المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (137)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (137)]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ بِلَالٍ يَعْنِي سُلَيْمَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَقَ ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَجَعَلَ بِهَا هَكَذَا أَضَافَهَا إِلَى يَدِهِ الْأُخْرَى فَغَسَلَ بِهِمَا وَجْهَهُ ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ الْيُمْنَى ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ الْيُسْرَى ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَرَشَّ عَلَى رِجْلِهِ الْيُمْنَى حَتَّى غَسَلَهَا ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً أُخْرَى فَغَسَلَ بِهَا رِجْلَهُ يَعْنِي الْيُسْرَى ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحِيم ) هُوَ أَبُو يَحْيَى الْمَعْرُوف بِصَاعِقَةَ. وَكَانَ أَحَد الْحُفَّاظ , وَهُوَ مِنْ صِغَار شُيُوخ الْبُخَارِيّ مِنْ حَيْثُ الْإِسْنَاد , وَشَيْخه مَنْصُور كَانَ أَحَد الْحُفَّاظ أَيْضًا , وَقَدْ أَدْرَكَهُ الْبُخَارِيّ لَكِنَّهُ لَمْ يَلْقَهُ. وَفِي الْإِسْنَاد رِوَايَة تَابِعِيّ عَنْ تَابِعِيّ : زَيْد عَنْ عَطَاء. قَوْله : ( أَنَّهُ تَوَضَّأَ ) زَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي أَوَّله مِنْ طَرِيق هِشَام بْن سَعْد عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ "" أَتُحِبُّونَ أَنْ أُرِيكُمْ كَيْف كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأ ؟ فَدَعَا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاء "". وَلِلنَّسَائِيّ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن عَجْلَان عَنْ زَيْد فِي أَوَّل الْحَدِيث "" تَوَضَّأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَرَفَ غَرْفَة "". قَوْله : ( فَغَسَلَ وَجْهه ) الْفَاء تَفْصِيلِيَّة لِأَنَّهَا دَاخِلَة بَيْن الْمُجْمَل وَالْمُفَصَّل. قَوْله : ( أَخْذ غَرْفَة ) وَهُوَ بَيَان الْغَسْل وَظَاهِره أَنَّ الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق مِنْ جُمْلَة غَسْل الْوَجْه ; لَكِنَّ الْمُرَاد بِالْوَجْهِ أَوَّلًا مَا هُوَ أَعَمّ مِنْ الْمَفْرُوض وَالْمَسْنُون ; بِدَلِيلِ أَنَّهُ أَعَادَ ذِكْره ثَانِيًا بَعْد ذِكْر الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق بِغَرْفَةٍ مُسْتَقِلَّة , وَفِيهِ دَلِيل الْجَمْع بَيْن الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق بِغَرْفَةٍ وَاحِدَة وَغَسْل الْوَجْه بِالْيَدَيْنِ جَمِيعًا إِذَا كَانَ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَة لِأَنَّ الْيَد الْوَاحِدَة قَدْ لَا تَسْتَوْعِبهُ. قَوْله : ( أَضَافَهَا ) بَيَان لِقَوْلِهِ فَجَعَلَ بِهَا هَكَذَا. قَوْله : ( فَغَسَلَ بِهَا ) أَيْ : بِالْغَرْفَةِ. وَلِلْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَة "" فَغَسَلَ بِهِمَا "" أَيْ بِالْيَدَيْنِ. قَوْله : ( ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ) لَمْ يَذْكُر لَهَا غَرْفَة مُسْتَقِلَّة , فَقَدْ يَتَمَسَّك بِهِ مَنْ يَقُول بِطَهُورِيَّةِ الْمَاء الْمُسْتَعْمَل , لَكِنْ فِي رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ "" ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَة مِنْ الْمَاء , ثُمَّ نَفَضَ يَده , ثُمَّ مَسَحَ رَأْسه "" زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق عَبْد الْعَزِيز الدَّرَاوَرْدِيّ عَنْ زَيْد "" وَأُذُنَيْهِ مَرَّة وَاحِدَة "" وَمِنْ طَرِيق اِبْن عَجْلَان "" بَاطِنهمَا بِالسَّبَّاحَتَيْنِ وَظَاهِرهمَا بِإِبْهَامَيْهِ "" وَزَادَ اِبْن خُزَيْمَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْه "" وَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ فِيهِمَا "". قَوْله : ( فَرَشَّ ) أَيْ : سَكَبَ الْمَاء قَلِيلًا قَلِيلًا إِلَى أَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ مُسَمَّى الْغَسْل. قَوْله : ( حَتَّى غَسَلَهَا ) صَرِيح فِي أَنَّهُ لَمْ يَكْتَفِ بِالرَّشِّ , وَأَمَّا مَا وَقَعَ عِنْد أَبِي دَاوُدَ وَالْحَاكِم "" فَرَشَّ عَلَى رِجْله الْيُمْنَى وَفِيهَا النَّعْل , ثُمَّ مَسَحَهَا بِيَدَيْهِ يَد فَوْق الْقَدَم وَيَد تَحْت النَّعْل "" فَالْمُرَاد بِالْمَسْحِ تَسْيِيل الْمَاء حَتَّى يَسْتَوْعِب الْعُضْو , وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَوَضَّأ فِي النَّعْل كَمَا سَيَأْتِي عِنْد الْمُصَنِّف مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر , وَأَمَّا قَوْله : "" تَحْت النَّعْل "" : فَإِنْ لَمْ يُحْمَل عَلَى التَّجَوُّز عَنْ الْقَدَم وَإِلَّا فَهِيَ رِوَايَة شَاذَّة وَرَاوِيهَا هِشَام بْن سَعْد لَا يُحْتَجّ بِمَا تَفَرَّدَ بِهِ فَكَيْف إِذَا خَالَفَ. قَوْله : ( فَغَسَلَ بِهَا رِجْله يَعْنِي الْيُسْرَى ) قَائِل : "" يَعْنِي "" هُوَ زَيْد بْن أَسْلَمَ أَوْ مَنْ دُونه , وَاسْتَدَلَّ اِبْن بَطَّال بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ الْمَاء الْمُسْتَعْمَل طَهُور ; لِأَنَّ الْعُضْو إِذَا غُسِلَ مَرَّة وَاحِدَة فَإِنَّ الْمَاء الَّذِي يَبْقَى فِي الْيَد مِنْهَا يُلَاقِي مَاء الْعُضْو الَّذِي يَلِيه. وَأَيْضًا فَالْغَرْفَة تُلَاقِي أَوَّل جُزْء مِنْ أَجْزَاء كُلّ عُضْو فَيَصِير مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَاء مَا دَامَ مُتَّصِلًا بِالْيَدِ مَثَلًا لَا يُسَمَّى مُسْتَعْمَلًا حَتَّى يَنْفَصِل , وَفِي الْجَوَاب بَحْث. ( تَنْبِيه ) : ذَكَرَ اِبْن التِّين أَنَّهُ رَوَاهُ بِلَفْظِ "" فَعَلَّ بِهَا رِجْله "" بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة وَاللَّام الْمُشَدَّدَة قَالَ : فَلَعَلَّهُ جَعَلَ الرِّجْلَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْعُضْو الْوَاحِد فَعَدَّ الْغَسْلَة الثَّانِيَة تَكْرِيرًا لِأَنَّ الْعَلّ هُوَ الشُّرْب الثَّانِي اِنْتَهَى , وَهُوَ تَكَلُّف ظَاهِر , وَالْحَقّ أَنَّهَا تَصْحِيف.