موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (240)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (240)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ‏ ‏قَالَ أَخْبَرَنَا ‏ ‏مَالِكٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَنَّ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏كَانَ ‏ ‏إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ ‏ ‏فَيُخَلِّلُ ‏ ‏بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ ثُمَّ ‏ ‏يُفِيضُ ‏ ‏الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ ‏


‏ ‏قَوْله : ( كَانَ إِذَا اِغْتَسَلَ ) ‏ ‏أَيْ شَرَعَ فِي الْفِعْلِ و "" مِنْ "" فِي قَوْلِهِ "" مِنْ الْجَنَابَةِ "" سَبَبِيَّة. ‏ ‏قَوْله : ( بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ) ‏ ‏يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غَسْلهمَا لِلتَّنْظِيفِ مِمَّا بِهِمَا مِنْ مُسْتَقْذَرٍ وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث مَيْمُونَة تَقْوِيَة ذَلِكَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْغَسْل الْمَشْرُوع عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ النَّوْمِ , وَيَدُلُّ عَلَيْهِ زِيَادَة اِبْن عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ هِشَام "" قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الْإِنَاءِ "" رَوَاهُ الشَّافِعِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَزَادَ أَيْضًا "" ثُمَّ يَغْسِلُ فَرْجَهُ "" وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَة وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ حَمَّاد بْن زَيْد كِلَاهُمَا عَنْ هِشَام وَهِيَ زِيَادَةٌ جَلِيلَةٌ ; لِأَنَّ بِتَقْدِيم غَسْله يَحْصُلُ الْأَمْنُ مِنْ مَسِّهِ فِي أَثْنَاءِ الْغُسْلِ. ‏ ‏قَوْله : ( كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاة ) ‏ ‏فِيهِ اِحْتِرَاز عَنْ الْوُضُوءِ اللُّغَوِيِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الِابْتِدَاء بِالْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ سُنَّة مُسْتَقِلَّة بِحَيْثُ يَجِبُ غَسْل أَعْضَاء الْوُضُوء مَعَ بَقِيَّةِ الْجَسَدِ فِي الْغُسْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِغَسْلِهَا فِي الْوُضُوءِ عَنْ إِعَادَتِهِ , وَعَلَى هَذَا فَيَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ فِي أَوَّلِ عُضْوٍ وَإِنَّمَا قَدَّمَ غَسْل أَعْضَاء الْوُضُوء تَشْرِيفًا لَهَا وَلِتَحْصُل لَهُ صُورَة الطَّهَارَتَيْنِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى وَإِلَى هَذَا جَنَحَ الدَّاوُدِيّ شَارِح الْمُخْتَصَر مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فَقَالَ : يُقَدِّمُ غَسْل أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ عَلَى تَرْتِيب الْوُضُوء لَكِنْ بِنِيَّة غُسْل الْجَنَابَةِ. وَنَقَلَ اِبْن بَطَّالٍ الْإِجْمَاع عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجِبُ مَعَ الْغُسْلِ وَهُوَ مَرْدُود فَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَة مِنْهُمْ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَغَيْرُهُمَا إِلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَنُوبُ عَنْ الْوُضُوءِ لِلْمُحْدِثِ. ‏ ‏قَوْله : ( فَيُخَلِّلُ بِهَا ) ‏ ‏أَيْ بِأَصَابِعِهِ الَّتِي أَدْخَلَهَا فِي الْمَاءِ. وَلِمُسْلِم "" ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاء فَيُدْخِلُ أَصَابِعه فِي أُصُولِ الشَّعْرِ "" وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُيَيْنَةَ "" ثُمَّ يُشَرِّبُ شَعْرَهُ الْمَاءَ "". ‏ ‏قَوْله : ( أُصُول الشَّعْرِ ) ‏ ‏وَلِلْكُشْمِيهَنِيّ "" أُصُول شَعْرِهِ "" أَيْ شَعْرِ رَأْسِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَة حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ هِشَام عِنْد الْبَيْهَقِيّ "" يُخَلِّلُ بِهَا شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْمَن فَيُتْبِعُ بِهَا أُصُول الشَّعْرِ ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ "" وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض : اِحْتَجَّ بِهِ بَعْضهمْ عَلَى تَخْلِيلِ شَعْرِ الْجَسَدِ فِي الْغُسْلِ إِمَّا لِعُمُومِ قَوْلِهِ "" أُصُول الشَّعْرِ "" وَإِمَّا بِالْقِيَاسِ عَلَى شَعْرِ الرَّأْسِ. وَفَائِدَة التَّخْلِيل إِيصَال الْمَاءِ إِلَى الشَّعْرِ وَالْبَشَرَةِ وَمُبَاشَرَة الشَّعْر بِالْيَدِ لِيَحْصُل تَعْمِيمُهُ بِالْمَاءِ وَتَأْنِيس الْبَشَرَة لِئَلَّا يُصِيبَهَا بِالصَّبِّ مَا تَتَأَذَّى بِهِ. ثُمَّ هَذَا التَّخْلِيل غَيْر وَاجِب اِتِّفَاقًا إِلَّا إِنْ كَانَ الشَّعْرُ مُلَبَّدًا بِشَيْءٍ يَحُولُ بَيْنَ الْمَاءِ وَبَيْنَ الْوُصُولِ إِلَى أُصُولِهِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ‏ ‏) ‏ ‏قَوْله : ( ثُمَّ يُدْخِلُ ) ‏ ‏إِنَّمَا ذَكَرَهُ بِلَفْظ الْمُضَارِع وَمَا قَبْلَهُ مَذْكُور بِلَفْظ الْمَاضِي - وَهُوَ الْأَصْلُ - لِإِرَادَةِ اِسْتِحْضَارِ صُورَةِ الْحَالِ لِلسَّامِعِينَ. ‏ ‏قَوْله : ( ثَلَاث غُرَفِ ) ‏ ‏بِضَمِّ الْمُعْجَمَة وَفَتْحِ الرَّاءِ جَمْع غُرْفَةٍ وَهِيَ قَدْرُ مَا يُغْرَفُ مِنْ الْمَاءِ بِالْكَفِّ ولِلْكُشْمِيهَنِيّ "" ثَلَاث غُرُفَات "" وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي جَمْعِ الْقِلَّةِ. وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب التَّثْلِيث فِي الْغُسْلِ قَالَ النَّوَوِيّ : وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا إِلَّا مَا تَفَرَّدَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ : لَا يُسْتَحَبُّ التَّكْرَار فِي الْغُسْلِ. قُلْت : وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيّ السِّنْجِيّ فِي شَرْح الْفُرُوع وَكَذَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَحَمَلَ التَّثْلِيث فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى رِوَايَة الْقَاسِم عَنْ عَائِشَة الْآتِيَةِ قَرِيبًا فَإِنَّ مُقْتَضَاهَا أَنَّ كُلَّ غُرْفَةٍ كَانَتْ فِي جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الرَّأْسِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيث مَيْمُونَة زِيَادَة فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. ‏ ‏قَوْله : ( ثُمَّ يُفِيضُ ) ‏ ‏أَيْ يُسِيلُ وَالْإِفَاضَة الْإِسَالَة. وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الدَّلْك وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَالَ الْمَازِرِيّ : لَا حُجَّةَ فِيهِ ; لِأَنَّ أَفَاضَ بِمَعْنَى غَسَلَ , وَالْخِلَافُ فِي الْغَسْلِ قَائِم. قُلْت : وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَاَللَّه أَعْلَمُ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض : لَمْ يَأْتِ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ فِي وُضُوء الْغُسْل ذِكْرُ التَّكْرَار. قُلْت : بَلْ وَرَدَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحَةٍ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا وَصَفَتْ غُسْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْجَنَابَةِ. الْحَدِيثَ , وَفِيهِ "" ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ ثَلَاثًا وَيَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا وَيَغْسِلُ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا "". ‏ ‏) ‏ ‏قَوْله : ( عَلَى جِلْدِهِ كُلّه ) ‏ ‏هَذَا التَّأْكِيد يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَمَّمَ جَمِيع جَسَدِهِ بِالْغُسْلِ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ يُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ أَنَّ الْوُضُوءَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّة قَبْلَ الْغُسْلِ وَعَلَى هَذَا فَيَنْوِي الْمُغْتَسِلُ الْوُضُوء إِنْ كَانَ مُحْدِثًا وَإِلَّا فَسُنَّة الْغُسْل. وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى اِسْتِحْبَاب إِكْمَال الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ وَلَا يُؤَخِّرُ غَسْل الرِّجْلَيْنِ إِلَى فَرَاغِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهَا "" كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ "" وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ فِي حَدِيثِ عَائِشَة مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَكِنْ رَوَاهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَة عَنْ هِشَام فَقَالَ فِي آخِرِهِ "" ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِر جَسَده ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ "" وَهَذِهِ الزِّيَادَة تَفَرَّدَ بِهَا أَبُو مُعَاوِيَة دُونَ أَصْحَابِ هِشَامٍ قَالَ الْبَيْهَقِيّ هِيَ غَرِيبَةٌ صَحِيحَةٌ. قُلْت : لَكِنْ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَة عَنْ هِشَام مَقَالٌ نَعَمْ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَة أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فَذَكَرَ حَدِيث الْغُسْل كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَزَادَ فِي آخِرِهِ "" فَإِذَا فَرَغَ غَسَلَ رِجْلَيْهِ "" فَأَمَّا أَنْ تُحْمَلَ الرِّوَايَات عَنْ عَائِشَة عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهَا "" وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ "" أَيْ أَكْثَرُهُ وَهُوَ مَا سِوَى الرِّجْلَيْنِ أَوْ يُحْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيُسْتَدَلّ بِرِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَة عَلَى جَوَازِ تَفْرِيق الْوُضُوء وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْله فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَة "" ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ "" أَيْ أَعَادَ غَسْلهمَا لِاسْتِيعَاب الْغَسْل بَعْدَ أَنْ كَانَ غَسَلَهُمَا فِي الْوُضُوءِ فَيُوَافِقُ قَوْله فِي حَدِيثِ الْبَابِ "" ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى جِلْدِهِ كُلّه "". ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!