المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (148)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (148)]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ الْخَلَاءَ فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ تَابَعَهُ النَّضْرُ وَشَاذَانُ عَنْ شُعْبَةَ الْعَنَزَةُ عَصًا عَلَيْهِ زُجٌّ
قَوْله : ( سَمِعَ أَنَس بْن مَالِك ) أَيْ : "" أَنَّهُ سَمِعَ "" وَلَفْظَة "" أَنَّهُ "" تُحْذَف فِي الْخَطّ عُرْفًا. قَوْله : ( يَدْخُل الْخَلَاء ) الْمُرَاد بِهِ هُنَا الْفَضَاء لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى "" كَانَ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ "" وَلِقَرِينَةِ حَمْل الْعَنَزَة مَعَ الْمَاء فَإِنَّ الصَّلَاة إِلَيْهَا إِنَّمَا تَكُون حَيْثُ لَا سُتْرَة غَيْرهَا. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَخْلِيَة الَّتِي فِي الْبُيُوت كَانَ خِدْمَته فِيهَا مُتَعَلِّقَة بِأَهْلِهِ. وَفَهِمَ بَعْضهمْ مِنْ تَبْوِيب الْبُخَارِيّ أَنَّهَا كَانَتْ تُحْمَل لِيَسْتَتِر بِهَا عِنْد قَضَاء الْحَاجَة , وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّ ضَابِط السُّتْرَة فِي هَذَا مَا يَسْتُر الْأَسَافِل وَالْعَنَزَة لَيْسَتْ كَذَلِكَ. نَعَمْ يَحْتَمِل أَنْ يَرْكُزهَا أَمَامه وَيَضَع عَلَيْهَا الثَّوْب السَّاتِر , أَوْ يَرْكَزُهَا بِجَنْبِهِ لِتَكُونَ إِشَارَة إِلَى مَنْع مَنْ يَرُوم الْمُرُور بِقُرْبِهِ , أَوْ تُحْمَل لِنَبْشِ الْأَرْض الصُّلْبَة , أَوْ لِمَنْعِ مَا يَعْرِض مِنْ هَوَامّ الْأَرْض , لِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعُد عِنْد قَضَاء الْحَاجَة , أَوْ تُحْمَل لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا اِسْتَنْجَى تَوَضَّأَ , وَإِذَا تَوَضَّأَ صَلَّى , وَهَذَا أَظْهَر الْأَوْجُه , وَسَيَأْتِي التَّبْوِيب عَلَى الْعَنَزَة فِي سُتْرَة الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاة. وَاسْتَدَلَّ الْبُخَارِيّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى غَسْل الْبَوْل كَمَا سَيَأْتِي. وَفِيهِ جَوَاز اِسْتِخْدَام الْأَحْرَار - خُصُوصًا إِذَا أُرْصِدُوا لِذَلِكَ - لِيَحْصُل لَهُمْ التَّمَرُّن عَلَى التَّوَاضُع. وَفِيهِ أَنَّ فِي خِدْمَة الْعَالِم شَرَفًا لِلْمُتَعَلِّمِ ; لِكَوْنِ أَبِي الدَّرْدَاء مَدَحَ اِبْن مَسْعُود بِذَلِكَ. وَفِيهِ حُجَّة عَلَى اِبْن حَبِيب حَيْثُ مَنَعَ الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ لِأَنَّهُ مَطْعُوم لِأَنَّ مَاء الْمَدِينَة كَانَ عَذْبَا. وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضهمْ عَلَى اِسْتِحْبَاب التَّوَضُّؤ مِنْ الْأَوَانِي دُون الْأَنْهَار وَالْبِرَك , وَلَا يَسْتَقِيم إِلَّا لَوْ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ الْأَنْهَار وَالْبِرَك فَعَدَلَ عَنْهَا إِلَى الْأَوَانِي. قَوْله : ( تَابَعَهُ النَّضْر ) أَيْ : اِبْن شُمَيْلٍ , تَابَعَ مُحَمَّدَ بْن جَعْفَر , وَحَدِيثه مَوْصُول عِنْد النَّسَائِيِّ. قَوْله : ( وَشَاذَان ) أَيْ : الْأَسْوَد بْن عَامِر وَحَدِيثه عِنْد الْمُصَنِّف فِي الصَّلَاة وَلَفْظه "" وَمَعَنَا عُكَّازَة أَوْ عَصًا أَوْ عَنَزَة "" وَالظَّاهِر أَنَّ "" أَوْ "" شَكّ مِنْ الرَّاوِي لِتَوَافُقِ الرِّوَايَات عَلَى ذِكْر الْعَنَزَة وَاللَّهُ أَعْلَم. وَجَمِيع الرُّوَاة الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْأَبْوَاب الثَّلَاثَة بَصْرِيُّونَ.