المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (25)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (25)]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ حَجٌّ مَبْرُورٌ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يُونُس ) هُوَ أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن يُونُس الْيَرْبُوعِيّ الْكُوفِيّ , نُسِبَ إِلَى جَدّه. قَوْله : ( سُئِلَ ) أَبْهَمَ السَّائِل , وَهُوَ أَبُو ذَرّ الْغِفَارِيّ , وَحَدِيثه فِي الْعِتْق. قَوْله : ( قِيلَ ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : الْجِهَاد ) وَفِي مُسْنَد الْحَارِث أَبِي أُسَامَة عَنْ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد "" ثُمَّ جِهَاد "" فَوَاخَى بَيْن الثَّلَاثَة فِي التَّنْكِير , بِخِلَافِ مَا عِنْد الْمُصَنِّف. وَقَالَ الْكَرْمَانِيّ : الْإِيمَان لَا يَتَكَرَّر كَالْحَجِّ , وَالْجِهَاد قَدْ يَتَكَرَّر , فَالتَّنْوِين لِلْإِفْرَادِ الشَّخْصِيّ , وَالتَّعْرِيف لِلْكَمَالِ. إِذْ الْجِهَاد لَوْ أَتَى بِهِ مَرَّة مَعَ الِاحْتِيَاج إِلَى التَّكْرَار لَمَا كَانَ أَفْضَل. وَتُعُقِّبَ عَلَيْهِ بِأَنَّ التَّنْكِير مِنْ جُمْلَة وُجُوهه التَّعْظِيم , وَهُوَ يُعْطِي الْكَمَال. وَبِأَنَّ التَّعْرِيف مِنْ جُمْلَة وُجُوهه الْعَهْد , وَهُوَ يُعْطِي الْإِفْرَاد الشَّخْصِيّ , فَلَا يُسَلَّم الْفَرْق. قُلْت : وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ رِوَايَة الْحَارِث الَّتِي ذَكَرْتهَا أَنَّ التَّنْكِير وَالتَّعْرِيف فِيهِ مِنْ تَصَرُّف الرُّوَاة ; لِأَنَّ مَخْرَجه وَاحِد , فَالْإِطَالَة فِي طَلَب الْفَرْق فِي مِثْل هَذَا غَيْر طَائِلَة , وَاَللَّه الْمُوَفِّق. قَوْله : ( حَجّ مَبْرُور ) أَيْ مَقْبُول وَمِنْهُ بَرَّ حَجّك , وَقِيلَ الْمَبْرُور الَّذِي لَا يُخَالِطهُ إِثْم , وَقِيلَ الَّذِي لَا رِيَاء فِيهِ. ( فَائِدَة ) قَالَ النَّوَوِيّ : ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيث الْجِهَاد بَعْد الْإِيمَان , وَفِي حَدِيث أَبِي ذَرّ لَمْ يَذْكُر الْحَجّ وَذَكَرَ الْعِتْق , وَفِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود بَدَأَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ الْبِرّ ثُمَّ الْجِهَاد , وَفِي الْحَدِيث الْمُتَقَدِّم ذَكَرَ السَّلَامَة مِنْ الْيَد وَاللِّسَان. قَالَ الْعُلَمَاء : اِخْتِلَاف الْأَجْوِبَة فِي ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَال , وَاحْتِيَاج الْمُخَاطَبِينَ , وَذَكَرَ مَا لَمْ يَعْلَمهُ السَّائِل وَالسَّامِعُونَ وَتَرَكَ مَا عَلِمُوهُ , وَيُمْكِن أَنْ يُقَال : إِنَّ لَفْظَة "" مِنْ "" مُرَادَة كَمَا يُقَال فُلَان أَعْقَل النَّاس وَالْمُرَاد مِنْ أَعْقَلهمْ , وَمِنْهُ حَدِيث "" خَيْركُمْ خَيْركُمْ لِأَهْلِهِ "" وَمِنْ الْمَعْلُوم أَنَّهُ لَا يَصِير بِذَلِكَ خَيْر النَّاس , فَإِنْ قِيلَ لِمَ قَدَّمَ الْجِهَاد وَلَيْسَ بِرُكْنٍ عَلَى الْحَجّ وَهُوَ رُكْن ؟ فَالْجَوَاب : أَنَّ نَفْع الْحَجّ قَاصِر غَالِبًا , وَنَفْع الْجِهَاد مُتَعَدٍّ غَالِبًا , أَوْ كَانَ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْجِهَاد فَرْض عَيْن - وَوُقُوعه فَرْض عَيْن إِذْ ذَاكَ مُتَكَرِّر - فَكَانَ أَهَمَّ مِنْهُ فَقُدِّمَ , وَاَللَّه أَعْلَم.