المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (301)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (301)]
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ مَا كَانَ لِإِحْدَانَا إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ تَحِيضُ فِيهِ فَإِذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ قَالَتْ بِرِيقِهَا فَقَصَعَتْهُ بِظُفْرِهَا
فِي الْجَمْع بَيْن هَذَا الْحَدِيث وَبَيْن حَدِيث أُمّ سَلَمَة الْمَاضِي الدَّالّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَهَا ثَوْب مُخْتَصّ بِالْحَيْضِ أَنَّ حَدِيث عَائِشَة مَحْمُول عَلَى مَا كَانَ فِي أَوَّل الْأَمْر وَحَدِيث أُمّ سَلَمَة مَحْمُول عَلَى مَا كَانَ بَعْد اِتِّسَاع الْحَال , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون مُرَاد عَائِشَة بِقَوْلِهَا "" ثَوْب وَاحِد "" مُخْتَصّ بِالْحَيْضِ , وَلَيْسَ فِي سِيَاقهَا مَا يَنْفِي أَنْ يَكُون لَهَا غَيْره فِي زَمَن الطُّهْر فَيُوَافِق حَدِيث أُمّ سَلَمَة , وَلَيْسَ فِيهِ أَيْضًا أَنَّهَا صَلَّتْ فِيهِ فَلَا يَكُون فِيهِ حُجَّة لِمَنْ أَجَازَ إِزَالَة النَّجَاسَة بِغَيْرِ الْمَاء , وَإِنَّمَا أَزَالَتْ الدَّم بِرِيقِهَا لِيَذْهَب أَثَره وَلَمْ تَقْصِد تَطْهِيره , وَقَدْ مَضَى قَبْلُ بِبَابٍ عَنْهَا ذِكْر الْغُسْل بَعْد الْقَرْص قَالَتْ "" ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ "" فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا عِنْد إِرَادَة الصَّلَاة فِيهِ كَانَتْ تَغْسِلهُ. وَقَوْلهَا فِي حَدِيث الْبَاب "" قَالَتْ بِرِيقِهَا "" مِنْ إِطْلَاق الْقَوْل عَلَى الْفِعْل , وَقَوْلهَا "" فَمَصَعَتْه "" بِالصَّادِ وَالْعَيْن الْمُهْمَلَتَيْنِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ أَيْ حَكَّتْهُ وَفَرَكَتْهُ بِظُفْرِهَا , وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِالْقَافِ بَدَل الْمِيم , وَالْقَصْع الدَّلْك. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لَهُ مِنْ طَرِيق عَطَاء عَنْ عَائِشَة بِمَعْنَى هَذَا الْحَدِيث "" ثُمَّ تَرَى فِيهِ قَطْرَة مِنْ دَم فَتَقْصَعهُ بِظُفْرِهَا "" فَعَلَى هَذَا فَيُحْمَل حَدِيث الْبَاب عَلَى أَنَّ الْمُرَاد دَم يَسِير يُعْفَى عَنْ مِثْله , وَالتَّوْجِيه الْأَوَّل أَقْوَى. ( فَائِدَةٌ ) : طَعَنَ بَعْضهمْ فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ جِهَة دَعْوَى الِانْقِطَاع , وَمِنْ جِهَة دَعْوَى الِاضْطِرَاب. فَأَمَّا الِانْقِطَاع فَقَالَ أَبُو حَاتِم : لَمْ يَسْمَع مُجَاهِد مِنْ عَائِشَة , وَهَذَا مَرْدُود , فَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيح بِسَمَاعِهِ مِنْهَا عِنْد الْبُخَارِيّ فِي غَيْر هَذَا الْإِسْنَاد , وَأَثْبَتَهُ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ , فَهُوَ مُقَدَّم عَلَى مَنْ نَفَاهُ. وَأَمَّا الِاضْطِرَاب فَلِرِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ لَهُ عَنْ مُحَمَّد بْن كَثِير عَنْ إِبْرَاهِيم بْن نَافِع عَنْ الْحَسَن بْن مُسْلِم بَدَل اِبْن أَبِي نَجِيح , وَهَذَا الِاخْتِلَاف لَا يُوجِب الِاضْطِرَاب ; لِأَنَّهُ مَحْمُول عَلَى أَنَّ إِبْرَاهِيم بْن نَافِع سَمِعَهُ مِنْ شَيْخَيْنِ , وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَأَبُو نُعَيْمٍ شَيْخ الْبُخَارِيّ فِيهِ أَحْفَظُ مِنْ مُحَمَّد بْن كَثِير شَيْخ أَبِي دَاوُدَ فِيهِ , وَقَدْ تَابَعَ أَبَا نُعَيْمٍ خَلَّادُ بْن يَحْيَى وَأَبُو حُذَيْفَة وَالنُّعْمَان بْن عَبْد السَّلَام فَرَجَحَتْ رِوَايَته , وَالرِّوَايَة الْمَرْجُوحَة لَا تُؤَثِّر فِي الرِّوَايَة الرَّاجِحَة. وَاللَّهُ أَعْلَم.


