المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (194)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (194)]
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ جَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ أَوْ كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ
قَوْله : ( اِبْن جَبْر ) بِفَتْحِ الْجِيم وَسُكُون الْمُوَحَّدَة , وَمَنْ قَالَهُ بِالتَّصْغِيرِ فَقَدْ صَحَّفَ ; لِأَنَّ اِبْن جُبَيْر وَهُوَ سَعِيد لَا رِوَايَة لَهُ عَنْ أَنَس فِي هَذَا الْكِتَاب , وَالرَّاوِي هُنَا هُوَ عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن جَبْر بْن عَتِيك الْأَنْصَارِيّ , وَقَدْ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي نُعَيْمٍ شَيْخ الْبُخَارِيّ قَالَ : حَدَّثَنَا مِسْعَر حَدَّثَنِي شَيْخ مِنْ الْأَنْصَار يُقَال لَهُ اِبْن جَبْر. وَفِي الْإِسْنَاد كُوفِيَّانِ أَبُو نُعَيْمٍ وَشَيْخه , وَبَصْرِيَّانِ أَنَس وَالرَّاوِي عَنْهُ. قَوْله : ( يَغْسِل ) أَيْ : جَسَده , وَالشَّكّ فِيهِ مِنْ الْبُخَارِيّ أَوْ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ لَمَّا حَدَّثَهُ بِهِ , فَقَدْ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي نُعَيْمٍ فَقَالَ "" يَغْتَسِل "" وَلَمْ يَشُكّ. قَوْله : ( بِالصَّاعِ ) هُوَ إِنَاء يَسَع خَمْسَة أَرْطَال وَثُلُثًا بِالْبَغْدَادِيِّ , وَقَالَ بَعْض الْحَنَفِيَّة ثَمَانِيَة. قَوْله : ( إِلَى خَمْسَة أَمْدَاد ) أَيْ كَانَ رُبَّمَا اِقْتَصَرَ عَلَى الصَّاع وَهُوَ أَرْبَعَة أَمْدَاد , وَرُبَّمَا زَادَ عَلَيْهَا إِلَى خَمْسَة , فَكَأَنَّ أَنَسًا لَمْ يَطَّلِع عَلَى أَنَّهُ اِسْتَعْمَلَ فِي الْغَسْل أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا النِّهَايَة , وَقَدْ رَوَى مُسْلِم مِنْ حَدِيث عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِل هِيَ وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاء وَاحِد هُوَ الْفَرَق , قَالَ اِبْن عُيَيْنَةَ وَالشَّافِعِيّ وَغَيْرهمَا : هُوَ ثَلَاثَة آصُع , وَرَوَى مُسْلِم أَيْضًا مِنْ حَدِيثهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِل مِنْ إِنَاء يَسَع ثَلَاثَة أَمْدَاد , فَهَذَا يَدُلّ عَلَى اِخْتِلَاف الْحَال فِي ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَة , وَفِيهِ رَدّ عَلَى مَنْ قَدَّرَ الْوُضُوء وَالْغُسْل بِمَا ذَكَرَ فِي حَدِيث الْبَاب كَابْنِ شَعْبَان مِنْ الْمَالِكِيَّة , وَكَذَا مَنْ قَالَ بِهِ مِنْ الْحَنَفِيَّة مَعَ مُخَالَفَتهمْ لَهُ فِي مِقْدَار الْمُدّ وَالصَّاع , وَحَمَلَهُ الْجُمْهُور عَلَى الِاسْتِحْبَاب لِأَنَّ أَكْثَر مَنْ قَدَّرَ وُضُوءَهُ وَغُسْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الصَّحَابَة قَدَّرَهُمَا بِذَلِكَ , فَفِي مُسْلِم عَنْ سَفِينَة مِثْله , وَلِأَحْمَد وَأَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْ جَابِر مِثْله , وَفِي الْبَاب عَنْ عَائِشَة وَأُمّ سَلَمَة وَابْن عَبَّاس وَابْن عُمَر وَغَيْرهمْ , وَهَذَا إِذَا لَمْ تَدْعُ الْحَاجَة إِلَى الزِّيَادَة , وَهُوَ أَيْضًا فِي حَقّ مَنْ يَكُون خَلْقه مُعْتَدِلًا , وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّف فِي أَوَّل كِتَاب الْوُضُوء بِقَوْلِهِ "" وَكَرِهَ أَهْل الْعِلْم الْإِسْرَاف فِيهِ وَأَنْ يُجَاوِزُوا فِعْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "".


