المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (217)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (217)]
حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَجِئْتُهُ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ
قَوْله : ( عَنْ أَبِي وَائِل ) وَلِأَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا وَائِل وَلِأَحْمَدَ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّان عَنْ الْأَعْمَشِ حَدَّثَنِي أَبُو وَائِل. قَوْله : ( سُبَاطَة قَوْم ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَة هِيَ الْمَزْبَلَةُ وَالْكُنَاسَةُ تَكُونُ بِفِنَاءِ الدُّورِ مِرْفَقًا لِأَهْلِهَا وَتَكُونُ فِي الْغَالِبِ سَهْلَة لَا يَرْتَدُّ فِيهَا الْبَوْل عَلَى الْبَائِلِ وَإِضَافَتهَا إِلَى الْقَوْمِ إِضَافَة اِخْتِصَاصٍ لَا مِلْكٍ ; لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ النَّجَاسَةِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ إِيرَاد مَنْ اسْتَشْكَلَهُ لِكَوْن الْبَوْل يُوهِي الْجِدَار فَفِيهِ إِضْرَار أَوْ نَقُولُ : إِنَّمَا بَالَ فَوْقَ السُّبَاطَةِ لَا فِي أَصْل الْجِدَار وَهُوَ صَرِيحُ رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَقِيلَ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ إِذْنهمْ فِي ذَلِكَ بِالتَّصْرِيحِ أَوْ غَيْره , أَوْ لِكَوْنِهِ مِمَّا يَتَسَامَحُ النَّاسُ بِهِ , أَوْ لِعِلْمِهِ بِإِيثَارِهِمْ إِيَّاهُ بِذَلِكَ , أَوْ لِكَوْنِهِ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ أُمَّتِهِ دُونَ غَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالهمْ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحَ الْمَعْنَى لَكِنْ لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ مِنْ سِيرَتِهِ وَمَكَارِم أَخْلَاقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَوْله : ( ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ ) زَاد مُسْلِم وَغَيْره مِنْ طُرُقٍ عَنْ الْأَعْمَشِ "" فَتَنَحَّيْت فَقَالَ : ادْنُهْ فَدَنَوْت حَتَّى قُمْت عِنْدَ عَقِبَيْهِ "" وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّان "" أَتَى سُبَاطَة قَوْم فَتَبَاعَدْت مِنْهُ فَأَدْنَانِي حَتَّى صِرْت قَرِيبًا مِنْ عَقِبَيْهِ فَبَالَ قَائِمًا وَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ "" وَكَذَا زَادَ مُسْلِم وَغَيْره فِيهِ ذِكْر الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَهُوَ ثَابِتٌ أَيْضًا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَغَيْره مِنْ طُرُقٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ , وَزَادَ عِيسَى بْن يُونُس فِيهِ عَنْ الْأَعْمَشِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ أَخْرَجَهُ ابْن عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَزَعَمَ فِي الِاسْتِذْكَارِ أَنَّ عِيسَى تَفَرَّدَ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ , فَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّد بْن طَلْحَة بْن مُصَرِّف عَنْ الْأَعْمَشِ كَذَلِكَ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيث عِصْمَة بْن مَالِك سَنَذْكُرُهُ بَعْدُ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ فِي الْحَضَرِ وَهُوَ ظَاهِر وَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ اِخْتَصَرَهُ لِتَفَرُّدِ الْأَعْمَشِ بِهِ فَقَدْ رَوَى اِبْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ أَنَّ عَاصِمًا رَوَاهُ لَهُ عَنْ أَبِي وَائِل عَنْ الْمُغِيرَةِ "" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى سُبَاطَة قَوْم فَبَالَ قَائِمًا "" قَالَ عَاصِم : وَهَذَا الْأَعْمَشُ يَرْوِيه عَنْ أَبِي وَائِل عَنْ حُذَيْفَةَ وَمَا حَفِظَهُ يَعْنِي أَنَّ رِوَايَتَهُ هِيَ الصَّوَاب. قَالَ شُعْبَة : فَسَأَلْتُ عَنْهُ مَنْصُورًا فَحَدَّثَنِيهِ عَنْ أَبِي وَائِل عَنْ حُذَيْفَةَ يَعْنِي كَمَا قَالَ الْأَعْمَش لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْمَسْحَ , فَقَدْ وَافَقَ مَنْصُورٌ الْأَعْمَشَ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ دُونَ الزِّيَادَةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ مُسْلِم إِلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ بَلْ ذَكَرَهَا فِي حَدِيثِ الْأَعْمَشِ ; لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ مِنْ حَافِظٍ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : حَدِيثُ أَبِي وَائِل عَنْ حُذَيْفَةَ أَصَحّ , يَعْنِي حَدِيثَهُ عَنْ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِنْ جَنَحَ اِبْن خُزَيْمَة إِلَى تَصْحِيحِ الرِّوَايَتَيْنِ لِكَوْن حَمَّاد بْن أَبِي سُلَيْمَان وَافَقَ عَاصِمًا عَلَى قَوْلِهِ عَنْ الْمُغِيرَةِ , فَجَازَ أَنْ يَكُونَ أَبُو وَائِل سَمِعَهُ مِنْهُمَا فَيَصِحُّ الْقَوْلَانِ مَعًا , لَكِنْ مِنْ حَيْثُ التَّرْجِيح رِوَايَة الْأَعْمَشِ وَمَنْصُور لِاتِّفَاقِهِمَا أَصَحّ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِم وَحَمَّاد لِكَوْنِهِمَا فِي حِفْظِهِمَا مَقَال.



