المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (289)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (289)]
حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهَا قَالَتْ بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعَةٌ فِي خَمِيصَةٍ إِذْ حِضْتُ فَانْسَلَلْتُ فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي قَالَ أَنُفِسْتِ قُلْتُ نَعَمْ فَدَعَانِي فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا هِشَام ) هُوَ الدَّسْتُوَائِيّ. قَوْله : ( عَنْ أَبِي سَلَمَة ) فِي رِوَايَة مُسْلِم حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَة أَخْرَجَهَا مِنْ طَرِيق مُعَاذ بْن هِشَام عَنْ أَبِيهِ. قَوْله : ( مُضْطَجِعَة ) بِالرَّفْعِ وَيَجُوز النَّصْب. قَوْله : ( فِي خَمِيصَة ) بِفَتْحِ الْخَاء الْمُعْجَمَة وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَة : كِسَاء أَسْوَد لَهُ أَعْلَام يَكُون مِنْ صُوف وَغَيْره وَلَمْ أَرَ فِي شَيْء مِنْ طُرُقه بِلَفْظِ خَمِيصَة إِلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة. وَأَصْحَاب يَحْيَى ثُمَّ أَصْحَاب هِشَام كُلّهمْ قَالُوا خَمِيلَة بِاللَّامِ بَدَل الصَّاد , وَهُوَ مُوَافِق لِمَا فِي آخِر الْحَدِيث , قِيلَ : الْخَمِيلَة الْقَطِيفَة , وَقِيلَ الطُّنْفِسَة. وَقَالَ الْخَلِيل : الْخَمِيلَة ثَوْب لَهُ خَمْل أَيْ هُدْب , وَعَلَى هَذَا لَا مُنَافَاة بَيْن الْخَمِيصَة وَالْخَمِيلَة فَكَأَنَّهَا كَانَتْ كِسَاء أَسْوَد لَهَا أَهْدَاب قَوْله : ( فَانْسَلَلْت ) بِلَامَيْنِ الْأُولَى مَفْتُوحَة وَالثَّانِيَة سَاكِنَة , أَيْ ذَهَبْت فِي خُفْيَة. زَادَ الْمُصَنِّف مِنْ رِوَايَة شَيْبَانَ عَنْ يَحْيَى كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا "" فَخَرَجْت مِنْهَا "" أَيْ مِنْ الْخَمِيصَة قَالَ النَّوَوِيّ كَأَنَّهَا خَافَتْ وُصُول شَيْء مِنْ دَمهَا إِلَيْهِ , أَوْ خَافَتْ أَنْ يَطْلُب الِاسْتِمْتَاع بِهَا فَذَهَبَتْ لِتَتَأَهَّبَ لِذَلِكَ , أَوْ تَقَذَّرَتْ نَفْسهَا وَلَمْ تَرْضَهَا لِمُضَاجَعَتِهِ , فَلِذَلِكَ أَذِنَ لَهَا فِي الْعَوْد. قَوْله : ( ثِيَاب حَيْضَتِي ) وَقَعَ فِي رِوَايَتنَا الْحَاء وَكَسْرهَا مَعًا , وَمَعْنَى الْفَتْح أَخَذْت ثِيَابِي الَّتِي أَلْبَسهَا زَمَن الْحَيْض ; لِأَنَّ الْحَيْضَة بِالْفَتْحِ هِيَ الْحَيْض. وَمَعْنَى الْكَسْر أَخَذْت ثِيَابِي الَّتِي أَعْدَدْتهَا لِأَلْبَسهَا حَالَة الْحَيْض , وَجَزَمَ الْخَطَّابِيُّ بِرِوَايَةِ الْكَسْر وَرَجَّحَهَا النَّوَوِيّ , وَرَجَّحَ الْقُرْطُبِيّ رِوَايَة الْفَتْح لِوُرُودِهِ فِي بَعْض طُرُقه بِلَفْظِ حَيْضِي بِغَيْرِ تَاء. قَوْله : ( أَنُفِسْت ) ؟ قَالَ الْخَطَّابِيُّ : أَصْل هَذِهِ الْكَلِمَة مِنْ النَّفْس وَهُوَ الدَّم , إِلَّا أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْن بِنَاء الْفِعْل مِنْ الْحَيْض وَالنِّفَاس , فَقَالُوا فِي الْحَيْض نَفِسَتْ بِفَتْحِ النُّون , وَفِي الْوِلَادَة بِضَمِّهَا. اِنْتَهَى , وَهَذَا قَوْل كَثِير مِنْ أَهْل اللُّغَة , لَكِنْ حَكَى أَبُو حَاتِم عَنْ الْأَصْمَعِيّ قَالَ : يُقَال نُفِسَتْ الْمَرْأَة فِي الْحَيْض وَالْوِلَادَة , بِضَمِّ النُّون فِيهِمَا. وَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَتنَا بِالْوَجْهَيْنِ فَتْح النُّون وَضَمّهَا , وَفِي الْحَدِيث جَوَاز النَّوْم مَعَ الْحَائِض فِي ثِيَابهَا وَالِاضْطِجَاع مَعَهَا فِي لِحَاف وَاحِد , وَاسْتِحْبَاب اِتِّخَاذ الْمَرْأَة ثِيَابًا لِلْحَيْضِ غَيْر ثِيَابهَا الْمُعْتَادَة , وَقَدْ تَرْجَمَ الْمُصَنِّف عَلَى ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي , وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَى مُبَاشَرَتهَا فِي الْبَاب الَّذِي بَعْده.



