المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (161)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (161)]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا قَالَ وَمَا هِيَ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنْ الْأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا الْهِلَالَ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَمَّا الْأَرْكَانُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّ إِلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النَّعْلَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ
قَوْله : ( عُبَيْد بْن جُرَيْجٍ ) هُوَ مَدَنِيّ مَوْلَى بَنِي تَمِيم , وَلَيْسَ بَيْنه وَبَيْن اِبْن جُرَيْجٍ الْفَقِيه الْمَكِّيّ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّة نَسَب , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَة أَنَّ الْفَقِيه هُوَ عَبْد الْمَلِك بْن عَبْد الْعَزِيز بْن جُرَيْجٍ فَقَدْ يُظَنّ أَنَّ هَذَا عَمّه وَلَيْسَ كَذَلِكَ , وَهَذَا الْإِسْنَاد كُلّه مَدَنِيُّونَ , وَفِيهِ رِوَايَة الْأَقْرَان لِأَنَّ عُبَيْدًا وَسَعِيدًا تَابِعِيَّانِ مِنْ طَبَقَة وَاحِدَة. قَوْله : ( أَرْبَعًا ) أَيْ أَرْبَع خِصَال. قَوْله : ( لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابك ) أَيْ : أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُرَاد بَعْضهمْ , وَالظَّاهِر مِنْ السِّيَاق اِنْفِرَاد اِبْن عُمَر بِمَا ذُكِرَ دُون غَيْره مِمَّنْ رَآهُمْ عُبَيْد. وَقَالَ الْمَازِرِيّ : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مُرَاده لَا يَصْنَعهُنَّ غَيْرك مُجْتَمِعَة وَإِنْ كَانَ يَصْنَع بَعْضهَا. قَوْله : ( الْأَرْكَان ) أَيْ أَرْكَان الْكَعْبَة الْأَرْبَعَة , وَظَاهِره أَنَّ غَيْر اِبْن عُمَر مِنْ الصَّحَابَة الَّذِينَ رَآهُمْ عُبَيْد كَانُوا يَسْتَلِمُونَ الْأَرْكَان كُلّهَا , وَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْ مُعَاوِيَة وَابْن الزُّبَيْر , وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَة فِي الْحَجّ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. قَوْله : ( السِّبْتِيَّة ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة هِيَ الَّتِي لَا شَعْر فِيهَا , مُشْتَقَّة مِنْ السَّبْت وَهُوَ الْحَلْق قَالَهُ فِي التَّهْذِيب , وَقِيلَ : السِّبْت جِلْد الْبَقَر الْمَدْبُوغ بِالْقَرَظِ , وَقِيلَ بِالسُّبْتِ بِضَمِّ أَوَّله وَهُوَ نَبْت يُدْبَغ بِهِ قَالَهُ صَاحِب الْمُنْتَهَى , وَقَالَ الْهَرَوِيُّ : قِيلَ لَهَا سِبْتِيَّة لِأَنَّهَا اِنْسَبَتَتْ بِالدِّبَاغِ أَيْ : لَانَتْ بِهِ , يُقَال رَطْبَة مُنْسَبِتَة أَيْ : لَيِّنَة. قَوْله : ( تُصْبَغ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَة وَحُكِيَ فَتْحهَا وَكَسْرهَا , وَهَلْ الْمُرَاد صَبْغ الثَّوْب أَوْ الشَّعْر ؟ يَأْتِي الْكَلَام عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّف فِي كِتَاب اللِّبَاس إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. قَوْله : ( أَهَلَّ النَّاس ) أَيْ : رَفَعُوا أَصْوَاتهمْ بِالتَّلْبِيَةِ مِنْ أَوَّل ذِي الْحِجَّة. قَوْله : ( وَلَمْ تُهِلّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ ) وَلِمُسْلِمٍ حَتَّى يَكُون ( يَوْم التَّرْوِيَة ) أَيْ : الثَّامِن مِنْ ذِي الْحِجَّة , وَمُرَاده فَتُهِلّ أَنْتَ حِينَئِذٍ. وَتَبَيَّنَ مِنْ جَوَاب اِبْن عُمَر أَنَّهُ كَانَ لَا يُهِلّ حَتَّى يَرْكَب قَاصِدًا إِلَى مِنًى , وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَة أَيْضًا فِي الْحَجّ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. قَوْله : ( قَالَ عَبْد اللَّه ) أَيْ : اِبْن عُمَر مُجِيبًا لِعُبَيْدٍ. وَلِلْمُصَنِّفِ فِي اللِّبَاس "" فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّه بْن عُمَر "". قَوْله : ( الْيَمَانِيَيْنِ ) تَثْنِيَة يَمَان وَالْمُرَاد بِهِمَا الرُّكْن الْأَسْوَد وَاَلَّذِي يُسَامِتهُ مِنْ مُقَابَلَة الصَّفَا , وَقِيلَ لِلْأَسْوَدِ يَمَانٍ تَغْلِيبًا. قَوْله : ( فَإِنِّي أُحِبّ أَنْ أَصْبُغ ) ولِلْكُشْمِيهَنِيّ وَالْبَاقِينَ "" فَأَنَا أُحِبّ "" كَاَلَّتِي قَبْلهَا , وَسَيَأْتِي بَاقِي الْكَلَام عَلَى هَذَا الْحَدِيث فِي كِتَاب اللِّبَاس إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.