المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (195)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (195)]
حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ الْمِصْرِيُّ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ إِذَا حَدَّثَكَ شَيْئًا سَعْدٌ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعْدًا حَدَّثَهُ فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ نَحْوَهُ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا أَصْبَغ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَكَأَنَّ الْبُخَارِيّ اِخْتَارَ الرِّوَايَة عَنْهُ لِهَذَا الْحَدِيث لِقَوْلِهِ "" الْمَسْح عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَكَابِر أَصْحَابه فِي الْحَضَر أَثْبَت عِنْدنَا وَأَقْوَى مِنْ أَنْ نَتْبَع مَالِكًا عَلَى خِلَافه "". وَعَمْرو هُوَ اِبْن الْحَارِث , وَهُوَ وَمَنْ دُونه ثَلَاثَة مِصْرِيُّونَ , وَاَلَّذِينَ فَوْقه ثَلَاثَة مَدَنِيُّونَ , وَالْإِسْنَاد رِوَايَة تَابِعِيّ عَنْ تَابِعِيّ : أَبُو النَّضْر عَنْ أَبِي سَلَمَة , وَصَحَابِيّ عَنْ صَحَابِيّ. قَوْله : ( وَأَنَّ عَبْد اللَّه ) هُوَ مَعْطُوف عَلَى قَوْله عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر فَهُوَ مَوْصُول إِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى أَنَّ أَبَا سَلَمَة سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ عَبْد اللَّه وَإِلَّا فَأَبُو سَلَمَة لَمْ يُدْرِك الْقِصَّة , وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَد مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ أَبِي النَّضْر عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : "" رَأَيْت سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص يَمْسَح عَلَى خُفَّيْهِ بِالْعِرَاقِ حِين تَوَضَّأَ فَأَنْكَرْت ذَلِكَ عَلَيْهِ , فَلَمَّا اِجْتَمَعْنَا عِنْد عُمَر قَالَ لِي سَعْد : سَلْ أَبَاك "" فَذَكَرَ الْقِصَّة. وَرَوَاهُ اِبْن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيق أَيُّوب عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر نَحْوه وَفِيهِ أَنَّ عُمَر قَالَ "" كُنَّا وَنَحْنُ مَعَ نَبِيّنَا نَمْسَح عَلَى خِفَافنَا لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا "". قَوْله : ( فَلَا تَسْأَل عَنْهُ غَيْره ) أَيْ لِقُوَّةِ الْوُثُوق بِنَقْلِهِ , فَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الصِّفَات الْمُوجِبَة لِلتَّرْجِيحِ إِذَا اِجْتَمَعَتْ فِي الرَّاوِي كَانَتْ مِنْ جُمْلَة الْقَرَائِن الَّتِي إِذَا حَفَّتْ خَبَر الْوَاحِد قَامَتْ مَقَام الْأَشْخَاص الْمُتَعَدِّدَة , وَقَدْ يُفِيد الْعِلْم عِنْد الْبَعْض دُون الْبَعْض , وَعَلَى أَنَّ عُمَر كَانَ يَقْبَل خَبَر الْوَاحِد , وَمَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ التَّوَقُّف إِنَّمَا كَانَ عِنْد وُقُوع رِيبَة لَهُ فِي بَعْض الْمَوَاضِع , وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِتَفَاوُتِ رُتَب الْعَدَالَة وَدُخُول التَّرْجِيح فِي ذَلِكَ عِنْد التَّعَارُض , وَيُمْكِن إِبْدَاء الْفَارِق فِي ذَلِكَ بَيْن الرِّوَايَة وَالشَّهَادَة , وَفِيهِ تَعْظِيم عَظِيم مِنْ عُمَر لِسَعْدٍ , وَفِيهِ أَنَّ الصَّحَابِيّ الْقَدِيم الصُّحْبَة قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُور الْجَلِيَّة فِي الشَّرْع مَا يَطَّلِع عَلَيْهِ غَيْره ; لِأَنَّ اِبْن عُمَر أَنْكَرَ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ مَعَ قَدِيم صُحْبَته وَكَثْرَة رِوَايَته , وَقَدْ رَوَى قِصَّته مَالِك فِي الْمُوَطَّأ عَنْ نَافِع وَعَبْد اللَّه بْن دِينَار أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ "" أَنَّ اِبْن عُمَر قَدِمَ الْكُوفَة عَلَى سَعْد وَهُوَ أَمِيرهَا فَرَآهُ يَمْسَح عَلَى الْخُفَّيْنِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ سَعْد سَلْ أَبَاك "" فَذَكَرَ الْقِصَّة. وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون اِبْن عُمَر إِنَّمَا أَنْكَرَ الْمَسْح فِي الْحَضَر لَا فِي السَّفَر لِظَاهِرِ هَذِهِ الْقِصَّة , وَمَعَ ذَلِكَ فَالْفَائِدَة بِحَالِهَا. وَاَللَّه أَعْلَم قَوْله : ( وَقَالَ مُوسَى بْن عُقْبَة ) هَذَا التَّعْلِيق وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَغَيْره بِهَذَا الْإِسْنَاد , وَفِيهِ ثَلَاثَة مِنْ التَّابِعِينَ عَلَى الْوِلَاء أَوَّلهمْ مُوسَى , وَمُوسَى وَأَبُو النَّضْر قَرِينَانِ مَدَنِيَّانِ. قَوْله : ( أَنَّ سَعْدًا حَدَّثَهُ ) أَيْ : حَدَّثَ أَبَا سَلَمَة , وَالْمُحَدَّث بِهِ مَحْذُوف تَبَيَّنَ مِنْ الرِّوَايَة الْمَوْصُولَة أَنَّ لَفْظه "" أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ "". قَوْله : ( فَقَالَ ) هُوَ مَعْطُوف عَلَى الْمُقَدَّر. قَوْله : ( نَحْوه ) بِالنَّصْبِ لِأَنَّهُ مَقُول الْقَوْل , وَظَهَرَ أَنَّ قَوْل عُمَر فِي هَذِهِ الرِّوَايَة الْمُعَلَّقَة بِمَعْنَى الرِّوَايَة الَّتِي وَصَلَهَا الْمُؤَلِّف لَا بِلَفْظِهَا. وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ أَيْضًا مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ مُوسَى بْن عُقْبَة وَلَفْظه "" وَأَنَّ عُمَر قَالَ لِعَبْدِ اللَّه - أَيْ : اِبْنه كَأَنَّهُ يَلُومهُ - إِذَا حَدَّثَك سَعْد عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَبْتَغِ وَرَاء حَدِيثه شَيْئًا.



