موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (219)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (219)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏شُعْبَةُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَنْصُورٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي وَائِلٍ ‏ ‏قَالَ كَانَ ‏ ‏أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ ‏ ‏يُشَدِّدُ ‏ ‏فِي الْبَوْلِ وَيَقُولُ إِنَّ ‏ ‏بَنِي إِسْرَائِيلَ ‏ ‏كَانَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ ‏ ‏قَرَضَهُ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏حُذَيْفَةُ ‏ ‏لَيْتَهُ أَمْسَكَ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏سُبَاطَةَ ‏ ‏قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا ‏


‏ ‏( كَانَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ يُشَدِّدُ فِي الْبَوْلِ ) ‏ ‏بَيَّنَ اِبْن الْمُنْذِر وَجْه هَذَا التَّشْدِيد فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ "" أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مُوسَى وَرَأَى رَجُلًا يَبُولُ قَائِمًا فَقَالَ : وَيْحك أَفَلَا قَاعِدًا "" ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَبِهَذَا يَظْهَرُ مُطَابَقَة حَدِيث حُذَيْفَة فِي تَعَقُّبِهِ عَلَى أَبِي مُوسَى. ‏ ‏قَوْله : ( ثَوْب أَحَدِهِمْ ) ‏ ‏وَقَعَ فِي مُسْلِم "" جِلْد أَحَدِهِمْ "" قَالَ الْقُرْطُبِيّ : مُرَادُهُ بِالْجِلْدِ وَاحِد الْجُلُود الَّتِي كَانُوا يَلْبَسُونَهَا وَحَمَلَهُ بَعْضهمْ عَلَى ظَاهِرِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ مِنْ الْإِصْرِ الَّذِي حَمَلُوهُ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَة أَبِي دَاوُد فَفِيهَا "" كَانَ إِذَا أَصَابَ جَسَد أَحَدِهِمْ "" لَكِنَّ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ صَرِيحَةٌ فِي الثِّيَابِ فَلَعَلَّ بَعْضهمْ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى. ‏ ‏قَوْله : ( قَرَضَهُ ) ‏ ‏أَيْ قَطَعَهُ. زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيّ بِالْمِقْرَاضِ , وَهُوَ يَدْفَعُ حَمْل مَنْ حَمَلَ الْقَرْضَ عَلَى الْغَسْلِ بِالْمَاءِ. ‏ ‏قَوْله : ( لَيْتَهُ أَمْسَكَ ) ‏ ‏لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ "" لَوَدِدْت أَنَّ صَاحِبَكُمْ لَا يُشَدِّدُ هَذَا التَّشْدِيد "" وَإِنَّمَا اِحْتَجَّ حُذَيْفَة بِهَذَا الْحَدِيثِ ; لِأَنَّ الْبَائِلَ عَنْ قِيَامٍ قَدْ يَتَعَرَّضُ لِلرَّشَاشِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّشْدِيدَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ لِمَالِكٍ فِي الرُّخْصَةِ فِي مِثْلِ رُءُوسِ الْإِبَرِ مِنْ الْبَوْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَمْ يَصِلْ إِلَى بَدَنِهِ مِنْهُ شَيْء وَإِلَى هَذَا أَشَارَ اِبْنُ حِبَّانَ فِي ذِكْرِ السَّبَبِ فِي قِيَامِهِ قَالَ : لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا يَصْلُحُ لِلْقُعُودِ فَقَامَ لِكَوْن الطَّرَف الَّذِي يَلِيه مِنْ السُّبَاطَةِ كَانَ عَالِيًا فَأَمِنَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْهِ شَيْء مِنْ بَوْلِهِ. وَقِيلَ : لِأَنَّ السُّبَاطَةَ رَخْوَة يَتَخَلَّلُهَا الْبَوْل فَلَا يَرْتَدُّ إِلَى الْبَائِلِ مِنْهُ شَيْء. وَقِيلَ إِنَّمَا بَالَ قَائِمًا ; لِأَنَّهَا حَالَةٌ يُؤْمَنُ مَعَهَا خُرُوج الرِّيحِ بِصَوْتٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ ; لِكَوْنِهِ قَرِيبًا مِنْ الدِّيَارِ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ "" الْبَوْل قَائِمًا أَحْصَنُ لِلدُّبُرِ "". وَقِيلَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَسْتَشْفِي لِوَجَع الصُّلْب بِذَلِكَ فَلَعَلَّهُ كَانَ بِهِ. وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ "" إِنَّمَا بَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا لِجُرْحٍ كَانَ فِي مَأْبِضِهِ "" وَالْمَأْبِضِ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا مُوَحَّدَة ثُمَّ مُعْجَمَة بَاطِن الرُّكْبَة فَكَأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ لِأَجْلِهِ مِنْ الْقُعُودِ وَلَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ لَكَانَ فِيهِ غِنًى عَنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ لَكِنْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْأَظْهَر أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِبَيَان الْجَوَاز وَكَانَ أَكْثَر أَحْوَالِهِ الْبَوْل عَنْ قُعُود وَاَللَّه أَعْلَمُ. وَسَلَكَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَابْن شَاهِين فِيهِ مَسْلَكًا آخَرَ فَزَعَمَا أَنَّ الْبَوْلَ عَنْ قِيَامٍ مَنْسُوخٌ , وَاسْتَدَلَّا عَلَيْهِ بِحَدِيثِ عَائِشَة الَّذِي قَدَّمْنَاهُ "" مَا بَالَ قَائِمًا مُنْذُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ "" وَبِحَدِيثِهَا أَيْضًا "" مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّهُ كَانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ , مَا كَانَ يَبُولُ إِلَّا قَاعِدًا "" وَالصَّوَاب أَنَّهُ غَيْرُ مَنْسُوخ وَالْجَوَاب عَنْ حَدِيثِ عَائِشَة إِلَى مُسْتَنَد إِلَى عِلْمِهَا فَيُحْمَلُ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي الْبُيُوتِ وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْبُيُوتِ فَلَمْ تَطَّلِعْ هِيَ عَلَيْهِ وَقَدْ حَفِظَهُ حُذَيْفَة وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَتَضَمَّنَ الرَّدَّ عَلَى مَا نَفَتْهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ بَعْدَ نُزُولِ الْقُرْآنِ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عُمَر وَعَلِيّ وَزَيْد بْن ثَابِت وَغَيْرهمْ أَنَّهُمْ بَالُوا قِيَامًا وَهُوَ دَالٌّ عَلَى الْجَوَازِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إِذَا أَمِنَ الرَّشَاشَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنْهُ شَيْء كَمَا بَيَّنْته فِي أَوَائِل شَرْحِ التِّرْمِذِيَّ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!