَرَّر مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى اِثْنَانِ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا الْمَوْصُول مِنْهَا عَشَرَة أَحَادِيث , وَالْبَقِيَّة تَعْلِيق وَمُتَابَعَة , وَالْخَالِص خَمْسَة وَعِشْرُونَ حَدِيثًا مِنْهَا وَاحِد مُعَلَّق وَهُوَ حَدِيث كَانَ يَذْكُر اللَّه عَلَى كُلّ أَحْيَانه , وَالْبَقِيَّة مَوْصُولَة. وَقَدْ وَافَقَهُ مُسْلِم عَلَى تَخْرِيجهَا سِوَى حَدِيث عَائِشَة كَانَتْ إِحْدَانَا تَحِيض ثُمَّ تَقْتَرِص الدَّم وَحَدِيثهَا فِي اِعْتِكَاف الْمُسْتَحَاضَة , وَحَدِيثهَا مَا كَانَ لِإِحْدَانَا إِلَّا ثَوْب وَاحِد , وَحَدِيث أُمّ عَطِيَّة كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَة , وَحَدِيث اِبْن عُمَر رَخَّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِر. وَفِيهِ مِنْ الْآثَار الْمَوْقُوفَة عَلَى الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ خَمْسَة عَشَرَ أَثَرًا كُلُّهَا مُعَلَّقَةُ. وَاللَّهُ أَعْلَم.


