المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (3182)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (3182)]
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ وَحَدَّثَنِي مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ لَقِيتُ مُوسَى قَالَ فَنَعَتَهُ فَإِذَا رَجُلٌ حَسِبْتُهُ قَالَ مُضْطَرِبٌ رَجِلُ الرَّأْسِ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ قَالَ وَلَقِيتُ عِيسَى فَنَعَتَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَبْعَةٌ أَحْمَرُ كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ يَعْنِي الْحَمَّامَ وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ قَالَ وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا لَبَنٌ وَالْآخَرُ فِيهِ خَمْرٌ فَقِيلَ لِي خُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ فَقِيلَ لِي هُدِيتَ الْفِطْرَةَ أَوْ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ
حَدَيث أَبِي هُرَيْرَة فِي ذِكْر مُوسَى وَعِيسَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قِصَّة مُوسَى مِنْ هَذَا الْوَجْه , لَكِنْ زَادَ هُنَا إِسْنَادًا آخَر فَقَالَ "" حَدَّثَنَا مَحْمُود وَهُوَ اِبْن غَيْلَان عَنْ عَبْد الرَّزَّاق "" وَسَاقَهُ عَلَى لَفْظه , وَكَانَ سَاقَهُ هُنَاكَ عَلَى لَفْظ هِشَام بْن يُوسُف , وَقَوْله فِي هَذِهِ الرِّوَايَة "" فَإِذَا رَجُل حَسِبْته قَالَ مُضْطَرِب "" الْقَائِل "" حَسِبْته "" هُوَ عَبْد الرَّزَّاق , وَالْمُضْطَرِب الطَّوِيل غَيْر الشَّدِيد , وَقِيلَ الْخَفِيف اللَّحْم , وَتَقَدَّمَ فِي رِوَايَة هِشَام بِلَفْظِ "" ضُرِبَ "" وَفُسِّرَ بِالنَّحِيفِ , وَلَا مُنَافَاة بَيْنهمَا. وَقَالَ اِبْن التِّين : هَذَا الْوَصْف مُغَايِر لِقَوْلِهِ بَعْد هَذَا "" إِنَّهُ جَسِيم "" يَعْنِي فِي الرِّوَايَة الَّتِي بَعْد هَذِهِ , وَقَالَ : وَالَّذِي وَقَعَ نَعْته بِأَنَّهُ جَسِيم إِنَّمَا هُوَ الدَّجَّال. وَقَالَ عِيَاض : رِوَايَة مَنْ قَالَ "" ضَرْب "" أَصَحّ مِنْ رِوَايَة مَنْ قَالَ "" مُضْطَرِب "" لِمَا فِيهَا مِنْ الشَّكّ , قَالَ وَقَدْ وَقَعَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى "" جَسِيم "" وَهُوَ ضِدّ الضَّرْب , إِلَّا أَنْ يُرَاد بِالْجَسِيمِ الزِّيَادَة فِي الطُّول , وَقَالَ التَّيْمِيُّ : لَعَلَّ بَعْض لَفْظ هَذَا الْحَدِيث دَخَلَ فِي بَعْض , لِأَنَّ الْجَسِيم إِنَّمَا وَرَدَ فِي صِفَة الدَّجَّال لَا فِي صِفَة مُوسَى اِنْتَهَى. وَالَّذِي يَتَعَيَّن الْمَصِير إِلَيْهِ مَا جَوَّزَهُ عِيَاض أَنَّ الْمُرَاد بِالْجَسِيمِ فِي صِفَة مُوسَى الزِّيَادَة فِي الطُّول , وَيُؤَيِّدهُ قَوْله فِي الرِّوَايَة الَّتِي بَعْد هَذِهِ "" كَأَنَّهُ مِنْ رِجَال الزُّطّ "" وَهُمْ طِوَال غَيْر غِلَاظ , وَوَقَعَ فِي حَدِيث الْإِسْرَاء وَهُوَ فِي بَدْء الْخَلْق "" رَأَيْت مُوسَى جَعْدًا طُوَالًا "" وَاسْتَنْكَرَهُ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ : لَا أَرَاهُ مَحْفُوظًا لِأَنَّ الطَّوِيل لَا يُوصَف بِالْجَعْدِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُمَا لَا يَتَنَافَيَانِ. وَقَالَ النَّوَوِيّ : الْجُعُودَة فِي صِفَة مُوسَى جُعُودَة الْجِسْم وَهُوَ اِكْتِنَازه وَاجْتِمَاعه لَا جُعُودَة الشَّعْر لِأَنَّهُ جَاءَ أَنَّهُ كَانَ رَجِل الشَّعْر. قَوْله فِي صِفَة عِيسَى : ( رَبْعَة ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاء وَسُكُون الْمُوَحَّدَة وَيَجُوز فَتْحهَا وَهُوَ الْمَرْبُوع , وَالْمُرَاد أَنَّهُ لَيْسَ بِطَوِيلِ جِدًّا وَلَا قَصِير جِدًّا بَلْ وَسَط , وَقَوْله : "" مِنْ دِيمَاس "" هُوَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة وَآخِره مُهْمَلَة. قَوْله : ( يَعْنِي الْحَمَّام ) هُوَ تَفْسِير عَبْد الرَّزَّاق , وَلَمْ يَقَع ذَلِكَ فِي رِوَايَة هِشَام , وَالدِّيمَاس فِي اللُّغَة السِّرْب , وَيُطْلَق أَيْضًا عَلَى الْكِنّ , وَالْحَمَّام مِنْ جُمْلَة الْكِنّ. الْمُرَاد مِنْ ذَلِكَ وَصْفه بِصَفَاءِ اللَّوْن وَنَضَارَة الْجِسْم وَكَثْرَة مَاء الْوَجْه حَتَّى كَأَنَّهُ كَانَ فِي مَوْضِع كِنّ فَخَرَجَ مِنْهُ وَهُوَ عَرْقَان , وَسَيَأْتِي فِي رِوَايَة اِبْن عُمَر بَعْد هَذَا "" يَنْطِف رَأْسه مَاء "" وَهُوَ مُحْتَمَل لِأَنْ يُرَاد الْحَقِيقَة , وَأَنَّهُ عَرَقَ حَتَّى قَطَرَ الْمَاء مِنْ رَأْسه , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون كِنَايَة عَنْ مَزِيد نَضَارَة وَجْهه , وَيُؤَيِّدهُ أَنَّ فِي رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن آدَم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عِنْد أَحْمَد وَأَبِي دَاوُدَ "" يَقْطُر رَأْسه مَاء وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَل "". قَوْله : ( وَأَتَيْت بِإِنَاءَيْنِ ) يَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ فِي الْكَلَام عَلَى الْإِسْرَاء فِي السِّيرَة النَّبَوِيَّة إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.



