المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (198)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (198)]
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ وَتَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَمْرٍو قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَوْله : ( أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه ) هُوَ اِبْن الْمُبَارَك. قَوْله : ( عَنْ يَحْيَى ) لِأَحْمَد عَنْ أَبِي الْمُغِيرَة عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي يَحْيَى. قَوْله : ( عَلَى عِمَامَته وَخُفَّيْهِ ) هَكَذَا رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَهُوَ مَشْهُور عَنْهُ. وَأَسْقَطَ بَعْض الرُّوَاة عَنْهُ جَعْفَرًا مِنْ الْإِسْنَاد , وَهُوَ خَطَأ قَالَهُ أَبُو حَاتِم الرَّازِيُّ. قَوْله : ( وَتَابَعَهُ ) أَيْ : تَابَعَ الْأَوْزَاعِيَّ ( مَعْمَرٌ ) اِبْن رَاشِد فِي الْمَتْن لَا فِي الْإِسْنَاد , وَهَذَا هُوَ السَّبَب فِي سِيَاق الْمُصَنِّف الْإِسْنَاد ثَانِيًا لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَة مَعْمَر ذِكْر جَعْفَر , وَذَكَرَ أَبُو ذَرّ فِي رِوَايَته لَفْظ الْمَتْن وَهُوَ قَوْله "" يَمْسَح عَلَى عِمَامَته "" زَادَ الْكُشْمِيهَنِيّ "" وَخُفَّيْهِ "" وَسَقَطَ ذِكْر الْمَتْن مِنْ سَائِر الرِّوَايَات فِي الصَّحِيح , وَرَاوِيَة مَعْمَر قَدْ أَخْرَجَهَا عَبْد الرَّزَّاق فِي مُصَنَّفه عَنْ مَعْمَر بِدُونِ ذِكْر الْعِمَامَة , لَكِنْ أَخْرَجَهَا اِبْن مَنْدَهْ فِي كِتَاب الطَّهَارَة لَهُ مِنْ طَرِيق مَعْمَر بِإِثْبَاتِهَا , وَأَغْرَبَ الْأَصِيلِيّ فِيمَا حَكَاهُ اِبْن بَطَّال فَقَالَ : ذِكْر الْعِمَامَة فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ خَطَأ الْأَوْزَاعِيِّ ; لِأَنَّ شَيْبَانَ وَغَيْره رَوَوْهُ عَنْ يَحْيَى بِدُونِهَا , فَوَجَبَ تَغْلِيب رِوَايَة الْجَمَاعَة عَلَى الْوَاحِدَة , قَالَ : وَأَمَّا مُتَابَعَة مَعْمَر فَلَيْسَ فِيهَا ذِكْر الْعِمَامَة , وَهِيَ أَيْضًا مُرْسَلَة لِأَنَّ أَبَا سَلَمَة لَمْ يَسْمَع مِنْ عَمْرو. قُلْت : سَمَاع أَبِي سَلَمَة مِنْ عَمْرو مُمْكِن , فَإِنَّهُ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَة سِتِّينَ وَأَبُو سَلَمَة مَدَنِيّ وَلَمْ يُوصَف بِتَدْلِيسٍ , وَقَدْ سَمِعَ مِنْ خَلْق مَاتُوا قَبْل عَمْرو , وَقَدْ رَوَى بُكَيْر بْن الْأَشَجّ عَنْ أَبِي سَلَمَة أَنَّهُ أَرْسَلَ جَعْفَر بْنَ عَمْرو بْن أُمَيَّة إِلَى أَبِيهِ يَسْأَلهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيث , فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ بِهِ , فَلَا مَانِع أَنْ يَكُون أَبُو سَلَمَة اِجْتَمَعَ بِعَمْرٍو بَعْد فَسَمِعَهُ مِنْهُ , وَيُقَوِّيه تَوَفُّر دَوَاعِيهمْ عَلَى الِاجْتِمَاع فِي الْمَسْجِد النَّبَوِيّ , وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ اِبْن مَنْدَهْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق مَعْمَر بِإِثْبَاتِ ذِكْر الْعِمَامَة فِيهِ , وَعَلَى تَقْدِير تَفَرُّد الْأَوْزَاعِيّ بِذِكْرِهَا لَا يَسْتَلْزِم ذَلِكَ تَخْطِئَته ; لِأَنَّهَا تَكُون زِيَادَة مِنْ ثِقَة حَافِظ غَيْر مُنَافِيَة لِرِوَايَةِ رُفْقَته فَتُقْبَل , وَلَا تَكُون شَاذَّة , وَلَا مَعْنَى لِرَدِّ الرِّوَايَات الصَّحِيحَة بِهَذِهِ التَّعْلِيلَات الْوَاهِيَة. وَقَدْ اِخْتَلَفَ السَّلَف فِي مَعْنَى الْمَسْح عَلَى الْعِمَامَة فَقِيلَ : إِنَّهُ كَمَّلَ عَلَيْهَا بَعْد مَسْح النَّاصِيَة , وَقَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَة مُسْلِم بِمَا يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ , وَإِلَى عَدَم الِاقْتِصَار عَلَى الْمَسْح عَلَيْهَا ذَهَبَ الْجُمْهُور , وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : فَرَضَ اللَّه مَسْح الرَّأْس , وَالْحَدِيث فِي مَسْح الْعِمَامَة مُحْتَمِل لِلتَّأْوِيلِ , فَلَا يُتْرَك الْمُتَيَقَّن لِلْمُحْتَمَلِ. قَالَ : وَقِيَاسه عَلَى مَسْح الْخُفّ بَعِيد ; لِأَنَّهُ يَشُقّ نَزْعه بِخِلَافِهَا , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِينَ أَجَازُوا الِاقْتِصَار عَلَى مَسْح الْعِمَامَة شَرَطُوا فِيهِ الْمَشَقَّة فِي نَزْعهَا كَمَا فِي الْخُفّ , وَطَرِيقه أَنْ تَكُون مُحَنَّكَة كَعَمَائِم الْعَرَب , وَقَالُوا عُضْو يَسْقُط فَرْضه فِي التَّيَمُّم فَجَازَ الْمَسْح عَلَى حَائِله كَالْقَدَمَيْنِ , وَقَالُوا : الْآيَة لَا تَنْفِي ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا عِنْد مَنْ يَحْمِل الْمُشْتَرَك عَلَى حَقِيقَته وَمَجَازه لِأَنَّ مَنْ قَالَ قَبَّلْت رَأْس فُلَان يَصْدُق وَلَوْ كَانَ عَلَى حَائِل , وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ فِي رِوَايَة عَنْهُ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَالطَّبَرِيّ وَابْن خُزَيْمَةَ وَابْن الْمُنْذِر وَغَيْرهمْ , وَقَالَ اِبْن الْمُنْذِر : ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْر وَعُمَر , وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "" إِنْ يُطِعْ النَّاس أَبَا بَكْر وَعُمَر يَرْشُدُوا "". وَاَللَّه أَعْلَم.



