المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (284)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (284)]
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو أَيُّوبَ قَالَ أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ قَالَ يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ الْغَسْلُ أَحْوَطُ وَذَاكَ الْآخِرُ وَإِنَّمَا بَيَّنَّا لِاخْتِلَافِهِمْ
قَوْله : ( عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي ) يَعْنِي أَبَاهُ عُرْوَة وَهُوَ وَاضِح وَإِنَّمَا نَبَّهْت عَلَيْهِ لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّهُ نَظِير أُبَيِّ بْن كَعْبٍ لِكَوْنِهِ ذُكِرَ فِي الْإِسْنَادِ. قَوْله : ( مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ ) أَيْ يَغْسِلُ الرَّجُلُ الْعُضْوَ الَّذِي مَسَّ فَرْج الْمَرْأَةِ مِنْ أَعْضَائِهِ وَهُوَ مِنْ إِطْلَاق الْمَلْزُوم وَإِرَادَة اللَّازِم ; لِأَنَّ الْمُرَادَ رُطُوبَة فَرْجِهَا ) قَوْله : ( ثُمَّ يَتَوَضَّأُ ) رِيح فِي تَأْخِير الْوُضُوء عَنْ غَسْل الذَّكَر زَادَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَام فِيهِ "" وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ "". قَوْله : ( وَيُصَلِّي ) هُوَ أَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَرْكِ الْغُسْلِ مِنْ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ. قَوْله : ( قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه ) وَالْمُصَنِّف وَقَائِل ذَلِكَ هُوَ الرَّاوِي عَنْهُ. قَوْله : ( الْغُسْل أَحْوَط ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَثْبُت النَّاسِخُ وَلَا يَظْهَرُ التَّرْجِيحُ فَالِاحْتِيَاطُ لِلدِّينِ الِاغْتِسَالُ. قَوْله : ( الْأَخِير ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ "" الْآخَر "" بِالْمَدِّ بِغَيْرِ يَاء أَيْ آخِرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الشَّارِعِ أَوْ مِنْ اِجْتِهَادِ الْأَئِمَّةِ. وَقَالَ اِبْن التِّينِ : ضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ الْخَاءِ فَعَلَى هَذَا الْإِشَارَة فِي قَوْلِهِ "" وَذَاكَ "" إِلَى حَدِيثِ الْبَابِ قَوْله : ( إِنَّمَا بَيَّنَّا لِاخْتِلَافِهِمْ ) وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةٍ "" إِنَّمَا بَيَّنَّا اِخْتِلَافَهُمْ "" وَلِلْأَصِيلِيّ "" إِنَّمَا بَيَّنَّاهُ لِاخْتِلَافِهِمْ "" وَفِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيّ "" إِنَّمَا بَيَّنَّا الْحَدِيثَ الْآخَرَ لِاخْتِلَافِهِمْ وَالْمَاءُ أَنْقَى "" وَاللَّامُ تَعْلِيلِيَّة أَيْ حَتَّى لَا يُظَنَّ أَنَّ فِي ذَلِكَ إِجْمَاعًا. وَاسْتَشْكَلَ اِبْن الْعَرَبِيِّ كَلَام الْبُخَارِيّ فَقَالَ : إِيجَابُ الْغُسْلِ أَطْبَقَ عَلَيْهِ الصَّحَابَة وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَمَا خَالَفَ فِيهِ إِلَّا دَاوُد وَلَا عِبْرَةَ بِخِلَافِهِ وَإِنَّمَا الْأَمْرُ الصَّعْبُ مُخَالَفَة الْبُخَارِيّ وَحُكْمه بِأَنَّ الْغُسْلَ مُسْتَحَبّ وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّة الدِّينِ وَأَجِلَّة عُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ فِي تَضْعِيف حَدِيثِ الْبَاب بِمَا لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى بَعْضِهِ ثُمَّ قَالَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَاد الْبُخَارِيّ بِقَوْلِهِ "" الْغُسْل أَحْوَط "" أَيْ فِي الدِّينِ وَهُوَ بَابٌ مَشْهُورٌ فِي الْأُصُولِ قَالَ : وَهُوَ أَشْبَهُ بِإِمَامَةِ الرَّجُلِ وَعِلْمِهِ. قُلْت : وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُتَرْجِمْ بِجَوَازِ تَرْك الْغُسْل وَإِنَّمَا تَرْجَمَ بِبَعْضِ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى إِيجَابِ الْوُضُوءِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا نَفْيُ اِبْنِ الْعَرَبِيِّ الْخِلَاف فَمُعْتَرَض فَإِنَّهُ مَشْهُورٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ ثَبَتَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ لَكِنْ اِدَّعَى اِبْنُ الْقَصَّارِ أَنَّ الْخِلَافَ اِرْتَفَعَ بَيْنَ التَّابِعِينَ وَهُوَ مُعْتَرَضٌ أَيْضًا فَقَدْ قَالَ الْخَطَّابِيّ : أَنَّهُ قَالَ بِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ جَمَاعَة فَسَمَّى بَعْضهمْ قَالَ : وَمِنْ التَّابِعِينَ الْأَعْمَش وَتَبِعَهُ عِيَاض لَكِنْ قَالَ : لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَد بَعْدَ الصَّحَابَةِ غَيْره وَهُوَ مُعْتَرَضٌ أَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَعَنْ هِشَام بْن عُرْوَة عِنْدَ عَبْد الرَّزَّاق بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَيْضًا عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ لَا تَطِيبُ نَفْسِي إِذَا لَمْ أُنْزِلَ حَتَّى اِغْتَسَلَ مِنْ أَجْلِ اِخْتِلَافِ النَّاسِ لِأَخْذِنَا بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَقَالَ الشَّافِعِيّ فِي اِخْتِلَافِ الْحَدِيثِ : حَدِيث "" الْمَاء مِنْ الْمَاءِ "" ثَابِتٌ لَكِنَّهُ مَنْسُوخٌ إِلَى أَنْ قَالَ : فَخَالَفَنَا بَعْضُ أَهْلِ نَاحِيَتِنَا - يَعْنِي مِنْ الْحِجَازِيِّينَ - فَقَالُوا : لَا يَجِبُ الْغُسْلُ حَتَّى يُنْزِلَ ا ه. فَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الْخِلَافَ كَانَ مَشْهُورًا بَيْنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى إِيجَابِ الْغُسْلِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَاَللَّه أَعْلَمُ. ( خَاتِمَة : اِشْتَمَلَ كِتَاب الْغُسْل - وَمَا مَعَهُ مِنْ أَحْكَام الْجَنَابَة - مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى ثَلَاثَة وَسِتِّينَ حَدِيثًا الْمُكَرَّر مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى خَمْسَة وَثَلَاثُونَ حَدِيثًا الْمَوْصُول مِنْهَا أَحَد وَعِشْرُونَ وَالْبَقِيَّة تَعْلِيق وَمُتَابَعَة , وَالْخَالِص ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ مِنْهَا وَاحِد مُعَلَّق وَهُوَ حَدِيثُ بَهْزٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جِدِّهِ وَقَدْ وَافَقَهُ مُسْلِم عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَاهُ وَسِوَى حَدِيث جَابِر فِي الِاكْتِفَاءِ فِي الْغُسْلِ بِصَاع وَحَدِيث أَنَس كَانَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ اِمْرَأَةً فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَحَدِيثه فِي الِاغْتِسَالِ مَعَ الْمَرْأَةِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَحَدِيث عَائِشَة فِي صِفَة غُسْل الْمَرْأَة مِنْ الْجَنَابَةِ. وَفِيهِ مِنْ الْآثَارِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَشَرَة الْمُعَلَّق مِنْهَا سَبْعَة وَالْمَوْصُول ثَلَاثَة وَهِيَ حَدِيثُ زَيْد بْن خَالِد عَنْ عَلِيّ وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر الْمَذْكُور فِي الْبَابِ الْأَخِيرِ فَإِنْ كَانَ مَرْفُوعًا عَنْهُمْ فَتَزِيدُ عِدَّة الْخَالِص مِنْ الْمَرْفُوعِ ثَلَاثَة وَهِيَ أَيْضًا مِنْ أَفْرَادِهِ عَنْ مُسْلِم. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.



