المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (139)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (139)]
حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ تَابَعَهُ ابْنُ عَرْعَرَةَ عَنْ شُعْبَةَ وَقَالَ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ إِذَا أَتَى الْخَلَاءَ وَقَالَ مُوسَى عَنْ حَمَّادٍ إِذَا دَخَلَ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ
قَوْله : ( الْخُبْث ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَة وَالْمُوَحَّدَة كَذَا فِي الرِّوَايَة , وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : إِنَّهُ لَا يَجُوز غَيْره , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَجُوز إِسْكَان الْمُوَحَّدَة كَمَا فِي نَظَائِره مِمَّا جَاءَ عَلَى هَذَا الْوَجْه كَكُتُبٍ وَكُتْب , قَالَ النَّوَوِيّ : وَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْمَعْرِفَة بِأَنَّ الْبَاء هُنَا سَاكِنَة مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدَة , إِلَّا أَنْ يُقَال إِنَّ تَرْك التَّخْفِيف أَوْلَى لِئَلَّا يَشْتَبِه بِالْمَصْدَرِ , وَالْخُبْث جَمْع خَبِيث وَالْخَبَائِث جَمْع خَبِيثَة , يُرِيد ذُكْرَان الشَّيَاطِين وَإِنَاثهمْ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَابْن حِبَّان وَغَيْرهمَا , وَوَقَعَ فِي نُسْخَة اِبْن عَسَاكِر : قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه - يَعْنِي الْبُخَارِيّ - وَيُقَال الْخُبْث أَيْ بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَة , فَإِنْ كَانَتْ مُخَفَّفَة عَنْ الْحَرَكَة فَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهه , وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْمُفْرَد فَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ : الْمَكْرُوه , قَالَ : فَإِنْ كَانَ مِنْ الْكَلَام فَهُوَ الشَّتْم , وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِلَل فَهُوَ الْكُفْر , وَإِنْ كَانَ مِنْ الطَّعَام فَهُوَ الْحَرَام , وَإِنْ كَانَ مِنْ الشَّرَاب فَهُوَ الضَّارّ , وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَاد بِالْخَبَائِثِ الْمَعَاصِي أَوْ مُطْلَق الْأَفْعَال الْمَذْمُومَة لِيَحْصُل التَّنَاسُب ; وَلِهَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَغَيْره "" أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ الْخُبْث وَالْخَبِيث "" أَوْ "" الْخُبْث وَالْخَبَائِث "" هَكَذَا عَلَى الشَّكّ , الْأَوَّل بِالْإِسْكَانِ مَعَ الْإِفْرَاد , وَالثَّانِي بِالتَّحْرِيكِ مَعَ الْجَمْع , أَيْ : مِنْ الشَّيْء الْمَكْرُوه وَمِنْ الشَّيْء الْمَذْمُوم , أَوْ مِنْ ذُكْرَان الشَّيَاطِين وَإِنَاثهمْ. وَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذ إِظْهَارًا لِلْعُبُودِيَّةِ , وَيَجْهَر بِهَا لِلتَّعْلِيمِ. وَقَدْ رَوَى الْعُمَرِيُّ هَذَا الْحَدِيث مِنْ طَرِيق عَبْد الْعَزِيز بْن الْمُخْتَار عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن صُهَيْب بِلَفْظِ الْأَمْر قَالَ : "" إِذَا دَخَلْتُمْ الْخَلَاء فَقُولُوا : بِسْمِ اللَّه , أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ الْخُبْث وَالْخَبَائِث "" وَإِسْنَاده عَلَى شَرْط مُسْلِم , وَفِيهِ زِيَادَة التَّسْمِيَة وَلَمْ أَرَهَا فِي غَيْر هَذِهِ الرِّوَايَة. قَوْله : ( تَابَعَهُ اِبْن عَرْعَرَة ) اِسْمه مُحَمَّد , وَحَدِيثه عِنْد الْمُصَنِّف فِي الدَّعَوَات. قَوْله. ( وَقَالَ غُنْدَر ) هَذَا التَّعْلِيق وَصَلَهُ الْبَزَّار فِي مُسْنَده عَنْ مُحَمَّد بْن بَشَّار بُنْدَار عَنْ غُنْدَر بِلَفْظِهِ , وَرَوَاهُ أَحْمَد بْن حَنْبَل عَنْ غُنْدَر بِلَفْظِ إِذَا دَخَلَ. قَوْله : ( وَقَالَ مُوسَى ) هُوَ اِبْن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِيّ. قَوْله : ( عَنْ حَمَّاد ) هُوَ اِبْن سَلَمَة يَعْنِي عَبْد الْعَزِيز بْن صُهَيْب , وَطَرِيق مُوسَى هَذِهِ وَصَلَهَا الْبَيْهَقِيّ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور. قَوْله : ( وَقَالَ سَعِيد بْن زَيْد ) هُوَ أَخُو حَمَّاد بْن زَيْد , وَرِوَايَته هَذِهِ وَصَلَهَا الْمُؤَلِّف فِي الْأَدَب الْمُفْرَد قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَان حَدَّثَنَا سَعِيد بْن زَيْد حَدَّثَنَا عَبْد الْعَزِيز بْن صُهَيْب قَالَ : حَدَّثَنِي أَنَس قَالَ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُل الْخَلَاء قَالَ.. فَذَكَرَ مِثْل حَدِيث الْبَاب , وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَة تَبْيِين الْمُرَاد مِنْ قَوْله : "" إِذَا دَخَلَ الْخَلَاء "" أَيْ : كَانَ يَقُول هَذَا الذِّكْر عِنْد إِرَادَة الدُّخُول لَا بَعْده. وَاَللَّه أَعْلَم. وَهَذَا فِي الْأَمْكِنَة الْمُعَدَّة لِذَلِكَ بِقَرِينَةِ الدُّخُول , وَلِهَذَا قَالَ اِبْن بَطَّال. رِوَايَة "" إِذَا أَتَى "" أَعَمّ لِشُمُولِهَا اِنْتَهَى. وَالْكَلَام هُنَا فِي مَقَامَيْنِ : أَحَدهمَا هَلْ يَخْتَصّ هَذَا الذِّكْر بِالْأَمْكِنَةِ الْمُعَدَّة لِذَلِكَ لِكَوْنِهَا تَحْضُرهَا الشَّيَاطِين كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيث زَيْد بْن أَرْقَم فِي السُّنَن , أَوْ يَشْمَل حَتَّى لَوْ بَال فِي إِنَاء مَثَلًا فِي جَانِب الْبَيْت ؟ الْأَصَحّ الثَّانِي مَا لَمْ يَشْرَع فِي قَضَاء الْحَاجَة. الثَّانِي مَتَى يَقُول ذَلِكَ ؟ فَمَنْ يَكْرَه ذِكْر اللَّه فِي تِلْكَ الْحَالَة يُفَصِّل : أَمَّا فِي الْأَمْكِنَة الْمُعَدَّة لِذَلِكَ فَيَقُولهُ قُبَيْل دُخُولهَا , وَأَمَّا فِي غَيْرهَا فَيَقُولهُ فِي أَوَّل الشُّرُوع كَتَشْمِيرِ ثِيَابه مَثَلًا وَهَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور , وَقَالُوا فِيمَنْ نَسِيَ : يَسْتَعِيذ بِقَلْبِهِ لَا بِلِسَانِهِ. وَمَنْ يُجِيز مُطْلَقًا كَمَا نُقِلَ عَنْ مَالِك لَا يَحْتَاج إِلَى تَفْصِيل. ( تَنْبِيه ) : سَعِيد بْن زَيْد الَّذِي أَتَى بِالرِّوَايَةِ الْمُبَيِّنَة صَدُوق تَكَلَّمَ بَعْضهمْ فِي حِفْظه , وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيّ غَيْر هَذَا الْمَوْضِع الْمُعَلَّق , لَكِنْ لَمْ يَنْفَرِد بِهَذَا اللَّفْظ , فَقَدْ رَوَاهُ مُسَدَّد عَنْ عَبْد الْوَارِث عَنْ عَبْد الْعَزِيز مِثْله , وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقه وَهُوَ عَلَى شَرْط الْبُخَارِيّ.