موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (307)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (307)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُسَدَّدٌ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏حَمَّادٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا يَقُولُ يَا رَبِّ نُطْفَةٌ يَا رَبِّ ‏ ‏عَلَقَةٌ ‏ ‏يَا رَبِّ ‏ ‏مُضْغَةٌ ‏ ‏فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قَالَ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ وَالْأَجَلُ فَيُكْتَبُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ‏


‏ ‏قَوْله : ( حَدَّثَنَا حَمَّاد ) ‏ ‏هُوَ اِبْن زَيْد , وَعُبَيْد اللَّه بِالتَّصْغِيرِ اِبْن أَبِي بَكْر بْن أَنَس بْن مَالِك. ‏ ‏قَوْله : ( إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ) ‏ ‏وَقَعَ فِي رِوَايَتنَا بِالتَّخْفِيفِ , يُقَال وَكَلَهُ بِكَذَا إِذَا اِسْتَكْفَاهُ إِيَّاهُ وَصَرَفَ أَمْره إِلَيْهِ , وَلِلْأَكْثَرِ بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ مُوَافِق لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ). ‏ ‏قَوْله : ( يَقُول يَا رَبِّ نُطْفَةٌ ) ‏ ‏بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِين , أَيْ وَقَعَتْ فِي الرَّحِم نُطْفَةٌ , وَفِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ بِالنَّصْبِ أَيْ خَلَقَتْ يَا رَبّ نُطْفَة , وَنِدَاء الْمَلَك بِالْأُمُورِ الثَّلَاثَة لَيْسَ فِي دُفْعَة وَاحِدَة , بَلْ بَيْن كُلّ حَالَة وَحَالَة مُدَّة تَبَيَّنَ مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود الْآتِي فِي كِتَاب الْقَدَر أَنَّهَا أَرْبَعُونَ يَوْمًا , وَسَيَأْتِي الْكَلَام هُنَاكَ عَلَى بَقِيَّة فَوَائِد حَدِيث أَنَس هَذَا , وَالْجَمْع بَيْنه وَبَيْن مَا ظَاهِره التَّعَارُض مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود الْمَذْكُور , وَمُنَاسَبَة الْحَدِيث لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَة أَنَّ الْحَدِيث الْمَذْكُور مُفَسِّر لِلْآيَةِ. وَأَوْضَحُ مِنْهُ سِيَاقًا مَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْد عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلْقَمَة عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : "" إِذَا وَقَعَتْ النُّطْفَة فِي الرَّحِم بَعَثَ اللَّه مَلَكًا فَقَالَ : يَا رَبّ مُخَلَّقَة أَوْ غَيْر مُخَلَّقَة ؟ فَإِنْ قَالَ غَيْر مُخَلَّقَة مَجَّهَا الرَّحِم دَمًا , وَإِنْ قَالَ مُخَلَّقَة قَالَ : يَا رَبّ فَمَا صِفَة هَذِهِ النُّطْفَة ؟ "" فَذَكَر الْحَدِيث وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ , وَهُوَ مَوْقُوفٌ لَفْظًا مَرْفُوعٌ حُكْمًا , وَحَكَى الطَّبَرِيُّ لِأَهْلِ التَّفْسِير فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا وَقَالَ : الصَّوَاب قَوْل مَنْ قَالَ الْمُخَلَّقَة الْمُصَوَّرَة خَلْقًا تَامًّا , وَغَيْر الْمُخَلَّقَة السِّقْط قَبْل تَمَام خَلْقه , وَهُوَ قَوْل مُجَاهِد وَالشَّعْبِيّ وَغَيْرهمَا. وَقَالَ اِبْن بَطَّالٍ : غَرَض الْبُخَارِيّ بِإِدْخَالِ هَذَا الْحَدِيث فِي أَبْوَاب الْحَيْض تَقْوِيَة مَذْهَب مَنْ يَقُول إِنَّ الْحَامِل لَا تَحِيض , وَهُوَ قَوْل الْكُوفِيِّينَ وَأَحْمَد وَأَبِي ثَوْر وَابْن الْمُنْذِر وَطَائِفَة , وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم , وَقَالَ فِي الْجَدِيد : إِنَّهَا تَحِيض , وَبِهِ قَالَ إِسْحَاق , وَعَنْ مَالِك رِوَايَتَانِ. قُلْت : وَفِي الِاسْتِدْلَال بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور عَلَى أَنَّهَا لَا تَحِيض نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ كَوْن مَا يَخْرُج مِنْ الْحَامِل هُوَ السِّقْط الَّذِي لَمْ يُصَوَّر أَنْ لَا يَكُون الدَّمُ الَّذِي تَرَاهُ الْمَرْأَة الَّتِي يَسْتَمِرّ حَمْلهَا لَيْسَ بِحَيْضٍ. وَمَا اِدَّعَاهُ الْمُخَالِف مِنْ أَنَّهُ رَشْح مِنْ الْوَلَد أَوْ مِنْ فَضْلَة غِذَائِهِ أَوْ دَم فِسَاد لِعِلَّةٍ فَمُحْتَاجٌ إِلَى دَلِيلٍ. وَمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنْ خَبَر أَوْ أَثَر لَا يَثْبُت ; لِأَنَّ هَذَا دَم بِصِفَاتِ دَم الْحَيْض وَفِي زَمَن إِمْكَانه فَلَهُ حُكْم دَم الْحَيْض , فَمَنْ اِدَّعَى خِلَافه فَعَلَيْهِ الْبَيَان. وَأَقْوَى حُجَجِهِمْ أَنَّ اِسْتِبْرَاء الْأَمَة اُعْتُبِرَ بِالْمَحِيضِ لِتَحَقُّقِ بَرَاءَة الرَّحِم مِنْ الْحَمْل , فَلَوْ كَانَتْ الْحَامِل تَحِيض لَمْ تَتِمّ الْبَرَاءَة بِالْحَيْضِ , وَاسْتَدَلَّ اِبْن الْمُنِير عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِدَمِ حَيْض بِأَنَّ الْمَلَك مُوَكَّل بِرَحِمِ الْحَامِل , وَالْمَلَائِكَة لَا تَدْخُل بَيْتًا فِيهِ قَذَرٌ وَلَا يُلَائِمهَا ذَلِكَ. وَأُجِيب بِأَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ كَوْن الْمَلَك مُوَكَّلًا بِهِ أَنْ يَكُون حَالًّا فِيهِ , ثُمَّ هُوَ مُشْتَرَك الْإِلْزَام ; لِأَنَّ الدَّم كُلّه قَذِر , وَاللَّهُ أَعْلَم. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!