المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (313)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (313)]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلَامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدَيْنِ فَقَدِمَتْ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتِهَا وَكَانَ زَوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشَرَةَ غَزْوَةً وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتٍّ قَالَتْ كُنَّا نُدَاوِي الْكَلْمَى وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى فَسَأَلَتْ أُخْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لَا تَخْرُجَ قَالَ لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا وَلْتَشْهَد الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ سَأَلْتُهَا أَسَمِعْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ بِأَبِي نَعَمْ وَكَانَتْ لَا تَذْكُرُهُ إِلَّا قَالَتْ بِأَبِي سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ أَوْ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضُ وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى قَالَتْ حَفْصَةُ فَقُلْتُ الْحُيَّضُ فَقَالَتْ أَلَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ وَكَذَا وَكَذَا
قَوْله : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّد ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ غَيْر مَنْسُوب , وَلِأَبِي ذَرٍّ مُحَمَّد بْن سَلَّام , وَلِكَرِيمَة مُحَمَّد هُوَ اِبْن سَلَّامٍ. قَوْله : ( حَدَّثَنَا عَبْد الْوَهَّاب ) هُوَ الثَّقَفِيُّ. قَوْله : ( عَوَاتِقنَا ) الْعَوَاتِق جَمْع عَاتِق وَهِيَ مَنْ بَلَغَتْ الْحُلُم أَوْ قَارَبَتْ , أَوْ اِسْتَحَقَّتْ التَّزْوِيج , أَوْ هِيَ الْكَرِيمَة عَلَى أَهْلهَا , أَوْ الَّتِي عَتَقَتْ عَنْ الِامْتِهَان فِي الْخُرُوج لِلْخِدْمَةِ , وَكَأَنَّهُمْ كَانُوا يَمْنَعُونَ الْعَوَاتِق مِنْ الْخُرُوج لِمَا حَدَثَ بَعْد الْعَصْر الْأَوَّل مِنْ الْفَسَاد , وَلَمْ تُلَاحِظ الصَّحَابَة ذَلِكَ بَلْ رَأَتْ اِسْتِمْرَار الْحُكْم عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَوْله : ( فَقَدِمَتْ اِمْرَأَة ) لَمْ أَقِف عَلَى تَسْمِيَتهَا. وَقَصْر بَنِي خَلَف كَانَ بِالْبَصْرَةِ وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى طَلْحَة اِبْن عَبْد اللَّه بْن خَلَف الْخُزَاعِيّ الْمَعْرُوف بِطَلْحَة الطَّلَحَات وَقَدْ وَلِيَ إِمْرَة سِجِسْتَان. قَوْله : ( فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتهَا ) قِيلَ هِيَ أُمّ عَطِيَّة , وَقِيلَ غَيْرهَا وَعَلَيْهِ مَشَى الْكَرْمَانِيُّ , وَعَلَى تَقْدِير أَنْ تَكُون أُمّ عَطِيَّة فَلَمْ نَقِف عَلَى تَسْمِيَة زَوْجهَا أَيْضًا. قَوْله : ( ثِنْتَيْ عَشْرَة ) زَادَ الْأَصِيلِيّ "" غَزْوَةً "". قَوْله : ( وَكَانَتْ أُخْتِي ) فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيره قَالَتْ الْمَرْأَة وَكَانَتْ أُخْتِي. قَوْله : ( قَالَتْ ) أَيْ الْأُخْت , وَالْكَلْمَى بِفَتْحِ الْكَاف وَسُكُون اللَّام : جَمْع كَلِيم أَيْ جَرِيح. قَوْله : ( مِنْ جِلْبَابهَا ) قِيلَ الْمُرَاد بِهِ الْجِنْس , أَيْ تُعِيرهَا مِنْ ثِيَابهَا مَا لَا تَحْتَاج إِلَيْهِ. وَقِيلَ الْمُرَاد تُشْرِكهَا مَعَهَا فِي لُبْس الثَّوْب الَّذِي عَلَيْهَا , وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى تَفْسِير الْجِلْبَاب - وَهُوَ بِكَسْرِ الْجِيم وَسُكُون اللَّام وَبِمُوَحَّدَتَيْنِ بَيْنهمَا أَلِفٌ - قِيلَ : هُوَ الْمُقَنَّعَة أَوْ الْخِمَار أَوْ أَعْرَضُ مِنْهُ , وَقِيلَ الثَّوْب الْوَاسِع يَكُون دُون الرِّدَاء , وَقِيلَ الْإِزَار , وَقِيلَ الْمِلْحَفَة , وَقِيلَ الْمُلَاءَة , وَقِيلَ الْقَمِيص. قَوْله : ( وَدَعْوَة الْمُسْلِمِينَ ) - فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ "" الْمُؤْمِنِينَ "" وَهِيَ مُوَافِقَة لِرِوَايَةِ أُمّ عَطِيَّة. قَوْله : ( وَكَانَتْ ) أَيْ أُمّ عَطِيَّة ( لَا تَذْكُرهُ ) أَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِلَّا قَالَتْ : بِأَبِي ) أَيْ هُوَ مُفَدًّى بِأَبِي , وَفِي رِوَايَة عَبْدُوس بِيَبِي بِبَاءٍ تَحْتَانِيَّة بَدَل الْهَمْزَة فِي الْمَوْضِعَيْنِ , وَلِلْأَصِيلِيّ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَة الثَّانِيَة مَعَ قَلْب الْهَمْزَة يَاء - كَعَبْدُوس - لَكِنْ فَتَحَ مَا بَعْدهَا كَأَنَّهُ جَعَلَهُ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَال وَاحِدًا , وَنُقِلَ عَنْ الْأَصِيلِيّ أَيْضًا كَالْأَصْلِ لَكِنَّهُ فَتَحَ الثَّانِيَة أَيْضًا , وَقَدْ ذَكَرَ اِبْن مَالِك هَذِهِ الْأَرْبَعَة فِي شَوَاهِد التَّوْضِيح , وَقَالَ اِبْن الْأَثِير : قَوْله بَأْبَأَ أَصْله بِأَبِي هُوَ , يُقَال بَأْبَأْت الصَّبِيّ إِذَا قُلْت لَهُ أَفْدِيك بِأَبِي فَقَلَبُوا الْيَاء أَلِفًا كَمَا فِي "" وَيْلَتَا "". قَوْله : ( وَذَوَات الْخُدُور ) بِضَمِّ الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالدَّال الْمُهْمَلَة جَمْع خِدْر بِكَسْرِهَا وَسُكُون الدَّال , وَهُوَ سِتْر يَكُون فِي نَاحِيَة الْبَيْت تَقْعُد الْبِكْر وَرَاءَهُ , وَلِلْأَصِيلِيّ وَكَرِيمَة "" الْعَوَاتِق وَذَوَات الْخُدُور أَوْ الْعَوَاتِق ذَوَات الْخُدُور "" عَلَى الشَّكّ , وَبَيْن الْعَاتِق وَالْبِكْر عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ. قَوْله : ( وَيَعْتَزِل الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى ) بِضَمِّ اللَّام هُوَ خَبَر. بِمَعْنَى الْأَمْر , وَفِي رِوَايَة "" وَيَعْتَزِلْنَ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى "" وَهُوَ نَحْو أَكَلُونِي الْبَرَاغِيث. وَحَمَلَ الْجُمْهُور الْأَمْر الْمَذْكُور عَلَى النَّدْب ; لِأَنَّ الْمُصَلَّى لَيْسَ بِمَسْجِدٍ فَيَمْتَنِع الْحُيَّض مِنْ دُخُوله , وَأَغْرَبَ الْكَرْمَانِيُّ فَقَالَ : الِاعْتِزَال وَاجِب , وَالْخُرُوج وَالشُّهُود مَنْدُوب , مَعَ كَوْنه نَقَلَ عَنْ النَّوَوِيّ تَصْوِيب عَدَم وُجُوبه , وَقَالَ اِبْن الْمُنِير : الْحِكْمَة فِي اِعْتِزَالهنَّ أَنَّ فِي وُقُوفهنَّ وَهُنَّ لَا يُصَلِّينَ مَعَ الْمُصَلِّيَات إِظْهَارَ اِسْتِهَانَة بِالْحَالِ. فَاسْتُحِبَّ لَهُنَّ اِجْتِنَاب ذَلِكَ. قَوْله : ( فَقُلْت : آلْحُيَّض ) بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَة , كَأَنَّهَا تَتَعَجَّب مِنْ ذَلِكَ ( فَقَالَتْ ) أَيْ أُمّ عَطِيَّة : ( أَلَيْسَ تَشْهَد ) أَيْ الْحُيَّض , وَلِلْكُشْمِيهَنِيّ "" أَلَيْسَتْ "" وَلِلْأَصِيلِيّ "" أَلَيْسَ يَشْهَدْنَ "". قَوْله : ( وَكَذَا وَكَذَا ) أَيْ وَمُزْدَلِفَة وَمِنًى وَغَيْرهمَا. وَفِيهِ أَنَّ الْحَائِض لَا تَهْجُرُ ذِكْرَ اللَّه وَلَا مَوَاطِنَ الْخَيْر كَمَجَالِس الْعِلْم وَالذِّكْر سِوَى الْمَسَاجِد , وَفِيهِ اِمْتِنَاعُ خُرُوج الْمَرْأَة بِغَيْرِ جِلْبَاب , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي اِسْتِيفَاؤُهُ فِي كِتَاب الْعِيدَيْنِ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.



