المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (233)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (233)]
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ قَالَ ح و حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض أَيُّكُمْ يَجِيءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَجَاءَ بِهِ فَنَظَرَ حَتَّى سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَأَنَا أَنْظُرُ لَا أُغْنِي شَيْئًا لَوْ كَانَ لِي مَنَعَةٌ قَالَ فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ إِذْ دَعَا عَلَيْهِمْ قَالَ وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الدَّعْوَةَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ مُسْتَجَابَةٌ ثُمَّ سَمَّى اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَمْ يَحْفَظْ قَالَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ عَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرْعَى فِي الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا عَبْدَان ) أَعَادَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرَ الْجِزْيَةِ عَنْهُ فَقَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدَان هُوَ عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان وَعَرَفْنَا مِنْ سِيَاقِهِ هُنَاكَ أَنَّ اللَّفْظَ هُنَا لِرِوَايَةِ أَحْمَد بْن عُثْمَان وَإِنَّمَا قَرَنَهَا بِرِوَايَة عَبْدَان تَقْوِيَة لَهَا ; لِأَنَّ فِي إِبْرَاهِيمَ بْن يُوسُف مَقَالًا , وَأَحْمَدُ الْمَذْكُورُ هُوَ اِبْن عُثْمَان بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيّ الْكُوفِيّ وَهُوَ مِنْ صِغَار شُيُوخ الْبُخَارِيّ وَلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَاد آخَر أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ عَنْهُ عَنْ خَالِد بْن مَخْلَد عَنْ عَلِيّ بْن صَالِح عَنْ أَبِي إِسْحَاق وَرِجَالُ إِسْنَاده جَمِيعًا كُوفِيُّونَ وَأَبُو إِسْحَاق هُوَ السَّبِيعِيّ , وَيُوسُف الرَّاوِي عَنْهُ هُوَ اِبْنُ اِبْنِهِ إِسْحَاق وَأَفَادَتْ رِوَايَتُهُ التَّصْرِيح بِالتَّحْدِيثِ لِأَبِي إِسْحَاق عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون وَلِعَمْرو عَنْ عَبْد اللَّه وَعَيَّنَتْ أَيْضًا عَبْد اللَّه بِأَنَّهُ اِبْن مَسْعُود وَعَمْرو بْن مَيْمُون هُوَ الْأَوْدِيّ تَابِعِيّ كَبِير مُخَضْرَم أَسْلَمَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَهُ ثُمَّ نَزَلَ الْكُوفَةَ وَهُوَ غَيْرُ عَمْرو بْن مَيْمُون الْجَزَرِيّ الَّذِي تَقَدَّمَ قَرِيبًا. وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِإِسْنَادِ أَبِي إِسْحَاق هَذَا وَقَدْ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيق الثَّوْرِيّ وَالْبُخَارِيّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ وَزُهَيْر وَمُسْلِم مِنْ رِوَايَةِ زَكَرِيَّا بْن أَبِي زَائِدَة وَكُلُّهُمْ عَنْ أَبِي إِسْحَاق. وَسَنَذْكُرُ مَا فِي اِخْتِلَافِ رِوَايَاتِهِمْ مِنْ الْفَوَائِدِ مُبَيَّنًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْله : ( بَيْنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِد ) بَقِيَّته مِنْ رِوَايَة عَبْدَان الْمَذْكُور "" وَحَوْلَهُ نَاس مِنْ قُرَيْش مِنْ الْمُشْرِكِينَ "" ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا. قَوْله : ( أَنَّ عَبْد اللَّه ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيّ عَنْ عَبْد اللَّه. قَوْله : ( وَأَبُو جَهْل وَأَصْحَابٌ لَهُ ) هُمْ السَّبْعَةُ الْمَدْعُوُّ عَلَيْهِمْ بَعْدُ بَيَّنَهُ الْبَزَّار مِنْ طَرِيق الْأَجْلَح عَنْ أَبِي إِسْحَاق. قَوْله : ( إِذْ قَالَ بَعْضهمْ ) هُوَ أَبُو جَهْل سَمَّاهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَةِ زَكَرِيَّا الْمَذْكُورَةِ وَزَادَ فِيهِ "" وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالْأَمْسِ "" وَالْجَزُور مِنْ الْإِبِلِ مَا يُجْزَرُ أَيْ يُقْطَعُ وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالسَّلَى مَقْصُور بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ هِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْوَلَدُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ مِنْ الْبَهَائِمِ وَأَمَّا مِنْ الْآدَمِيَّاتِ فَالْمَشِيمَة وَحَكَى صَاحِبُ الْمُحْكَمِ أَنَّهُ يُقَالُ فِيهِنَّ أَيْضًا سَلًى. ) قَوْله : ( فَيَضَعُهُ ) زَاد فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ "" فَيَعْمِدُ إِلَى فَرْثِهَا وَدَمِهَا وَسَلَاهَا ثُمَّ يُمْهِلُهُ حَتَّى يَسْجُدَ "". قَوْله : ( فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْم ) لِلْكُشْمِيهَنِيّ وَاَلسَّرْخَسِيّ "" أَشْقَى قَوْم "" بِالتَّنْكِيرِ فَفِيهِ مُبَالَغَة لَكِنَّ الْمَقَامَ يَقْتَضِي الْأَوَّل ; لِأَنَّ الشَّقَاءَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى أُولَئِكَ الْأَقْوَامِ فَقَطْ كَمَا سَنُقَرِّرُهُ بَعْدُ , وَهُوَ عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْطٍ بِمُهْمَلَتَيْنِ مُصَغَّرًا سَمَّاهُ شُعْبَة وَفِي سِيَاقِهِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ اِخْتِصَار يُوهِمُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ اِبْتِدَاء. وَقَدْ سَاقَهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ شُعْبَةَ نَحْوَ رِوَايَةِ يُوسُفَ هَذِهِ وَقَالَ فِيهِ : فَجَاءَ عُقْبَةَ بْن أَبِي مُعَيْطٍ فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِهِ. قَوْله : ( لَا أُغْنِي ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ ولِلْكُشْمِيهَنِيّ وَالْمُسْتَمْلِي "" لَا أُغَيِّرُ "" وَمَعْنَاهُمَا صَحِيح أَيْ لَا أُغْنِي فِي كَفِّ شَرِّهِمْ أَوْ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ فِعْلِهِمْ. قَوْله : ( لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَة ) قَالَهُ النَّوَوِيّ : الْمَنَعَةُ بِفَتْحِ النُّونِ الْقُوَّة قَالَ وَحَكَى الْإِسْكَان وَهُوَ ضَعِيف. وَجَزَمَ الْقُرْطُبِيّ بِسُكُونِ النُّونِ قَالَ : وَيَجُوزُ الْفَتْحُ عَلَى أَنَّهُ جَمْعٌ مَانِعٌ كَكَاتِب وَكَتَبَة وَقَدْ رَجَّحَ الْقَزَّاز وَالْهَرَوِيُّ الْإِسْكَان فِي الْمُفْرَدِ , وَعَكَسَ ذَلِكَ صَاحِب إِصْلَاحِ الْمَنْطِقِ وَهُوَ مُعْتَمَد النَّوَوِيّ قَالَ : وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِمَكَّةَ عَشِيرَة ; لِكَوْنِهِ هُذَلِيًّا حَلِيفًا وَكَانَ حُلَفَاؤُهُ إِذْ ذَاكَ كُفَّارًا , وَفِي الْكَلَامِ حَذْف تَقْدِيرُهُ : لَطَرَحْتُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَرَّحَ بِهِ مُسْلِم فِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا وَلِلْبَزَّارِ "" فَأَنَا أَرْهَبُ - أَيْ أَخَافُ - مِنْهُمْ "". قَوْله : ( وَيُحِيلُ بَعْضهمْ ) كَذَا هُنَا بِالْمُهْمَلَةِ مِنْ الْإِحَالَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّ بَعْضهمْ يَنْسُبُ فِعْل ذَلِكَ إِلَى بَعْضٍ بِالْإِشَارَةِ تَهَكُّمًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَالَ يَحِيلُ بِالْفَتْحِ إِذَا وَثَبَ عَلَى ظَهْرِ دَابَّتِهِ أَيْ يَثِبُ بَعْضهمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْ الْمَرَحِ وَالْبَطَرِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ زَكَرِيَّا "" وَيَمِيلُ "" بِالْمِيم أَيْ مِنْ كَثْرَةِ الضَّحِكِ وَكَذَا لِلْمُصَنِّفِ مِنْ رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ. قَوْله : ( فَاطِمَة ) هِيَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ إِسْرَائِيل "" وَهِيَ جُوَيْرِيَةُ فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى وَثَبَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا "". قَوْله : ( فَطَرَحَتْهُ ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيّ بِحَذْف الْمَفْعُول زَادَ إِسْرَائِيل "" وَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَشْتُمُهُمْ "" زَادَ الْبَزَّار "" فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهَا شَيْئًا "". قَوْله : ( فَرَفَعَ رَأْسه ) زَاد الْبَزَّار مِنْ رِوَايَةِ زَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَة عَنْ أَبِي إِسْحَاق "" فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ اللَّهُمَّ "" قَالَ الْبَزَّار : تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ "" أَمَّا بَعْدُ "" زَيْد. قَوْله : ( ثُمَّ قَالَ ) يُشْعِرُ بِمُهْلَةٍ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالدُّعَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِي رِوَايَة الْأَجْلَح عِنْدَ الْبَزَّارِ "" فَرَفَعَ رَأْسَهُ كَمَا كَانَ يَرْفَعُهُ عِنْد تَمَام سُجُوده فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ : "" اللَّهُمَّ "" وَلِمُسْلِم وَالنَّسَائِيّ نَحْوُهُ , وَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّ الدُّعَاءَ الْمَذْكُورَ وَقَعَ خَارِجَ الصَّلَاةِ لَكِنْ وَقَعَ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةِ كَمَا ثَبَتَ مِنْ رِوَايَةِ زُهَيْر عَنْ أَبِي إِسْحَاق عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ. قَوْله : ( عَلَيْك بِقُرَيْش ) أَيْ بِإِهْلَاك قُرَيْش وَالْمُرَاد الْكُفَّار مِنْهُمْ أَوْ مَنْ سَمَّى مِنْهُمْ فَهُوَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوص. قَوْله : ( ثَلَاث مَرَّات ) كَرَّرَهُ إِسْرَائِيل فِي رِوَايَتِهِ لَفْظًا لَا عَدَدًا وَزَادَ مُسْلِم فِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا "" وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا "". قَوْله : ( فَشَقَّ عَلَيْهِمْ ) وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ زَكَرِيَّا "" فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْته ذَهَبَ عَنْهُمْ الضَّحِك وَخَافُوا دَعْوَته "". قَوْله : ( وَكَانُوا يَرَوْنَ ) بِفَتْح أَوَّله فِي رِوَايَتِنَا مِنْ الرَّأْيِ أَيْ يَعْتَقِدُونَ وَفِي غَيْرِهَا بِالضَّمِّ أَيْ يَظُنُّونَ وَالْمُرَاد بِالْبَلَدِ مَكَّة. وَوَقَعَ فِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ الْبُخَارِيّ "" فِي الثَّالِثَةِ "" بَدَلَ قَوْله فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَيُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ "" ثَلَاث مَرَّات "" وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا بَقِيَ عِنْدَهُمْ مِنْ شَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَوْله : ( ثُمَّ سَمَّى ) أَيْ فَصَّلَ مَنْ أَجْمَلَ. قَوْله : ( بِأَبِي جَهْلٍ ) فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ بِعَمْرو بْن هِشَام وَهُوَ اِسْمُ أَبِي جَهْل فَلَعَلَّهُ سَمَّاهُ وَكَنَّاهُ مَعًا. ) قَوْله : ( وَالْوَلِيد بْن عُتْبَةَ ) هُوَ وَلَدُ الْمَذْكُورِ بَعْد أَبِي جَهْلٍ وَلَمْ تَخْتَلِفْ الرِّوَايَات فِي أَنَّهُ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ بَعْدَهَا مُثَنَّاة سَاكِنَة ثُمَّ مُوَحَّدَة لَكِنْ عِنْد مُسْلِم مِنْ رِوَايَةِ زَكَرِيَّا بِالْقَاف بَدَل الْمُثَنَّاة وَهُوَ وَهْمٌ قَدِيمٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ اِبْن سُفْيَان الرَّاوِي عَنْ مُسْلِم وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيقِ شَيْخِ مُسْلِم عَلَى الصَّوَابِ. قَوْله : ( وَأُمَيَّة بْن خَلَف ) فِي رِوَايَةِ شُعْبَة "" أَوْ أُبَيُّ بْن خَلَف "" شَكّ شُعْبَة وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الِاخْتِلَافَ فِيهِ عَقِيبَ رِوَايَة الثَّوْرِيّ فِي الْجِهَادِ وَقَالَ : الصَّحِيحُ أُمَيَّة لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَهُ هُنَاكَ "" أُبَيُّ بْن خَلَف "" وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ أَوْ مِنْ شَيْخه أَبِي بَكْر عَبْد اللَّه بْن أَبِي شَيْبَة إِذْ حَدَّثَهُ فَقَدْ رَوَاهُ شَيْخُهُ أَبُو بَكْر فِي مُسْنَدِهِ فَقَالَ "" أُمَيَّة "" وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِم عَنْ أَبِي بَكْر وَالْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْر كَذَلِكَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَطْبَقَ أَصْحَاب الْمَغَازِي عَلَى أَنَّ الْمَقْتُولَ بِبَدْر أُمَيَّة وَعَلَى أَنَّ أَخَاهُ أُبَيًّا قُتِلَ بِأُحُدٍ وَسَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي قَتْل أُمَيَّةَ بِبَدْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْله : ( وَعَدَّ السَّابِع فَلَمْ نَحْفَظْهُ ) وَقَعَ فِي رِوَايَتِنَا بِالنُّونِ وَهِيَ لِلْجَمْعِ وَفِي غَيْرِهَا بِالْيَاء التَّحْتَانِيَّةِ قَالَ الْكَرْمَانِيّ : فَاعِل عَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ اِبْن مَسْعُود وَفَاعِل "" فَلَمْ نَحْفَظْهُ "" اِبْن مَسْعُود أَوْ عَمْرو بْن مَيْمُون قُلْت : وَلَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ تَهَيَّأَ لَهُ الْجَزْمُ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ فِي رِوَايَة الثَّوْرِيّ عِنْد مُسْلِم مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَاعِل "" فَلَمْ نَحْفَظْهُ "" أَبُو إِسْحَاق وَلَفْظه "" قَالَ أَبُو إِسْحَاق وَنَسِيتُ السَّابِع "" وَعَلَى هَذَا فَفَاعِل عَدَّ عَمْرو بْن مَيْمُون عَلَى أَنَّ أَبَا إِسْحَاق قَدْ تَذَكَّرَهُ مَرَّة أُخْرَى فَسَمَّاهُ عُمَارَة بْن الْوَلِيد كَذَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ عَنْ اِبْن إِسْحَاق وَسَمَاع إِسْرَائِيلَ مِنْ أَبِي إِسْحَاق فِي غَايَةِ الْإِتْقَانِ لِلُزُومِهِ إِيَّاهُ ; لِأَنَّهُ جَدُّهُ وَكَانَ خِصِّيصًا بِهِ قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ : مَا فَاتَنِي الَّذِي فَاتَنِي مِنْ حَدِيث الثَّوْرِيّ عَنْ أَبِي إِسْحَاق إِلَّا اِتِّكَالًا عَلَى إِسْرَائِيلَ ; لِأَنَّهُ كَانَ يَأْتِي بِهِ أَتَمَّ. وَعَنْ إِسْرَائِيلَ قَالَ : كُنْت أَحْفَظُ حَدِيثَ أَبِي إِسْحَاق كَمَا أَحْفَظُ سُورَة الْحَمْد وَاسْتَشْكَلَ بَعْضهمْ عَدَّ عُمَارَة بْن الْوَلِيد فِي الْمَذْكُورِينَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ بِبَدْرٍ بَلْ ذَكَرَ أَصْحَابُ الْمَغَازِي أَنَّهُ مَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَلَهُ قِصَّةٌ مِنْ النَّجَاشِيِّ إِذْ تَعَرَّضَ لِامْرَأَتِهِ فَأَمَرَ النَّجَاشِيّ سَاحِرًا فَنَفَخَ فِي إِحْلِيل عُمَارَة مِنْ سِحْرِهِ عُقُوبَة لَهُ فَتَوَحَّشَ وَصَارَ مَعَ الْبَهَائِمِ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَقِصَّتُهُ مَشْهُورَة. وَالْجَوَابُ أَنَّ كَلَامَ اِبْن مَسْعُود فِي أَنَّهُ رَآهُمْ صَرْعَى فِي الْقَلِيبِ مَحْمُول عَلَى الْأَكْثَرِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ عُقْبَةَ بْن أَبِي مُعَيْط لَمْ يُطْرَحْ فِي الْقَلِيبِ وَإِنَّمَا قُتِلَ صَبْرًا بَعْدَ أَنْ رَحَلُوا عَنْ بَدْر مَرْحَلَة وَأُمَيَّة بْن خَلَف لَمْ يُطْرَحْ فِي الْقَلِيبِ كَمَا هُوَ بَلْ مُقَطَّعًا كَمَا سَيَأْتِي , وَسَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي كَيْفِيَّة مَقْتَلِ الْمَذْكُورِينَ بِبَدْر وَزِيَادَة بَيَان فِي أَحْوَالِهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْله : ( قَالَ ) أَيْ اِبْن مَسْعُود وَالْمُرَاد بِالْيَدِ هُنَا الْقُدْرَة وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِم "" وَاَلَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ "" وَلِلنَّسَائِيِّ "" وَاَلَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَاب "" وَكَأَنَّ عَبْد اللَّه قَالَ ذَلِكَ تَأْكِيدًا. قَوْله : ( صَرْعَى فِي الْقَلِيبِ ) فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ "" لَقَدْ رَأَيْتهمْ صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ قَلِيب بَدْرٍ "" ثُمَّ قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "" وَأُتْبِعَ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ لَعْنَة "" وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَمَامِ الدُّعَاءِ الْمَاضِي فَيَكُونُ فِيهِ عَلَمٌ عَظِيم مِنْ أَعْلَام النُّبُوَّة وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ أُلْقُوا فِي الْقَلِيبِ وَزَاد شُعْبَةُ فِي رِوَايَتِهِ "" إِلَّا أُمَيَّة فَإِنَّهُ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ "" زَادَ "" لِأَنَّهُ كَانَ بَادِنًا "" قَالَ الْعُلَمَاء : وَإِنَّمَا أَمَرَ بِإِلْقَائِهِمْ فِيهِ لِئَلَّا يَتَأَذَّى النَّاس بِرِيحِهِمْ وَإِلَّا فَالْحَرْبِيّ لَا يَجِبُ دَفْنه , وَالظَّاهِر أَنَّ الْبِئْرَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَاءٌ مَعِينٌ. قَوْله : ( قَلِيب بَدْر ) بِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ , وَالْقَلِيبُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَآخِره مُوَحَّدَة هُوَ الْبِئْر الَّتِي لَمْ تُطْوَ وَقِيلَ الْعَادِيَّة الْقَدِيمَة الَّتِي لَا يُعْرَفُ صَاحِبهَا. ( فَائِدَة : رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ اِبْن إِسْحَاق فِي الْمَغَازِي قَالَ : حَدَّثَنِي الْأَجْلَح عَنْ أَبِي إِسْحَاق فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيث وَزَادَ فِي آخِرِهِ قِصَّةَ أَبِي الْبُخْتُرِيِّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُؤَالِهِ إِيَّاهُ عَنْ الْقِصَّةِ وَضَرْبِ أَبِي الْبُخْتُرِيِّ أَبَا جَهْلٍ وَشَجِّهِ إِيَّاهُ وَالْقِصَّة مَشْهُورَة فِي السِّيرَةِ وَأَخْرَجَهَا الْبَزَّار مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاق وَأَشَارَ إِلَى تَفَرُّد الْأَجْلَح بِهَا عَنْ أَبِي إِسْحَاق وَفِي الْحَدِيثِ تَعْظِيم الدُّعَاء بِمَكَّةَ عِنْدَ الْكُفَّارِ وَمَا اِزْدَادَتْ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا تَعْظِيمًا. وَفِيهِ مَعْرِفَة الْكُفَّار بِصِدْقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; لِخَوْفِهِمْ مِنْ دُعَائِهِ , وَلَكِنْ حَمَلَهُمْ الْحَسَد عَلَى تَرْك الِانْقِيَاد لَهُ وَفِيهِ حِلْمُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنْ آذَاهُ فَفِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيّ عَنْ شُعْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ اِبْن مَسْعُود قَالَ : لَمْ أَرَهُ دَعَا عَلَيْهِمْ إِلَّا يَوْمَئِذٍ. وَإِنَّمَا اِسْتَحَقُّوا الدُّعَاءَ حِينَئِذٍ ; لِمَا أَقْدَمُوا عَلَيْهِ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالَ عِبَادَة رَبِّهِ. وَفِيهِ اِسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ ثَلَاثًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ اِسْتِحْبَاب السَّلَامِ ثَلَاثًا وَغَيْر ذَلِكَ. وَفِيهِ جَوَازُ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ لَكِنْ قَالَ بَعْضهمْ : مَحَلُّهُ مَا إِذَا كَانَ كَافِرًا فَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَيُسْتَحَبُّ الِاسْتِغْفَارُ لَهُ وَالدُّعَاءُ بِالتَّوْبَةِ وَلَوْ قِيلَ : لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الدُّعَاءِ عَلَى الْكَافِرِ لَمَا كَانَ بَعِيدًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ اِطَّلَعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ الْمَذْكُورِينَ لَا يُؤْمِنُونَ وَالْأَوْلَى أَنْ يُدْعَى لِكُلّ حَيّ بِالْهِدَايَةِ. وَفِيهِ قُوَّةُ نَفْسِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ مِنْ صِغَرِهَا لِشَرَفِهَا فِي قَوْمِهَا وَنَفْسِهَا ; لِكَوْنِهَا صَرَخَتْ بِشَتْمِهِمْ وَهُمْ رُءُوس قُرَيْش فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهَا. وَفِيهِ أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ آكَدُ مِنْ السَّبَبِ وَالْإِعَانَةِ لِقَوْلِهِ فِي عُقْبَةَ "" أَشْقَى الْقَوْم "" مَعَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ وَهُوَ أَشَدُّ مِنْهُ كُفْرًا وَأَذًى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّ الشَّقَاءَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَذِهِ الْقِصَّةِ ; لِأَنَّهُمْ اِشْتَرَكُوا فِي الْأَمْرِ وَالرِّضَا وَانْفَرَدَ عُقْبَة بِالْمُبَاشَرَةِ فَكَانَ أَشْقَاهُمْ وَلِهَذَا قُتِلُوا فِي الْحَرْبِ وَقُتِلَ هُوَ صَبْرًا. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ حَدَثَ لَهُ فِي صِلَاتِهِ مَا يَمْنَعُ اِنْعِقَادهَا اِبْتِدَاء لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَوْ تَمَادَى وَعَلَى هَذَا يَنْزِلُ كَلَام الْمُصَنِّفِ فَلَوْ كَانَتْ نَجَاسَة فَأَزَالهَا فِي الْحَالِ وَلَا أَثَرَ لَهَا صَحَّتْ اِتِّفَاقًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى طَهَارَة فَرْثِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَعَلَى أَنَّ إِزَالَةَ النَّجَاسَةِ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ , وَحَمْلُهُ عَلَى مَا سَبَقَ أَوْلَى. وَتُعُقِّبَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْفَرْثَ لَمْ يُفْرَدْ بَلْ كَانَ مَعَ الدَّمِ كَمَا فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ وَالدَّمُ نَجِس اِتِّفَاقًا. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْفَرْثَ وَالدَّمَ كَانَا دَاخِلَ السَّلَى وَجِلْدَة السَّلَى الظَّاهِرَة طَاهِرَة فَكَانَ كَحَمْلِ الْقَارُورَةِ الْمُرَصَّصَةِ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهَا ذَبِيحَة وَثَنِيٍّ فَجَمِيع أَجْزَائِهَا نَجِسَة ; لِأَنَّهَا مَيْتَة وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ التَّعَبُّدِ بِتَحْرِيم ذَبَائِحهمْ , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى تَارِيخٍ وَلَا يَكْفِي فِيهِ الِاحْتِمَال. وَقَالَ النَّوَوِيّ : الْجَوَابُ الْمَرْضِيُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْلَمْ مَا وُضِعَ عَلَى ظَهْرِهِ فَاسْتَمَرَّ فِي سُجُودِهِ اِسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ الطَّهَارَةِ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِنَا بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ. وَأَجَابَ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ إِنَّمَا تَجِبُ فِي الْفَرِيضَةِ , فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهَا فَرِيضَةٌ فَالْوَقْت مُوَسَّع فَلَعَلَّهُ أَعَادَ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ أَعَادَ لَنُقِلَ وَلَمْ يُنْقَلْ وَبِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُقِرُّهُ عَلَى التَّمَادِي فِي صَلَاةٍ فَاسِدَةٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ خَلَعَ نَعْلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ ; لِأَنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَهُ أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا , وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ بِمَا أُلْقِيَ عَلَى ظَهْرِهِ أَنَّ فَاطِمَة ذَهَبَتْ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ وَعَقَّبَ هُوَ صَلَاته بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.



