المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (201)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (201)]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَلْقَى السِّكِّينَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ
قَوْله : ( يَحْتَزّ ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّاي أَيْ : يَقْطَع , زَادَ فِي الْأَطْعِمَة مِنْ طَرِيق مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ "" يَأْكُل مِنْهَا "" وَفِي الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيق صَالِح عَنْ الزُّهْرِيّ "" يَأْكُل ذِرَاعًا يَحْتَزّ مِنْهَا "". قَوْله : ( فَأَلْقَى السِّكِّينَ ) زَادَ فِي الْأَطْعِمَة عَنْ أَبِي الْيَمَان عَنْ شُعَيْب عَنْ الزُّهْرِيّ "" فَأَلْقَاهَا وَالسِّكِّين "" , وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق عَبْد الْكَرِيم بْن الْهَيْثَم عَنْ أَبِي الْيَمَان فِي آخِر الْحَدِيث : قَالَ الزُّهْرِيّ : فَذَهَبَتْ تِلْكَ - أَيْ : الْقِصَّة - فِي النَّاس , ثُمَّ أَخْبَرَ رِجَال مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنِسَاء مِنْ أَزْوَاجه أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "" تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتْ النَّار "" قَالَ فَكَانَ الزُّهْرِيّ يَرَى أَنَّ الْأَمْر بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّار نَاسِخ لِأَحَادِيث الْبَاب ; لِأَنَّ الْإِبَاحَة سَابِقَة وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِحَدِيث جَابِر قَالَ "" كَانَ آخِر الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْك الْوُضُوء مِمَّا مَسَّتْ النَّار "" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَغَيْرهمَا وَصَحَّحَهُ ابْن خُزَيْمَة وَابْن حِبَّان وَغَيْرهمَا , لَكِنْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْره : إِنَّ الْمُرَاد بِالْأَمْرِ هُنَا الشَّأْن وَالْقِصَّة لَا مُقَابِل النَّهْي , وَأَنَّ هَذَا اللَّفْظ مُخْتَصَر مِنْ حَدِيث جَابِر الْمَشْهُور فِي قِصَّة الْمَرْأَة الَّتِي صَنَعَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاة فَأَكَلَ مِنْهَا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الظُّهْر ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا وَصَلَّى الْعَصْر وَلَمْ يَتَوَضَّأ , فَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون هَذِهِ الْقِصَّة وَقَعَتْ قَبْل الْأَمْر بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّار , وَأَنَّ وُضُوءَهُ لِصَلَاةِ الظُّهْر كَانَ عَنْ حَدَث لَا بِسَبَبِ الْأَكْل مِنْ الشَّاة. وَحَكَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُثْمَان الدَّارِمِيِّ أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا اِخْتَلَفَتْ أَحَادِيث الْبَاب وَلَمْ يَتَبَيَّن الرَّاجِح مِنْهَا نَظَرْنَا إِلَى مَا عَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاء الرَّاشِدُونَ بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَجَّحْنَا بِهِ أَحَد الْجَانِبَيْنِ , وَارْتَضَى النَّوَوِيّ هَذَا فِي شَرْح الْمُهَذَّب. وَبِهَذَا تَظْهَر حِكْمَة تَصْدِير الْبُخَارِيّ حَدِيث الْبَاب بِالْأَثَرِ الْمَنْقُول عَنْ الْخُلَفَاء الثَّلَاثَة , قَالَ النَّوَوِيّ : كَانَ الْخِلَاف فِيهِ مَعْرُوفًا بَيْن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ , ثُمَّ اِسْتَقَرَّ الْإِجْمَاع عَلَى أَنَّهُ لَا وُضُوء مِمَّا مَسَّتْ النَّار إِلَّا مَا تَقَدَّمَ اِسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ لُحُوم الْإِبِل. وَجَمَعَ الْخَطَّابِيُّ بِوَجْهٍ آخَر وَهُوَ أَنَّ أَحَادِيث الْأَمْر مَحْمُولَة عَلَى الِاسْتِحْبَاب لَا عَلَى الْوُجُوب , وَاَللَّه أَعْلَم. وَاسْتَدَلَّ الْبُخَارِيّ فِي الصَّلَاة بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ الْأَمْر بِتَقْدِيمِ الْعَشَاء عَلَى الصَّلَاة خَاصّ بِغَيْرِ الْإِمَام الرَّاتِب , وَعَلَى جَوَاز قَطْع اللَّحْم بِالسِّكِّينِ , وَفِي النَّهْي عَنْهُ حَدِيث ضَعِيف فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ فَإِنْ ثَبَتَ خُصَّ بِعَدَمِ الْحَاجَة الدَّاعِيَة إِلَى ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّه بِالْأَعَاجِمِ وَأَهْل التَّرَف , وَفِيهِ أَنَّ الشَّهَادَة عَلَى النَّفْي - إِذَا كَانَ مَحْصُورًا - تُقْبَل. ( فَائِدَة ) : لَيْسَ لِعَمْرِو بْن أُمَيَّة رِوَايَة فِي الْبُخَارِيّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيث وَاَلَّذِي مَضَى فِي الْمَسْح فَقَطْ.



